آل سلمان يحكمون سيطرتهم على أرامكو.. تمهيدا لبيعها

Avatar18020/09/2019
ينعقد في العاصمة الاماراتية ابو ظبي اجتماع  لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) والدول الشريكة لها، يوم الخميس  في 12 أيلول/سبتمبر الحالي، للبحث في استراتيجية المنظمة (تخفيض الإنتاج ورفع الأسعار). نجم الجلسة سيكون وزير النفط السعودي الجديد المعين حديثاً بأمر ملكي. فهل يعكس التبديل في المناصب، تغييرا في الإستراتيجية؟

أمام والده الملك سلمان، واخيه غير الشقيق ولي العهد محمد بن سلمان، ادى وزير النفط السعودي الجديد عبد العزيز بن سلمان القسم، ليتسلم مهامه كأول وزير طاقة من العائلة المالكة السعودية يتبوأ هذا المنصب، وذلك بعد أيام على اقالة سلفه خالد الفالح من منصبه، وهو الاقتصادي المخضرم الذي ترأس الحقيبة الاهم في المملكة على مدى ثلاث سنوات قبل أن يتم إقصاؤه، في ظل انخفاض اسعار النفط وسياسة خفض الانتاج التي تنتهجها الرياض لتحقيق التوازن في السوق العالمية.

قد لا يعكس هذا التغيير الوزاري، مثيلاً له على صعيد السياسات الإستراتيجية النفطية للسعودية. بل قد يكون استكمالا لسيطرة ابناء سلمان بن عبد العزيز على مفاصل السلطة، وإن كان من باب الحديث عن عدم رضى الديوان الملكي على أداء الفالح.

ويقول بوب ماكنالي رئيس مؤسسة “رابيدان انرجي غروب” لوكالة بلومبرغ المالية “لا اتوقع اي تغيير كبير في سياسة الانتاج السعودية الحالية”، وهو رأي يؤيده فيه وزير النفط الاماراتي سهيل المزروعي الذي يقول لتلفزيون بلومبرغ “ان تغيير الوزراء امر يحدث لكنه لا يعني تغييرا في الإستراتيجيات”. أما التعبير الاوضح عن هذا الثبات فقد صدر عن الوزير السعودي نفسه، اذا أعلن من أبو ظبي على هامش مشاركته في مؤتمر للطاقة، استعدادا لاجتماع منظمة اوبك الخميس المقبل، أنه لن يكون ثمة تغيير جذري في سياسة النفط السعودية التي تستند إلى اعتبارات استراتيجية من بينها الاحتياطيات واستهلاك الطاقة، مؤكدا أن بلاده ستظل تعمل مع منتجين آخرين لتحقيق التوازن في السوق، وأن اتفاق تقليص الإمدادات الذي تقوده أوبك سيظل قائما بإرادة الجميع، وأن تحالف أوبك باق لفترة طويلة.

وأورد موقع “بلومبيرغ نيوز” أن مسؤولين سعوديين تواصلوا مع عدد من العائلات السعودية الثرية، من أجل شراء حصص في شركة أرامكو في حال تم طرح أسهمها في السوق العامة.

ويشير الموقع إلى أن المملكة تهدف إلى تحصيل نسبة تتراوح بين واحد وإثنين في المئة لأرامكو من هؤلاء المستثمرين السعوديين، بعدما أدت عملية الريتز في العام 2017 إلى دفع عدد من المليارديرات للتفكير بتحويل جزء من ثرواتهم إلى الخارج، إذ تمكن ولي العهد من إلزام البنوك في السعودية والإمارات على المس بودائع الموقوفين وتحصيل مستحقات منهم إعتبرها مشروعة من وجهة نظره.

ويكشف التقرير عن أن بعض العائلات الثرية التي طلب منها المساهمة كانت من بين الذين اعتقل أفرادها في فندق ريتز كارلتون في الرياض.

ويشير الموقع إلى أن ولي العهد يقود عملية الطرح العام لشركة أرامكو، التي يعتقد أن قيمتها تريليونا دولار، مع أن المحللين يرون أن قيمتها 1.5 تريليون دولار.

ويختم “بلومبيرغ نيوز” تقريره بالإشارة إلى أنه تم تأجيل خطة الطرح العام في السنة الماضية للتركيز على امتلاك حصص شركة “سابك” للبتروكيماويات، ويشير إلى أنه مع تسارع عملية الطرح فإن المملكة عزلت خالد الفالح من إدارتها، ومن ثم أعفته من منصبه وزيرا للطاقة.
ويأتي عبد العزيز بن سلمان الى ملعب يجيد المناورة فيه. هو يكبر شقيقه محمد بن سلمان بنحو 25 عاما، كما أنه يجيد اللغات الأجنبية ويعتبر من هواة السينما وخاصة السينما الفرنسية، وقد تولى مناصب عدة في وزارة النفط والثروة المعدنية، على مدى ثلاثة عقود، وكان له دور بارز في وضع اول استراتيجية لمنظمة اوبك في مؤتمرها الوزاري عام 2005. وهو يوصف بأنه ذو شخصية قوية عندما يتعلق الامر بالسوق، اذ شهدت اسعار النفط ارتفاعاً فور الاعلان عن تعيينه في منصبه.

عبد العزيز إستعاد تأثيره في العائلة حيث أوكلت إليه مهمة التفاوض مع الكويت على إعادة حقول النفط المشتركة وإقناع الولايات المتحدة ببيع التكنولوجيا النووية للسعودية

وبحسب تقارير صحافية، فإن الأمير عبد العزيز حصل على درجة الماجستير في الإدارة من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في مدينة الظهران عام 1985، وبدأ بحضور اجتماعات أرامكو عام 1987، بصفته مستشارا في وزارة النفط، وعين في عام 1995 نائبا لوزير النفط علي النعيمي، وظل اسمه يتردد بصفته مرشحا لخلافة النعيمي، إلا أن الاختيار وقع على الفالح عام 2016.

ويورد تقرير لجريدة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مقربين من عبد العزيز أن الأمير عبد العزيز استعاد تأثيره في العائلة، حيث أوكلت إليه مهمة التفاوض مع الكويت على إعادة حقول النفط المشتركة، وإقناع الولايات المتحدة ببيع التكنولوجيا النووية للسعودية.

لماذا أقصي خالد الفالح من منصبه؟

تذهب التأويلات الى القول إن السبب الابرز هو الإخفاق في خصخصة 5 بالمئة من شركة أرامكو عملاق النفط السعودي، وهو ما كان مقدرا ان يدخل الى خزينة المملكة 100 مليار دولار، لسد العجز في الخزينة الذي سجل ارقاما قياسية في السنوات الاخيرة بسبب الإنفاق العسكري الذي تعاظم بعد حرب اليمن.

إقرأ على موقع 180  القمة الخليجية: تميم يرفع شارة النصر!

السعودية تستعد حاليا لطرح اسهم من أرامكو للاكتتاب العام، وهي استبقت خطوة استبعاد الفالح عن رأس وزارة النفط باستبعاده ايضاً عن رأس أرامكو فاستبدلته بياسر بن عثمان الرميان، الذي كان يتولى الامانة لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، إثر فصل وزارة الطاقة عن الصناعة والثروة المعدنية، وهي خطوة تمهد لتغييرات هيكلية في بنية أرامكو إستعدادا لطرح الإكتتاب.

غير أن محاولة رمي المسؤولية على الفالح غير مقنعة لجمهور المستثمرين وصناع القرار، فمشهد فندق الريتز عام 2017 وما نتج عنه من توقيفات ولد قناعة لدى هؤلاء بأن لا حوافز ولا معايير مؤسساتية، وخاصة قانونية، تشجع أي مستثمر على الإستثمار في السعودية وبالتالي إستمراريته وديمومة عمله، بل أن هذه المنظومة بكاملها محكومة بمزاجية فرد من افراد عائلة تحكم أكبر بلد مصدر للنفط في العالم.

وقد نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الإثنين، تقريرا، تتحدث فيه عن أن ولي العهد “سيطر على الاقتصاد السعودي بتعيين أخيه وزيرا للطاقة، بعدما كان يجري تجنب ذلك سابقا مخافة أن يعزز ذلك سيطرة أحد فروع العائلة الحاكمة على السلطة.

ونقلت الصحيفة عن مدير شركة “قمر إنيرجي” في دبي، الخبير البترولي روبن ميلز، قوله إن التغيير في قطاع الطاقة في المملكة يأتي بعد سيطرة ولي العهد على أجهزة الدولة، من وزارة الدفاع إلى الحرس الوطني، مستدركة بأن ابن سلمان ظل منذ صعود والده إلى السلطة عام 2015 يقاوم الرغبة في ترك بصماته على الوزارة التي تحدد أسعار النفط العالمي.

ويفيد التقرير بأن ولي العهد يحاول رفع أسعار النفط، التي أثرت على أداء الاقتصاد السعودي وخططه إصلاحه، مشيرا إلى أن مشروعه يهدف لتطوير قطاعات غير نفطية، مثل السياحة والفنادق والترفيه، وخلق فرص عمل من أجل تقليل اعتماد المملكة على النفط.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول سعودي، قوله: “الجميع افترض أن ولي العهد سيحافظ على القاعدة القديمة، ويقوم بإبعاد العائلة المالكة عن قطاع النفط”، والتزم ولي العهد بهذه القاعدة، فأنزل رتبة أخيه من نائب لوزير الطاقة إلى وزير دولة لشؤون الطاقة عام 2017.

وفي مقال نشره في موقع “أويل برايس”، بعنوان “صراع صامت على السلطة”، يقول الكاتب سيرل ويدرشوفين، إن “ولي العهد السعودي يعد الاكتتاب العام في أرامكو حجر الزاوية في حكمه، وكان يحاول في السنوات الماضية الحصول على دعم قوي لخطته، فالمحافظون داخل حاشية العائلة المالكة، خاصة الديوان الملكي الذي يمثل مركز الاستشارة الرئيسي للملك، يعارضون مع شركة أرامكو ووزارة الطاقة التعجل في طرح أسهم من الشركة في السوق المالية، وانتشرت شائعات حول تحذير الفالح وغيره لولي العهد وطلبهم منه إعادة النظر في العملية أو أهدافها، وظلت الخلافات تحت السيطرة من جانب القيادة السعودية.

ويرى الكاتب أن “التعديلات الجديدة في أرامكو ووزارة الطاقة والمناصب الحكومية المهمة ومراكز القوة مثل الصندوق السيادي وتعيين فهد العيسى رئيسا للديوان الملكي ومازن الكهموس مديرا لمكافحة الفساد، هي كلها إشارات على تزايد قوة محمد بن سلمان”.

يبقى السؤال، هل ينجح محمد بن سلمان في إستقطاب مستثمرين سعوديين، رغما عنهم، بعدما أخفق في إغراء المستثمرين الأجانب بعد حادثتي الريتز وتصفية الصحافي جمال خاشقجي؟

(وول ستريت جورنال، موقع بلومبرغ نيوز، عربي 21، 180)

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  أميركا من كييف إلى غزّة.. من "المستنقع" إلى "الطوفان"!