إذا وافتني المَنيّةُ غداً
لا تُهيلوا عليَّ التُرابَ ولا تَردِموني
امنحوا جمرةَ قلبي لذة الانطفاءِ على مهلْ
مَددوني تحت شجرة التين
هُناك خلفَ ممر الورود
وارخوا يَدِيْ على جذعها
واتركوا لحمي يجفُ
كما الطير
يموتُ يابساً على غُصنِ الحياة
اتركوا لي منفَذاً
يأتيني برائحةِ الخُبزِ في الضُحى
وبثغاءِ الأغنامِ عند المغيب
اذكروا لي ضحكةً صافية
واتركوا الكلاب تُمرّرُ لسانها على وجنتي
لعلّي أحسُ بجوع الآخر إليَ مرةً
لعلّي..
إذا وافتني المنية غداً
لا تقرأوا الفاتحة على قبري
ولا تترحموا عليّ
اقرأوا عليّ أخبار بلادي
وترحموا على ما ماتَ من ضحكتها
مُرّوا عليّ سُكارى
وقولوا شيئاً عن “حيفا”،
عن “عكا”، هل عادت؟
حدثوني عن حُزن “جبل عامل”
وعن صوت البُكاء في “وهران”
وحشرجة الدمع في عيونِ “ثلاء”
ارسُموا لي مركباً صغيراً من مراكِب “أبي الخصيب”
وبيتاً أبيضَ من بيوت “سيدي بوسعيد”
حِنّوا على عظامي بسياجٍ من دَحنون “رحاب”
ومُروا على عروقي واقرأوا عليها من آيات تلك البلاد
البلاد التي ما أسعفني العُمرُ أن أسمعَ ضحكة الريحِ في ليلها
مُرّوا على عروقي ليلاً
وبلّلوها بشيءٍ من رائحة “الشام”
إذا ما وافتني المنية غداً.
(*) اللوحتان للفنانة الفلسطينية ميسون الرنتيسي