نصرالله يطلق مبادرة.. والسعودية لا “يعنيها لبنان” وأوروبا منقسمة
سياسة من امام مجلس النواب ( عباس سلمان )

Avatar18016/02/2020
كاد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن يكون خطاباً عادياً جداً، في مناسبة مرور أربعين يوماً على إغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، والذكرى السنوية لعدد من قادة الحزب وأبرزهم عماد مغنية وعباس الموسوي وراغب حرب، لولا البعد المحلي الذي إحتل حيزاً هاماً في نهاية الخطاب.

قارب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الوضع الإقتصادي والإجتماعي والنقدي والمالي في لبنان، للمرة الأولى، من زاوية وجودية، معولاً على دور الحكومة اللبنانية الجديد برئاسة حسان دياب، في السعي إلى تقديم مقاربة مختلفة للمعالجة، بشراكة مع جميع القوى السياسية في لبنان، من دون إستثناء، معتبرا أن هذه المهمة وطنية بإمتياز “لأنه إذا فشلت هذه الحكومة ليس معلوما بعدها ما إذا كان سيبقى هناك بلد ليأتي أحد لاحقا على حصان أبيض ليشكل حكومة جديدة”.

بإشارته الأخيرة، وجّه نصرالله كلامه إلى الذين ينتمون إلى البيئة التي ينتمي إليها رئيس الحكومة، وأولهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بأن معيار التعامل مستقبلا مع أية حكومة، هو بمقدار تقديم الدعم أو التسهيلات أو أقله عدم التشويش على الحكومة الحالية، ربطاً بالدور الإنقاذي الذي تضطلع به في هذه اللحظة التاريخية من عمر لبنان. وحذر من أن من يدعو إلى اليأس هو كمن يرتكب خيانة وطنية، فالمسألة “تحتاج إلى الوعي والشجاعة والتضحية والتخلي عن الحسابات الخاطئة”.

وقبل أن يقارب الوضع الإقتصادي، توقف نصرالله عند نقطة أثيرت حولها علامات إستفهام كثيرة، لا سيما عندما قال في خطاب ألقاه في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2019 أنه “إذا ذهب البلد إلى الفوضى، يمكن أن يأتي وقت لا تستطيع الدولة اللبنانية أن تدفع فيه رواتب وينهار الجيش والقوى الأمنية وإدارات الدولة ويخرب البلد، لكن أنا أؤكد لكم أن المقاومة ستظل قادرة على أن تدفع الرواتب”. وأوضح نصرالله في خطابه اليوم (الأحد) أنه قصد في موقفه السابق القول إن المقاومة لا تفكر بنفسها أو بطريقة حزبية، لكن ثمة قلق وخوف على البلد وعلى مصير عموم اللبنانيين “فنحن بلد واحد ومصيرنا واحد”. وأكد أنه على هذا الأساس، تحمل حزب الله المسؤولية سابقاً وهو ستحمل المسؤولية اليوم وسيتحملها مستقبلاً “مهما كانت التضحيات”.

وهنا، أعاد التذكير بخطابه في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2019، عندما قال إنه لا يتمنى لحكومة سعد الحريري أن تستقيل، مثلما قال، قبيل ولادة الحكومة الحالية، إنه يتمنى تأليف وزارة  جامعة، لكن في النهاية ولدت هذه الحكومة، وقال: “أعطينا هذه الحكومة الثقة وندعمها ولا نتخلى عنها ولن نتخلى عنها، بل سنقف إلى جانبها وندعمها لأن المسألة تتعلق بمصير البلد، نحن أمام وضع إقتصادي ومالي ونقدي صعب جدا جدا جداً”، وبناء عليه، طرح مبادرة سياسية من عدة نقاط:

أولاً، فصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي والتوقف عن المزايدات أو التراشق بالإتهامات أو تصفية الحسابات السياسية.

ثانياً، إعطاء الحكومة الحالية فرصة معقولة ومنطقية وممكنة زمنياً لمنع الإنهيار والسقوط والإفلاس.

ثالثاً، دعوة كل الأحزاب والجهات والفئات والشخصيات والقوى إلى تقديم المساعدة لهذه الحكومة “لأن هذا واجب وطني وإذا فشلت ليس معلوماً ما إذا كان سيبقى بلد”.

رابعاً، دعوة الحكومة إلى إطلاق مبادرات وتشكيل لجنة للحوار مع كل القوى، موالية ومعارضة، لأن الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي خطير، والأولوية هي للانقاذ لأن الوضع يتهدد الجميع من دون إستثناء.

نقلت المصادر عن جهات سعودية بارزة قولها “لبنان لم يعد يعني لنا شيئا ولا نرغب بمساعدته وأولوياتنا المالية حالياً مخصصة لمواجهة إحتياجاتنا الداخلية”!

خامساً، دعوة بعض اللبنانيين إلى التوقف عن التحريض في الخارج ضد الحكومة، عبر تسميتها بأنها حكومة حزب الله، وقال نصرالله لهؤلاء: هذا يؤذي لبنان، وأنتم تعرفون أنها ليست حكومة حزب الله، حزب الله يدعم الحكومة ويريد لها أن تنجح لكن الجميع يعرف شخصيتها وشخصية الوزراء. أما القول أن هذه حكومة حزب الله، فهذا كذب ويؤذي البلد، لذلك، عندما تقول بعض القوى السياسية أنها تريد إعطاء الحكومة فرصة.. عليها وقف التحريض عليها وتركها تعمل، ونتطلع إلى مساعدتكم لها لأن هذه الحكومة إذا نجحت في وقف الانهيار والانحدار وتهدئة النفوس فهي تقدم خدمة كبيرة لكل اللبنانيين ولكل المقيميين على الأراضي اللبنانية.

وفي إشارة مبطنة إلى الإستحقاقات التي ستواجهها حكومة حسان دياب في الأسابيع المقبلة، ولا سيما قضية إعادة هيكلة الدين العام، من خلال الإستعانة بـ”المساعدة التقنية” لصندوق النقد الدولي، في المرحلة الأولى، حذر نصرالله من محاولات متعمدة لتيئيس اللبنانيين، وقال: “هناك أمل برغم أن هناك من يريد أن يقول للبنانيين عليكم الاستسلام للخارج وبيع دولتكم للخارج، لكن أنا أقول أن من يدعو إلى اليأس هو كمن يرتكب خيانة وطنية، فالمسألة تحتاج إلى الوعي والشجاعة والتضحية والتخلي عن الحسابات الخاطئة”.

الجدير ذكره أن الحكومة اللبنانية أطلقت فور نيلها الثقة ورشة إقتصادية ومالية، فتم تشكيل فريق عمل من خبراء لبنانيين (يمثلون وزارات ومؤسسات) ومن البنك الدولي من أجل إنجاز رؤية إقتصادية ومالية، يمكن أن تشكل مادة نقاش مع الجهات التي يمكن أن تبدي إستعدادها لمساعدة لبنان، كما ينتظر أن يصل وفد صندوق النقد الدولي إلى بيروت منتصف الأسبوع الحالي، على أن يتخذ مجلس الوزراء اللبناني قرارا حاسما في غضون عشرة أيام على أبعد تقدير، بخصوص دفع أو عدم سندات “اليوروبوندز” المستحقة خارجيا في التاسع من آذار/مارس المقبل، في ظل إتجاه عبَر عنه وزير المال غازي وزني لطلب لبنان تأجيل دفع مستحقاته الخارجية في آذار/مارس ونيسان/أبريل وحزيران/يونيو وذلك حتى نهاية العام 2020، وهي مسألة تستوجب الإستعانة بمكاتب وخبراء دوليين في الإقتصاد، القانون والمال، من أجل مساندة الحكومة اللبنانية في خطتها الهادفة إلى إعادة هيكلة الدين العام، ولا سيما الدين الخارجي. وطلب رئيس الحكومة حسان دياب من عدد من الوزراء تحضير ملفاتهم، ولا سيما وزير المال، وذلك إستعدادا لجولة عربية ينوي القيام بها نهاية الشهر الحالي.

إقرأ على موقع 180  "الفرانكوفوبيا".. الغرب يُشيّطن فرنسا لأنها رفضت غزو العراق

وقالت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع لموقع 180 إن شخصيات لبنانية تواصلت في الآونة الأخيرة مع المملكة العربية السعودية بعد نيل حكومة حسان دياب ثقة مجلس النواب، وذلك من أجل جس نبض الدول الخليجية إزاء لبنان، فتبين لها أن الرياض ليست في وارد إعادة النظر في موقفها من لبنان والحكومة وحزب الله، ونقلت المصادر عن جهات سعودية بارزة قولها “لبنان لم يعد يعني لنا شيئا ولا نرغب بمساعدته وأولوياتنا المالية حالياً مخصصة لمواجهة إحتياجاتنا الداخلية”!

ونفت المصادر نفسها كل ما أشيع عن زيارة قام بها رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري إلى العاصمة السعودية في الآونة الأخيرة.

وبالنسبة إلى الموقف الأوروبي، قالت المصادر إن الأوروبيين منقسمون في موقفهم، لكن القاسم المشترك هو الخشية من المس بإستقرار لبنان، الأمر الذي سيكون له تداعيات على أوروبا، لناحية تدفق اللاجئين، وقالت إن بعض الدوائر الأوروبية في بروكسيل تصر على تسمية الحكومة الحالية بأنها “حكومة حزب الله”، بينما تصر دوائر أخرى بارزة في الإتحاد الأوروبي على عدم الدمج بين حزب الله والحكومة الحالية، وتعتبر أن الأولوية هي لدعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها “من أجل تعزيز قدراتها لا سيما قدرة الجيش اللبناني في معالجة قضية حزب الله”!

 

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  هوكشتاين "طامع" حدودياً.. و"طامح" رئاسياً!