كرة القدم التركية.. كثيرٌ من السياسة وقليلٌ من الرياضة!

لا تشكل كرة القدم في تركيا مجرد رياضة تنافسية عادية، إنما يدخل في صلبها الكثير من العنف والسياسة، كما المواقف العنصرية وشؤون قانونية. في 22 كانون الأول/ديسمبر 2023 مثلاً، قام رئيس نادي "أنقرة-غوجو" باعتداء عنيف على حكم مباراة يدعى "خليل ميلير" مباشرة على الهواء، ما استدعى نقل الأخير إلى المستشفى وتعليق الدوري التركي. 

يرعى إتحاد كرة القدم التركي شؤون تلك الرياضة، ويسعى إلى تطوير المنافسة والنوادي، فيما تتدخل السلطات في معظم شؤونها، ولا تمر فترة زمنية إلا وتظهر نبرة عنصرية في الملاعب، أكان مصدرها الجمهور أو اللاعبون أنفسهم، أو حتى أحياناً الحكام. ففي رياضة كرة القدم التركية الكثير من تلك المواقف، وتتخطى بنسبتها وتكرار عددها تلك التي تجري رحاها في الأراضي الأوروبية ومنافسات دوري أبطال أوروبا أو كأس العالم.

في التاسع من كانون الأول/ديسمبر 2020، خرج لاعبو فريقي “باريس سان جيرمان” الفرنسي و”ميديبول باشاكشهير” التركي من أرض الملعب بعد توجيه أحد حكام مباراتهما ملاحظات عنصرية بحق مساعد مدرب الفريق التركي “بيار ويبو” صاحب البشرة السوداء. عنصرية الحكم أدت إلى تأجيل المباراة بعد إنسحاب اللاعبين، لتعود وتستكمل في اليوم التالي.

وعلى الرغم من إقامتها في فرنسا، إلا أن هذه الحادثة بالذات سلّطت الضوء على العنصرية في رياضة كرة القدم التركية، وهي ظاهرة تكرّرت وبأساليب جد غريبة في السنوات الماضية، من دون أن يقوم إتحاد كرة القدم التركي بفعل الكثير لكبح جماح تلك التصرفات، وسط إزدهار السياسة وتدخل الأحزاب في شؤون الرياضة الأكثر شهرة في تركيا، حتى أن رئيس الإتحاد “محمد بيوكيكشي” أقاله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مؤخراً على خلفية الإشكال الكروي ـ السياسي الذي حصل مع السعودية، بسبب إلغاء مبارة “كأس السوبر” التركية بين ناديي “غالاتا سراي” و”فنربختشة” على أرض الرياض.

والجدير ذكره أن “محمد بيوكيكشي” مقرّبٌ من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، تماماً كما كان سلفه “نيهات أوزدمير”، وهو رجل أعمال مقرب من الحزب نفسه، فيما كان سلفه “يلدريم أوزدمير” من رجال الأعمال الشركاء لأصهرة أردوغان وحزبه في مجال الإعلام، وغالباً ما أعلن تأييده للحزب الحاكم ورئيسه قبل كل انتخابات عامة.

لمعظم نوادي كرة القدم التركية قواعد شعبية ذات ميول سياسية واضحة. إن أكثرية مشجعي نادي “أضنة سبور” هم من اليساريين، فيما يتمتع فريق “كاراغمروك” بقاعدة شعبية إسلامية محافِظة، بينما لمعظم مشجعي نادي “باشاكشهير” ميول مؤيدة لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم

الأهمية السياسية لكرة القدم

تأخذ كرة القدم في تركيا أهميتها كونها من أشهر الرياضات إنتشاراً في المجتمع. إلا أن تلك الرياضة تحمل في طياتها أهمية أبعد من حماسة جمهور عريض لها أو مهارات تكتيكية، من هنا أو هناك، للمدربين واللاعبين.

وعدا الأرباح المادية الضخمة المرتبطة بها، تحمل كرة القدم التركية بالنسبة إلى الأتراك أبعاداً سياسية وتعبيراً عن إنتماء يوازي في بعض الأحيان الإنتماء القومي أو الوطني. بداية، يشتهر إردوغان، بحبه لتلك الرياضة وممارستها دائماً. فقبل دخوله المعترك السياسي، كان الرجل لاعباً شبه محترف لكرة القدم في نوادي الدرجة الثالثة، وذلك قبل انخراطه في الأحزاب الإسلامية في ثمانينيات القرن الماضي.

ومع وصوله إلى الحكم، أعطى إردوغان لتلك الرياضة المزيد من الأهمية، وبات يشارك، أحياناً، بمباريات تشجيعية مع سياسيين وإعلاميين ومشاهير من عالم الفن، فضلاً عن تسهيل أعمال إشادة الملاعب أو المساهمة المادية والمعنوية في دعم الفرق الرياضية التركية التي تتنافس خارج البلاد.

في السياسة كذلك، وقبل كل انتخابات محلية، بلدية أو برلمانية أو رئاسية تركية، يحدث أن يخطب الساسة ود الأندية وروابط مشجعيها طمعاً بأصواتهم الإنتخابية. يتعدى الأمر في تركيا جلوس المرشحين على مدرجات الملاعب بين الرسميين، ويصل إلى حد تقديم أموال وهبات لهم، وزيارات رسمية إلى مراكز روابط الجماهير وملاعب التدريب ودعمهم إعلامياً ومعنوياً.

دبلوماسية “الفوتبول”!

في تركيا مفهوم خاص يسمى “دبلوماسية كرة القدم”، وهو مفهوم إرتبط باستخدام تلك الرياضة لتحقيق مكاسب سياسية. بدأ الأمر عام 2008، يوم أرادت كل من تركيا وأرمينيا ربط النزاع فيما بينهما، والدخول في مفاوضات دبلوماسية تؤدي إلى إعادة افتتاح السفارات في أنقرة ويريفان، والترويج للمصالحة شعبياً. في ذلك العام، شاركت كل من تركيا وأرمينيا في مباراة ضمن تصفيات كأس العالم في العاصمة الأرمينية، وحضرها كل من الرئيس التركي عبدالله غول والرئيس الأرمني سيرج سركيسيان.

وبرغم فشل المفاوضات عام 2009 بين الطرفين، إلا أن “ديبلوماسية كرة القدم” باتت موجودة في تركيا، وتستخدم لتكون إطاراً يُكرّس المصالحات عبر جمعه بين عائلات متصارعة أو قرى متقاتلة، وهو أمر بات يتكرر في تركيا وخاصة في الأرياف البعيدة عن المدن.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أشكال أخرى من النشاط الكروي المتعلق بالسياسة، كمشاركة روابط المشجعين بالمظاهرات السياسية المطلبية في أكثر من مناسبة، وهذا ما جرى عام 2013، خلال مظاهرات منتزه “غيزي”، عبر رفد الحركة الشعبية المعارِضة وقتذاك بالكثير من المتظاهرين الذين أتوا بإسم روابطهم الرياضية وحملوا أعلامها وشعاراتها.

رجال ونساء وكرة قدم

تطال رياضة كرة القدم التركية مجمل قطاعات المجتمع، ولها مشجعيها من كافة الأعمار والفئات والطبقات الاجتماعية وحتى الهويات الجندرية. فعلى عكس حال كرة القدم في البلاد العربية تحديداً، تُبدي المرأة التركية اهتماماً كبيراً بهذه الرياضة، وتتابعها مثل الرجل. صحيح أن دوري كرة القدم للنساء التركيات لا يلقى اهتماماً شعبياً كحال دوري الرجال، إلا أن المشجعات يشاركنّ بكثافة في حضور مباريات الرجال. لهذا الأمر رمزية كبيرة في تركيا، حيث يمنع إتحاد كرة القدم الرجال الذين تتجاوز أعمارهم الـ12 سنة من مشاهدة المباريات أحياناً إن تسبب المشجّعون بمشاكل أو مارسوا العنف، ولكنه لا يمنع النساء من الحضور. في الكثير من الأحيان، تمتلئ المدرجات بالمشجعات فقط، دون أن يؤثر ذلك على قدرة الأندية على ملء مدرجاتها كاملة (ومعظمها يتسع لجمهور بين 40 و 80 ألفاً) إن غاب الرجال عن المباريات تبعاً لصدور قرارات عقابية بحقهم.

تسييس كرة القدم التركية

لمعظم نوادي كرة القدم التركية قواعد شعبية ذات ميول سياسية واضحة. إن أكثرية مشجعي نادي “أضنة سبور” هم من اليساريين، فيما يتمتع فريق “كاراغمروك” بقاعدة شعبية إسلامية محافِظة، بينما لمعظم مشجعي نادي “باشاكشهير” ميول مؤيدة لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم. لا تختلف هوية مشجعي الأندية تبعاً للهويات السياسية العامة فقط، إنما الطبقية كذلك. إذ يرى معظم مشجعي نادي “بيشيكتاش” أنفسهم بأنهم “من أبناء العامة”، على عكس حال مشجعي نادي “غالاتا سراي” المرتبطين بالنخب الغنية والمتعلمة في تركيا.

وأبعد من الانتماءات السياسية للنوادي واللاعبين، تبرز الاستفادة المادية من كرة القدم كدافع أساسي للتدخل السياسي في هذه الرياضة. وعليه، اعتمد البرلمان التركي القانون رقم 6222 لتنظيم بيع تذاكر مباريات كرة القدم، وأوكل إلى “الإتحاد” مراقبة سير عمل نظام (Passolig) ليتمكن أي كان من مشاهدة المباريات. فلكل تركي أراد مشاهدة مباراة من على مدرجات الملعب الحصول على تذكرة إلكترونية تخوله ذلك، ولا يمكنه شراء أي تذكرة على شباك تذاكر الملاعب. هذا النظام المعروف بالـpassolig يملكه بنك “أكتيف” الذي هو جزء من شركة “شاليك القابضة” التي يرأس مجلس إدارتها صهر الرئيس التركي، بيرات البيرق، وله فيها الكثير من الأسهم. إن حصرية بيع كامل التذاكر لكامل مباريات كرة القدم على كامل الأراضي التركية منذ تاريخ اعتماد هذا النظام عام 2014 وحتى اليوم لا شك أنه أردف شركة صهر أردوغان بأرباح طائلة.

إقرأ على موقع 180  فلسطينيو 48 يشطبون الخط الأخضر.. والمعادلات

النوادي فريسة السياسة والسياسيين

اشتهر حزب “العدالة والتنمية” ببناء الكثير من البنى التحتية في تركيا في السنوات العشرين الأخيرة. تبرز الملاعب الرياضية الضخمة واحدة من هذه المشاريع التي يهدف الحكم إلى إعمارها، بحيث تدخل الحكومة مع بعض النوادي الرياضية الكبيرة بمشاريع مشتركة لبناء ملاعب حديثة وكبيرة الحجم. ومنذ وصول الحزب إلى السلطة وحتى اليوم، تم بناء 30 ملعباً رياضياً على الأقل، وأسند إعمارها لرجال أعمال وشركات تدور في فلك الحزب الحاكم. كما تم إدخال الفرق الرياضية في ديون كبيرة نتيجة هذه المشاريع، والتي تنتهي، بالعادة، إلى إقرار السلطات خططاً مالية إنقاذية للنوادي، الأمر الذي يفضي إلى وقوع النوادي فريسة السياسيين والسلطة التي لولاها لخسرت النوادي كامل قدراتها المالية.. وإمكانية الاستمرار.

من ناحية أخرى، تتمتع محطة “ليغ Tv” التركية بحق حصري في نقل كافة مباريات الأدوار المحلية، ولها حق بيعها كلها أو بعضها إلى المحطات الأخرى. إلا أن هذه المحطة عمدت، في مناسبات عديدة، إلى إسكات أصوات المشجعين الغاضبين من السلطة، من خلال عدم تصوير شعاراتهم وإزالة أصوات أهازيجهم عن أثير الشاشة.

لا بد من إبعاد السياسة عن الرياضة، وترك اللاعبين وكرة القدم في شأنهم بعيداً عن طموحات رجال الأعمال أو السياسة، وهو طموح صعب التحقيق.. فعدا سيطرة السلطة السياسية التركية على معظم مفاصل التأثير فيها؛ يبرز دور الممولين وأيضاً المشجعين كفاعلين سياسيين يدمجون الرياضة بالشعارات والانتماءات السياسية

العنصرية في الملاعب التركية

وتشهد الملاعب التركية على الكثير من الأحداث ذات الخلفية العنصرية، أو على تعابير تستخدم بحق لاعبين تبعاً لعِرقهم أو لون بشرتهم، فيما بعضها تخطى بقبحها أكثر التعابير والتصرفات العنصرية التي شهدتها ملاعب كرة القدم في العالم.

غالباً ما تطلق أهازيج وتعابير عنصرية بحق لاعبي “نادي دياربكر” ذات الأغلبية الكردية، ويتم وصفهم، من مختلف الجماهير الأخرى، بأنهم إرهابيون ويدعمون “حزب العمال الكردستاني” المصنف في القانون التركي كمنظمة إرهابية. يطلق مشجعو الفرق التي تلعب ضد “نادي دياربكر” صيحات عنصرية مثل “أطردوا الأكراد. هذه تركيا وليست كردستان”. فيما تتم ملاحقة لاعبين أتراكاً من أصول كردية في حال دفاعهم عن الأقلية الكردية بتهمة “الترويج لمنظمة إرهابية”، وفي حالات أخرى تم منع حضور مشجعين لنوادٍ محددة لأسابيع طويلة بسبب حملهم لافتة مكتوب عليها “نعم لإنهاء العنف في المنطقة. نعم لوقف قتل الأطفال الذين يجب أن يشاهدوا المباريات”، قاصدين بذلك حملة الجيش التركي على عناصر “العمال الكردستاني” في المناطق ذات الأغلبية الكردية.

بالإضافة إلى ذلك، أجبرت الحكومة وإتحاد كرة القدم التركي بعض النوادي على تغيير أسمائها إن كان فيها أي دلالة على الهوية الكردية، أو ارتباط مع مكان له رمزية في الوجدان الكردي.

أمثلة أخرى عن كمية ونوعية العنصرية في كرة القدم التركية تلخصها هذه الأمثلة. فقد ترك اللاعب الإنكليزي “كيفن كامبل” نادي “طرابزون” عام 1999 بعدما وصفه مدربه التركي “محمد علي يلماز” بـ”آكل لحوم البشر”، في دلالة عنصرية على أصوله الأفريقية.

وفي واحدة من أغرب التصرفات وقاحة وعنصرية في تاريخ كرة القدم التركية والعالمية ربما، عمد بعض المشجعين الأتراك، عام 2013، إلى النظر إلى لاعب نادي “غالاتا سراي” (ديديية دروغبا) والتلويح له بفاكهة الموز مقلدين تصرفات القرود، قاصدين أن لون بشرته السوداء تتشابه مع لون القرود. لم تتم معاقبة أي من المشجعين، على الرغم من أخذ هذا الحدث الكثير من الجدل في الإعلامين التركي والعالمي.

ويعتبر المحامي المتخصص في قانون الرياضة “ميرت ياسار” أن “الحوادث العنصرية المرتبطة بالمدربين، اللاعبين والمشجعين هي مشكلة مألوفة على مر السنوات، فيما يتمكن العديد من المسؤولين من الإفلات التام من العقاب لأن الاتحادات والمدعين العامين أخفقوا في فرض غرامات أو فتح تحقيقات”، فيما يرى الكاتب الصحافي “إبراهيم ألتينساي” بأن “نهاية العنصرية في الملاعب التركية مجرد وهم”!

نحو ثقافة أكثر تسامحاً

إن معظم العبارات والتصرفات العنصرية تبدو، في الحالة التركية، موجهة نحو هويتين: الأقلية الكردية، واللاعبين من ذوي البشرة السوداء. ترتبط العنصرية تجاه الأقلية الكردية بعنصرية موجودة أصلاً في المجتمع، وتظهر في المباريات، وهي نتيجة أزمة سياسية وثقافية كثيرة التعقيد، عميقة الخلفية التاريخية، وقاسية في دمويتها. أما العنصرية تجاه ذوي أصحاب البشرة السوداء، فتبدو نتيجة سوء إعلام وإدارة وثقافة تركية رسمية. أصحاب البشرة السوداء صاروا أسرى صورة نمطية قاسية في الإعلام التركي، أكان في الأفلام أم في الروايات أم حتى في الأغاني.

وعلى الرغم من وجود قوانين تركية تلاحق مطلقي التعبيرات العنصرية، وقوانين أخرى متعلقة بالرياضة ورافضة للتصرفات العنصرية، إلا أن أياً منها لا يطبق، إلا في حالات نادرة، وتحديداً إن قام الأكراد بأي تصريح عنصري تجاه القومية التركية. تُبرّر الحكومة واتحاد كرة القدم هذا الأمر بصعوبة معرفة الفاعلين، وعدم إمكانية القيام بشيء عند إطلاق عشرات الآلاف من المشجعين لشعارات عنصرية في وقت واحد.

ومن المؤكد أن ضبط التعبيرات والتصرفات العنصرية في الملاعب أمر ضروري، إلا أن استخدام القوانين لتحقيق ذلك قد لا يؤدي إلى نجاح مؤكد. بينما المشكلة الحقيقية ليست في الملاعب بقدر ما هي في المدارس ومحطات التلفزة والتصاريح السياسية والثقافة التركية العامة والقومية التي ترى الآخر المختلف عنها في مكان متدنٍ مقارنة معها.

إن تمظهر العنصرية في الملاعب هو نتيجة للثقافة العامة، وليس وليدة الصدفة أو عصبية المشجعين الآنية، ومعالجتها تكون أولاً خارج الملاعب، عبر خلق ثقافة تركية أكثر تسامحاً مع الآخر. هذا بالإضافة إلى إبعاد السياسة عن الرياضة، وترك اللاعبين وكرة القدم في شأنهم بعيداً عن طموحات رجال الأعمال أو السياسة، وهو طموح صعب التحقيق ذلك أن هذه اللعبة تبدو مُسيّسة بشكل واضح.. وعدا سيطرة السلطة السياسية التركية على معظم مفاصل التأثير فيها؛ يبرز دور الممولين وأيضاً المشجعين كفاعلين سياسيين يدمجون الرياضة بالشعارات والانتماءات السياسية.. والتعبيرات العنصرية أحياناً.

Print Friendly, PDF & Email
تركيا ـ جو حمورة

كاتب لبناني متخصص في الشؤون التركية

Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  أسماؤنا إن تركتنا.. وصرنا "ضحايا الزلزال"!