ملاحظات برسم المركز التربوي على “السياسة اللغوية، الورقة المُقلَّصة”

"السياسة اللغوية، الورقة المقلَّصة"، إعداد لجنة السياسة اللغوية، في المركز التربوي للبحوث والإنماء، الصادرة في ٢٥/ ٣/ ٢٠٢٥، هي، كما تقول البروفسورة هيام إسحق، رئيسة المركز التربوي، إحدى "الأوراق الأساسية المساندة للإطار الوطني اللبناني، لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي، التي لا بدَّ من وضعها كمنارة هداية لكل من سيعمل، في كتابة المناهج، وتأليف الكتب المدرسية، فيما بعد" (ص ٣).

قرأت هذه الورقة/ المنارة، وكانت لي الملاحظات الاَتية عليها:

  • الهدف من هذه الورقة، كما جاء فيها، هو وضع سياسة لغوية وطنية ترعى “التنوُّع اللغوي الذي يميز لبنان عبر التاريخ”، في حين ينبغي أن يكون الهدف وضع سياسة لغوية وطنية تنبثق من القانون اللبناني الذي يقرر تعلُّم اللغة العربية، بوصفها اللغة الوطنية الرسمية، وتعلُّم لغات أخرى، وهذا لا يعني وجود “التنوُّع اللغوي”، الدالّ على وجود جماعات/ أو شعوب متنوِّعة اللغات.

ولا يفوتني أن أشير إلى التعبير اللغوي الخطأ، وهو “يميز لبنان عبر التاريخ”، فكيف نتحدث عن الماضي بفعل يدلُّ على الحاضر؟ وكان يمكن القول: ميَّز لبنان عبر التاريخ، ولا يزال يميِّزه، وسوف أشير إلى الأخطاء اللغوية، في ما أقتبسه بكتابته بحرف أسود، ثم أتحدث عمَّا تحتويه هذه الورقة، من أخطاء لغوية وشكلية، في الفقرة الأخيرة من فقرات هذه الملاحظات.

  • تفيد قراءة هذه الورقة أنَّ سياسة الدولة اللبنانية اللغوية تنبثق، أوَّلاً، من سياسة الدولة التربوية المقرَّة بقوانين، في شأن تعلُّم اللغة العربية، بوصفها اللغة الوطنية الرسمية، وتعلُّم لغات أخرى، وثانياً، مما جاء في الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام، ما قبل الجامعي، من تشديد على أهمية اللغة الأم ودورها في التلاحم المجتمعي، وعلى أهمية اللغات في التعلم، وذلك لأن اللغة ليست مادة تعلُّم وتعليم فحسب، “بل [كذا] هي في أساس تكوين شخصية المتعلِّم وتطوُّرها”. التخطيط اللغوي ينفذ هذه السياسة، ويحرص “على أن يُحفظ للغة الوطنية الجامعة موقعها الخاص، وأنَّ العملية ذاتها، تستدعي التبصر” (ص ١٩).

-“يعتمد لبنان سياسة لغوية تدخُّلية التزاماً منه بالحفاظ على مكانة العربية، لغته الوطنية الرسمية، وبالتحفيز على تعلمها وعدم الإعفاء منها، والتمكُّن منها مشافهة وكتابة” (ص ١٩).

-تتعدّد السياسات اللغوية القائمة في العالم، منها هذه السياسة التدخُّلية، ومنها السياسة ذات التوجه الليبرالي، التي ترى أن “تترك الدولة دينامية التنافس مفتوحة أمام الجماعات اللغوية كي تقوم بدورها في عملية الاختيار” (ص ٩).

السؤال الذي يُطرح، هنا، هو: هل يُطبَّق القانون الذي تنبثق منه السياسة اللغوية؟ وهل تطبَّق سياسة التدخُّل، للحفاظ على مكانة اللغة الوطنية الرسمية، وتكون في لبنان جماعة لغوية وطنية واحدة، أو تطبَّق السياسة ذات التوجه الليبرالي، فنكون إزاء جماعات لغوية؟

في الإجابة عن هذين السؤالين، نرى، كما جاء، في هذه الورقة، أنَّ السياسة اللغوية، المنبثقة من القانون، وذات التوجه التدخلي، بمعناها الواسع،  لها صفة ملزمة تقضي بتعميم استخدام اللغة الرسمية الجامعة، في الأنشطة والمعاملات كافة، وبضرورة أن يقتصر تحرير الوثائق الرسمية والمذكرات والسجلات والمحاضر والعقود واللافتات وأسماء الشركات وبراءات الاختراع والإعلانات التجارية بأشكالها المتنوعة على لغة الدولة الرسمية” (ص ٨).

لكن الواقع المجتمعي يفيد سوى ذلك تماماً، فالذاهب من بيروت إلى طرابلس، على سبيل المثال، لا يرى، إن تلفَّت إلى جانبيه، إلا لافتات وأسماء شركات أجنبية، والمواطن اللبناني يتلقى الرسائل من المصارف والشركات والمؤسسات بالأجنبية، والمثال الواضح هو أن اسماء شركات الهاتف الرسمي هي أسماء أجنبية: أوجيرو، ألفا، تاتش، وهذا يعني أننا في مجتمع “جماعات لغوية”، يُترك لكلِّ جماعة أن تستخدم اللغة التي ترتئيها، وهذا مناقض للقانون وملغٍ لهوية الوطن.

أمَّا السياسة اللغوية التربوية، المعتمدة في المدارس، ولا سيما في المدارس الخاصة، فتحتاج إلى دراسات ميدانية لمعرفة ما إذا كانت تطبِّق القانون والتوجه التدخلي، لكنني أعرف طلاباً في عدد كبير من المدارس ينظرون إلى اللغة العربية نظرة دونية، ولا يطالعون قصصاً وروايات عربية، مهما تقدم لهم من إغراءات، ما يعني أننا إزاء فقد اللغة العربية موقعها ودورها، بوصفها مكوِّناً أساساً من مكوِّنات الهوية الوطنية. أمَّا في المدارس الرسمية، فمعظمها في حالٍ يرثى لها.

  • جاء، في مقدمة وزير التربية والتعليم العالي السابق، القاضي عباس الحلبي، بعد التحدُّث عن اكتمال المناهج وتهنئة اللبنانيين والمركز التربوي بها: “ونسعى باستمرار لإيجاد الدعم المالي، والدعم بالخبرات، لتطبيقها، من الجهات الدولية المتقدمة والمانحة”.

السؤال الذي يُطرح، هنا، هو: لماذا السعي إلى “هذين الدَّعْمين”، في هذا الشأن التربوي الوطني، الذي يكوِّن شخصية المواطن اللبناني لعدة أجيال قادمة؟ هل “الجهات الدولية المتقدمة والمانحة” جمعيات خيرية، لتقدِّم المال والخبرات مجاناً؟ ألا يمكن تأمين المال من ميزانية الدولة؟ ألا يوجد أصحاب خبرات في المجتمع اللبناني؟ ثم يمكن باتباع سياسة مالية رشيدة في مؤسسات الدولة تأمين المال اللازم، وأفضِّل عدم التفصيل في هذا الشأن، لأن واقع المؤسسات الحكومية اللبنانية معروف، ويمكن كذلك، بالابتعاد عن سياسة “التنفيعات” والعلاقات السياسية والعامة، استقطاب أصحاب الخبرات، والحديث، في هذا الشأن يطول. ولا أبعد سؤالاً يلحُّ عليَّ، وهو: كيف يُعدّ مواطن لبناني ببرامج تدعمها جهات ليست جمعيات خيرية؟

  • وما دمنا، في الحديث عن واقع “المركز التربوي”، سأقدم مثالاً دالاًَّ مأخوذاً من هذه الورقة، مع أني أملك أمثلة كثيرة دالَّة مثله، وهذا المثال هو: “تحليل لغوي لمدوَّنة، من كتاب العلوم للصف الثالث الأساسي”، فقد أظهر التحليل المعجمي النحوي، ما يأتي:
  • ١. صعوبة المعجم.
  • ٢. صعوبة التراكيب النحوية.
  • ٣. التشتت والتوزع… وخلص التحليل إلى القول: “إن اللغة المستعملة، في هذا الكتاب المدرسي، هي أعلى بكثير من قدرة متعلِّمي الصف الثالث الأساسي في لبنان…”(ص ١٦و١٧). السؤال الذي يُطرح، هنا، هو: لماذا يحدث هذا؟ هل تنقص المركز الخبرات؟ الجواب: لا. فهذه الورقة تفيد بوجود ما يزيد على ٣٥ خبيراً يحمل كل منهم لقب بروفيسور، أو دكتور، أسهموا في إعدادها، كما أن رئيسة المركز ذكرت أن فريق عمل مكوَّن مما يزيد على مئة وعشرين مختصا في الميادين التربوية المختلفة قام بإعداد الأوراق الأساسية (ص ٣ و٤ و٥). يخطر لي هنا سؤال: لماذا لم يكلَّف خبير تربوي لغوي مختص حصيف بمراجعة هذا الكتاب؟ ثم ألا يوجد مثل هذا الخبير في المركز الذي يستطيع حشد العدد الذي ذكرناه قبل قليل، للعمل فيه؟
  • السؤال الذي يُطرح، هنا، هو: هل يتمكن هذا المركز، وقد قدمنا أنموذجاً عن قدراته، من وضع سياسة لغوية، في الوضع اللغوي اللبناني الذي تبيَّن لمعدِّي هذه الورقة أنًّه “مركَّب ومتعدِّد ومتنوّع”، ويوجد فيه قصور في امتلاك كلٍّ من اللغة العربية واللغات الأجنبية، بوظائفها المختلفة، و”يستند هذا التوصيف السلبي إلى الصعوبة التي يجدها معظم المتعلمين في التعلّم بالعربية الفصحى، مقابل ارتياحهم للتواصل بالمحكية، وقربهم منها في الوسط العائلي والاجتماعي، وميلهم إلى التداول باللغة الأجنبية”؟

تنطلق هذه الورقة من تشخيص الواقع اللغوي الراهن، وهو كما تبين لنا اًنفاً، وكما جاء، في هذه الورقة، “مركَّب ومتعدِّد ومتنوِّع”، تنطلق إلى القول: “وبما أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، ومقوِّم أساس من مقوِّمات الهوية الوطنية، فلا بد من التشديد على ضرورة تعليمها وتعزيزها، وتنمية استخدامها، في مختلف مجالات العلم والمعرفة والثقافة والحياة، وعلى تقوية وضعها وتحديثها وتبسيطها وتفعيل طرائق تدريسها وتجديد مقاربة تعلُّمها، عبر، تهيئتها الرقمية والإلكترونية” (ص٢٠). لكن كيف يتمُّ هذا كله: تنمية الاستخدام، تقوية الوضع، التحديث، التبسيط، تفعيل طرائق التدريس، تجديد مقاربات التعلم…؟ ليس من إجابة في هذه الورقة عن هذه الأسئلة، وإنما هو كلام عام، وأرى أنَّه من الضروري أن يجيب المركز عن هذا الأسئلة بالتفصيل النظري والتطبيقي، وخصوصاً في ما يتعلق باستخدام اللغة وتحديثها وتبسيطها وطرق تدريسها…، إضافة إلى إعداد معلميها، وتحديد مكانة خاصة لها في برنامج التعليم (عدد الحصص الأسبوعي، تخصيص حصص للمطالعة وللنصوص الأدبية…)، و تعيين علامة لاغية في الامتحانات المدرسية والرسمية.

  • يبدو أنَّ هذه الورقة لم تُعدّ من منظور واحد للوضع اللغوي، في لبنان، وللغة العربية، أو أنَّ هذا “الوضع المركب المتعدد المتنوع” أوقع معدِّي هذه الورقة في مشكلات وتناقضات، ومن نماذج ذلك نذكر:

جاء في هذه الورقة الآتي: هذه الورقة “تهدف إلى وضع سياسة لغوية وطنية ترعى التنوع اللغوي الذي يميز لبنان عبر التاريخ…” (ص ٦).

التحدث عن “تنوع لغوي”، في لبنان، عبر التاريخ، يحتاج إلى دراسة تاريخية لغوية ونقاش، لسنا في صددهما، هنا، لكن ما ينبغي قوله، بالاستناد إلى القانون، أن اللغة العربية الفصحى هي اللغة الوطنية الرسمية، وأنه يتم تعلم لغات أخرى، وهذا يعني أن ليس من تنوُّع لغوي لتنوُّع جماعات لغوية تكوُّن الجمهورية اللبنانية، فالقانون يقضي باعتماد لغة وطنية، ومعرفة لغات أخرى، وهذا يعني أن ليس من تعدّدية لغوية لتعدُّدية جماعات متنوعة.

إقرأ على موقع 180  في أوكرانيا.. بداية الامبراطوريات أو نهايتها!

وجاء: “تمكين المتعلم من العربية الفصحى (تشمل المعاصرة ولغة التراث)…” (ص ٦). ترى هذه الورقة، كما يبدو، أنَّ اللغة العربية لغتان: المعاصرة ولغة التراث، وهذا غير صحيح، فاللغة العربية الفصحى ما زالت، منذ الجاهلية حتى اليوم، محافظة على بناها الأساسية وقواعدها، وما تغير، عبر التاريخ هو المعجم اللغوي وطبيعة تركيب العبارات، فلو قرأنا هذه العبارة لامرئ القيس الشاعر الجاهلي، مثلاً: “قفا نبك…”، وسألنا: هل هي من لغة التراث أو لغة المعاصرة؟ ومثلها هذه الجملة للأعشى، الشاعر الجاهلي: “ودِّع هريرة…”، فالصعب في هذه العبارة هو اسم هريرة، ثم ما المقصود باللغة العربية المعاصرة؟ وهل توجد هذه اللغة؟ وأين؟

أُقْحِم، في هذه الورقة، لدى الحديث عن منزلة اللغات في العالم، الكلام على اللغة الرسمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فجاء فيها: “وعلى سبيل المثال، فاللغة الرسمية في دولة الإمارات العربية المتحدة هي العربية الحديثة المعاصرة…” (ص ٩)، ما يثير أسئلة منها: هل هذه اللغة لغة جديدة من لغات العالم؟ ما هي هذه اللغة؟ ماذا تعني اللغة العربية الحديثة والمعاصرة؟ هل هي لغة مرحلتين تاريخيتين هما الحداثة والمعاصرة؟ وهل إذا عرف الغرب مرحلة مابعد الحداثة، تكون لدى الإمارات، ولدينا، لغة تلي لغة المعاصرة، وتكون لغة ما بعد الحداثة؟

  • تشير الورقة، تحت عنوان: “الازدواجية اللغوية”، إلى أبحاث أجريت في هذا الشأن، ولا تفيد منها في بلورة رؤية إلى هذه الإشكالية، بوصفها الإشكالية الأساس في ما يتعلق باللغة العربية. وتقوم (كما جاء في الورقة، تحت عنوان “تشخيص الوضع اللغوي”) العربية الفصحى والعربية المحكية بوظائف متنوعة في لبنان، بينما تعتمد الأولى في الإدارات الرسمية ووسائل الإعلام وفي العملية التعليمية التعلمية، تشكل الثانية أداة التعلم المشتركة بين جميع اللبنانيين…” (ص ١٠). الملاحظ التحدث عن العربية الفصحى والعربية المحكية كأنهما لغتان، وهذا غير صحيح، فالمحكية لهجة من لهجات النُّطق بالفصحى، والدليل ما جاء، في الورقة نفسها، عن “وجود أنواع عدة من المحكيات، تختلف مناطقياً ومعجمياً ونحوياً وصوتياً” (ص ١٠)، فهل هذه المحكيات المختلفة لغات تقابل اللغة الفصحى؟ وهل هي لغة واحدة مشتركة بين جميع اللبنانيين؟
  • تحلِّل الورقة نتائج استبانة، من نتائجها أن “التعددية اللغوية هي جزء من التراث اللبناني، وهي على صورة الوطن، تمرُّ بمحطات مأزومة، من هنا تبرز الحاجة إلى وضع خطة إصلاح تحترم تنوع المجتمع اللبناني، والحقائق الاجتماعية اللغوية، فالعربية الفصحى تعاني من مثالية للغة مبالغ فيها، ما يجعل من الصعب بلوغها، كما أنَّ استعمالها قليل نسبياً، مقارنة مع المحكية اللبنانية…” (ص ١٦). الملاحظ أن هذا الاستبيان، وليس الاستبانة، لا يمثل المجتمع اللبناني، وأنه يدعو إلى وضع خطة تحترم تنوُّع المجتمع اللبناني والتعددية اللغوية، وليس وحدة المجتمع اللبناني، ولغته الوطنية الرسمية، ولكن كيف؟ هل بأن يكون لكل جماعة لبنانية لغة؟ كما أنَّ هذه الخطة تعتمد السياسة ذات التوجه الليبرالي؟ ثم كيف يمكن التحدث عن محكية لبنانية، وعرفنا قبل قليل أنه توجد محكيات كثيرة تختلف إحداها عن الأخرى؟
  • أما في شأن الحديث عن صعوبة تعلم اللغة العربية، فهذا يعود إلى الموقع الذي تتخذه هذه اللغة في المجتمع والدور الذي تؤديه فيه، والحاجات التي تلبيها فيه كذلك، فالتاريخ يفيد أن اللغة العربية، في زمن ازدهار الحضارة العربية، كانت لغة عالمية، ولغة الحضارة، ولم يكن صعباً تعلُّمها، فالمشكلة ليست في اللغة، وإنما في المجتمع وأبنائه، فإذا أعطيت اللغة العربية مكانة يُحتاج فيها إليها، رُغب في تعلُّمها، كأن تكون اللغة الرسمية الوطنية فعلاً، وكأن تُخصَّص لها حصص دراسية لازمة وكافية، وأن تكون علامتها علامة لاغية، وأن تُدرَّس بها المواد غير اللغوية، وأن تصدر تشريعات ملزمة في تطبيق ذلك، وفي التاريخ العربي ما يفيد أن قراراً سياسياً اتُّخذ لحفظ اللغة العربية، عندما وضع خليفة المسلمين، الإمام علي بن أبي طالب أسّس علم النحو، وطلب من أصحابه أن يكملوا عمله. وإن عدنا إلى التاريخ القريب، لوجدنا أنَّ الجماعة اللغوية التي ترغب، اليوم، عن اللغة العربية الفصحى هي التي أسهمت في نهضة هذه اللغة، وذلك عندما اقتضى الوضع السياسي أن تنهض هذه اللغة بوظائف يقتضيها هذا الوضع، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
  • تحت عنوان: “التقاطع بين تدريس الأدب واللغات”، جاء، في هذه الورقة: “يسهم الأدب في استراتيجيات الفهم المكتوب…” (ص ٢٥). ويبدو لي أن الأدب يمكن أن يكون الطريق الموصل إلى تعلُّم اللغة، فاللغة تُكتسب، والصحيح أنها تُكتسب سليقة، أي من طريق النصوص، فتوظف نصوص أدب الأطفال، التي تراعى فيها المراحل العمرية، في تعلُّم اللغة، وخصوصاً اللغة العربية، في سنوات التعلُّم الأولى، من دون الاستعانة بما سُمِّي، في الورقة، لغة التداول، وتوظف نصوص الأدب، المختارة بعناية، في سنوات التعلم التالية، وتُخصص حصص لهذه النصوص: قراءة، استظهار، مطالعة تُقرر فيها كتب مختارة بعناية، تُقرأ وتعرض محتوياتها وخصائصها، وتناقش وتنقد، ويمكن استضافة مؤلفيها، أو نقاداً معروفين ومناقشتهم. إضافة إلى وسائل معرفية كثيرة جداً، خصوصاً في هذا الزمن. وينبغي إعداد معلمين أكفاء، من طريق مباراة، وليس من طريق وساطات، ويمكن إعادة تفعيل دور المعلمين، وكذلك ينبغي اعتماد طرق تربوية ملائمة تستخدم بمهارة ومرونة، والكلام، في هذا المجال طويل يعرفه التربويون من دون شك.
  • قال وزير التربية: “هذه الأوراق عبرت مرحلة القراءات المتعددة..”، ومع هذا العبور، لا يفوت القارئ وجود أخطاء لغوية شائعة أشرت إلى بعض منها بالأسود، في ما أوردته من اقتباسات، وأذكر في ما يأتي ما يبدو لي أنه خطأ:

أخطاء لغوية شائعة، وفي الاستعمال:

-المقلَّصة= قلَّص يقلِّص قلوصاًً، فهو مقلَّص، يعني انكمش، قصر، ضاق، نقص، انحسر، فقد أكثره، وليس أيٌّ من هذه المعاني هو المقصود هنا.

-فيما بعد= في ما بعد، لأن ما اسم موصول وفي حرف جر يكتبان منفصلين. فيما المتصلة ظرف.

-العنوان: مستخلص الدراسة، وفي السطر الأول: جاءت هذه الورقة، السؤال: هل هي دراسة أو ورقة، والأفضل من مستخلص= مستفعل، نتائج.

-التفريع، وهو يرقم بالعربية، إلى a b،

-سياسات تدور على القضايا الاَتية= تبحث في القضايا الاَتية.

-العامود= العمود.

-لا يوجد سياسة= لا توجد سياسة.

-بشكل هادف مما يؤثر= ما يؤثر.

-بالغ الأهمية في حياة الأفراد بينهم= بينهم خطأ، أو زائدة.

-توجه العمل حول اللغات= حول تستخدم في هذه الورقة مكان جميع حروف الجر، ومعناها ما يدور حول الأمر وليس عنه أو فيه.

-أنواع عدة، دراسات عدة= عدة أنواع، عدة دراسات.

-ما توفر= ما توافر. المتوفرة= المتوافرة.

-في تحليل اللقاءات تحدث عن أربعة موضوعات، وفي التفريع تحدث عن محاور، الأفضل التوحيد.

-سواء في الاستعمال الشفهي أو الكتابي= سواء… أم…، والصواب الشفوي.

-المتعددة اللغات= متعددة اللغات، لا تضاف معرفة إلى معرفة.

-الاستبانة= الاستبيان.

-رأى البعض= رأى بعض..، بعض لا تُعرَّف.

-بالعربية اللبنانية كلغة= بوصفها لغة. هذا التركيب غير عربي، يرد اعتماد هذا التركيب كثيراً في الورقة. ثم هل توجد لغة عربية لبنانية؟

-منعزلة عن بعضها البعض= بعضها منعزل عن بعض.

-يحقق ذاته بصفته كائناً بشرياً= بوصفه.

-هو عملية تقتضي تشريعاً وتثميناً بل..= بل تفيد إلغاء ما قبلها، وليس هذا هو المقصود هنا. ومثلها ليست مادة تعلم وتعليم فحسب، بل..

-لا عائقا= لا معوقاً.

من الواضح أنَّ هذه الورقة تقرُّ بوجود مجتمع لبناني متنوِّع اللغات، وهي تسعى إلى أن ترعى هذا التنوُّع اللغوي لدى الجماعات اللغوية اللبنانية، متَّبعة سياسة ذات توجه ليبرالي، مكثرةً الحديث عن لغات عربية سوى اللغة العربية الفصحى، مثل: لغة عربية معاصرة، لغة عربية لبنانية، لغة محكية عربية لبنانية، لغة التداول العربية…، وهذا جميعه مخالف لقانون إنشاء المركز التربوي للبحوث والإنماء، ولتوجه السياسة الوطنية التدخلية، وللواقع الذي يفيد أن ليس من جماعات لغوية متنوِّعة في لبنان. ويخطر لي خاطر حاولت أن أبعده، لكنه ألح عليَّ، فذكرته، وهو أنَّ التوجه، اليوم، في لبنان، إلى الانتماء إلى العروبة، فهل يفضي هذا، إلى اتخاذ اللغة العربية الفصحى مكانتها وموقعها ودورها، بوصفها لغة العروبة المشتركة بين العرب جميعهم؟

Print Friendly, PDF & Email
عبد المجيد زراقط

كاتب وباحث وأديب وروائي لبناني

Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  عن رئيس أميركا.. وفستان رانيا يوسف!