إنتخابات 2022 بلا الحريري.. إحتمال “التمديد” يتقدم!

الإنتخابات النيابية في العام 2022 "خط أحمر". يقولها الأميركيون والفرنسيون بصريح العبارة. إنتخابات يُفترض أن تُعيد رسم موازين القوى في الداخل اللبناني. هل تكفي المباركة الدولية لتصبح الإنتخابات أمراً مُحتماً؟

قبل مشاركته في قمة غلاسكو، كان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يباغت زائريه في السراي الكبير بسؤال متكرر: هل ستجري الإنتخابات النيابية في موعدها؟

بعد عودته من غلاسكو (قمة المناخ)، صار ميقاتي حاسماً: الإنتخابات النيابية “خط أحمر”، قاصداً بذلك أنها ستجري حتماً وليس مسموحاً دولياً (أميركياً وفرنسياً بالتحديد) أي تمديد لولاية المجلس النيابي الحالي ولو ليوم واحد.

لا موعد إنتخابياً مُقدساً في السابع والعشرين من آذار/مارس 2022. معظم المراجع الرسمية المعنية تتحدث عن أرجحية إجراء تلك الإنتخابات في 8 أو 15 أيار/مايو المقبل. ثمة حاجة للوقت.. مسار الطعن في المجلس الدستوري يصب في الإتجاه نفسه. أرقام اللبنانيين الذين تسجلوا في الخارج حتى الآن (أكثر من مائتي ألف مقابل حوالي ثمانين ألفاً في العام 2018) هو مؤشر كبير بأن نسبة المشاركة سترتفع وأن بعض القوى، ومنها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، يتصرف على أساس أنها “معركة حياة أو موت”!

لا يعني ذلك أن باقي القوى تتساهل مع الإنتخابات وأرقامها وما ستفرزه من أوزان وأحجام، لكن قبل الخوض في التفاصيل أكثر، هل يكفي رسم الخطوط الحمر دولياً لجعل الإنتخابات حتمية؟

فعلياً، لا أحد يستطيع، محلياً، عرقلة الإنتخابات إلا حزب الله، فهل من مصلحة الأخير تطييرها؟

حتى الآن، يتصرف حزب الله على مستوى ماكينته الإنتخابية ومع الحلفاء على أساس أن الإنتخابات حاصلة في موعدها. هناك أهداف عدة يُركّز عليها حزب الله عادةً: أولاً؛ إمساك “الثنائي الشيعي” بالمقاعد الشيعية الـ 27. ثانياً؛ دعم الحلفاء وهذه المرة لا أحد يتقدم على التيار الوطني الحر؛ ثالثاً، تجيير أصوات حزب الله في البيئات الأخرى شمالاً وعاصمة وبقاعاً وجبلاً وجنوباً.

حكومة ميقاتي ستعاود إجتماعاتها في الأسبوع المقبل، إذا نجح رئيس مجلس النواب في إزالة لغم جورج قرداحي، بما يحفظ وجه ماء الأخير ويُخرجَهُ من مجلس الوزراء في آن معاً. يُفترض أن يتقاطع ذلك مع تسوية موازية تتصل بموضوع ملف التحقيق في مرفأ بيروت. إذا نجحت هذه التسوية، فإن جدول أعمال حكومة ميقاتي سيتمحور حول ثلاثة عناوين: الكهرباء؛ صندوق النقد والإنتخابات

وماذا عن حسابات الأكثرية والأقلية؟

لسان حال حزب الله أنه لو أراد مقاربة أصل إجراء الإنتخابات من زاوية نتائجها، لما سهّل إجراء الإستحقاقات السابقة في العامين 2005 و2009. لذلك، فإن قاعدة أننا “أكبر حزب لبناني على المستوى السياسي والتنظيمي والشعبي”، التي جاهر بها مؤخراً الأمين العام لحزب الله، تحكم تعامل حزبه مع الإستحقاق النيابي وغيره من الإستحقاقات. ولكن ماذا إذا أنتجت دينامية الساحتين السنية والمسيحية وقائع تؤدي إلى قلب المشهد رأساً على عقب؟ هل سيتقبل حزب الله النتائج أم يحاول قطع الطريق عليها؟

تبدو الصورة ضبابية جداً في الشارع السني حتى الآن. لا بد من ترقب موقف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري من الإنتخابات، مشاركة وتحالفات ونتائج وبدائل. “الوصفة الإماراتية” لا تتصل بالإنتخابات النيابية. أبلغت أبو ظبي الحريري أن رعايتها لأوضاعه الشخصية (المادية تحديداً) مشروطة بتعهده بعدم صرف دولار واحد في أي نشاط سياسي في لبنان. الإنخراط الحريري في السياسة في لبنان، تحت أي مسمى كان، قد يتسبب بوجع رأس للإماراتيين مع السعوديين، وعندها سيجد الإماراتي نفسه مضطراً للتصرف كما تصرف السعوديون: حرمانه من كل إستثماراته الجديدة التي ممرها الإلزامي شركة “دبي القابضة”!

هل هناك خيارات أخرى أمام الحريري؟

ثمة فكرة متداولة على نطاق ضيق جداً: يبادر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إلى الإستنجاد بأصدقائه الخليجيين من أجل أن يأخذ على عاتقه مهمة إعادة الإعتبار إلى تحالف 14 آذار/مارس بنسخته الجديدة (2022). يقود الحريري تحالفاً سياسياً تموّله الدول الخليجية ويضم إلى القوات اللبنانية وتيار المستقبل، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وهذا التحالف سيكون قادراً على الفوز بالأكثرية النيابية وجعل جبران باسيل يُمنى بهزيمة ساحقة، ومن يراجع توزع أرقام اللبنانيين في الإغتراب، يمكن أن يتلمس تباشير تصب في هذه الخانة تحديداً ويُمكن أن تُحدث فرقاً جوهرياً.

أبلغت أبو ظبي الحريري أن رعايتها لأوضاعه الشخصية (المادية تحديداً) مشروطة بتعهده بعدم صرف دولار واحد في أي نشاط سياسي في لبنان. الإنخراط الحريري في السياسة في لبنان، تحت أي مسمى كان، قد يتسبب بوجع رأس للإماراتيين مع السعوديين، وعندها سيجد الإماراتي نفسه مضطراً للتصرف كما تصرف السعوديون

هذا التحالف دونه عقبات موضوعية وذاتية. أولاً، لا يبدو أن أي دولة خليجية بوارد الحماسة لهكذا سيناريو وبالتالي توفير الدعم المالي له. بالعكس، قررت بعض الدول الخليجية دفع بعض الإستحقاقات إلى القوات اللبنانية بـ”القطارة”، الأمر الذي جعل جعجع يتقشف في الآونة الأخيرة. وليد جنبلاط عاتِب كثيراً على الخليجيين لأنهم أقفلوا حنفية دعمهم بشكل شبه كامل في الآونة الأخيرة، وهو يخشى تداعيات أي خطوة سعودية تطال الجالية اللبنانية أو تحويلات لبنانيي الخليج إلى لبنان. ما يسري على جنبلاط ينطبق على الحريري بالكامل الذي لم يتلق قرش دعم سياسي خليجي منذ إنتخابات العام 2018، وهو كان يبحث عن تمويل بحدود 25 مليون دولار للإنتخابات المقبلة، قبل أن يُقّرر عدم المشاركة، وفق ما أبلغ عمته النائب بهية الحريري وإبن عمته أحمد الحريري، مثلما أبلغهما أنه ليس بوارد العودة إلى بيروت في وقت قريب، بعكس ما تم ترويجه إعلامياً في الآونة الأخيرة.

إقرأ على موقع 180  سفر برلك 2020.. دومينو 2021

حتى أن أصل إعادة الإعتبار إلى تحالف 14 آذار/مارس، لا يبدو موضع حماسة حريرية ـ جنبلاطية حتى الآن. ظروف إنتاج قوى 14 آذار/مارس في العام 2005 مختلفة عما هي عليه ظروف لبنان حالياً، ناهيك عن واقع إقليمي ودولي مختلف كلياً. حتى أن الحريري ـ أقله من الناحية الأخلاقية – السياسية حتى الآن ـ ليس في وارد التحالف مع جعجع. العلاقة بين جنبلاط والحريري قابلة للضبط، برغم التباعد وإنتفاء الكيمياء. حتى التحالف الإنتخابي لا موانع أمامه طالما أن الإثنين قررا عدم صياغة أي تحالف إنتخابي مع التيار الوطني الحر. زدْ على ذلك أن جنبلاط ليس متحمساً لأي تحشيد سياسي يستهدف حزب الله. نموذج ما تم تداوله من كلام قاله عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب إستوجب توضيحاً من حزب الله لاقى صدى إيجابياً عند جنبلاط الذي رد على رسالة وفيق صفا بالتي هي أحسن: إلغاء مقابلة مسجلة له مع محطة “الميادين” كانت تضمنت إنتقادات إلى الحزب والإيرانيين!

أمام هذا الواقع الشائك والمعقد، ماذا إذا قرر سعد الحريري الإنسحاب من إنتخابات 2022، كما يُروّج حتى الآن، لأسباب شخصية ـ سياسية في آن معا؟

هذا الأمر ـ إن حصل ـ يجعل سؤال الإنتخابات النيابية جدياً، بمعزل عن الموقف الدولي الداعم لإجرائها، لا سيما في ضوء البوانتاجات التي تؤشر إلى تراجع كبير في شعبية التيار الوطني الحر، ليس بالضرورة لمصلحة القوات اللبنانية، كما يروّج إعلامها، لكن الأهم من ذلك من سيكون بديل الحريري الجدي في الساحة السنية؟

كل التحشيد الذي يقوم به المجتمع المدني حتى الآن، يزيد نقزة جمهور كبير بدل أن يُحفزّه على المشاركة، وكلما تماهى خطاب هذا المجتمع، مع “خطاب السفراء والقناصل”، زادت النقزة السيادية. وكلما بهتت الأسماء، كما هو الحال في العديد من المناطق، قلت فرص إحداث فرق في مشهد الإنتخابات النيابية المقبلة.

حكومة نجيب ميقاتي ستعاود إجتماعاتها في الأسبوع المقبل، إذا نجح رئيس مجلس النواب في إزالة لغم جورج قرداحي، بما يحفظ وجه ماء الأخير ويُخرجَهُ من مجلس الوزراء في آن معاً. يُفترض أن يتقاطع ذلك مع تسوية موازية تتصل بموضوع ملف التحقيق في مرفأ بيروت. إذا نجحت هذه التسوية، فإن جدول أعمال حكومة ميقاتي سيتمحور حول ثلاثة عناوين: الكهرباء؛ صندوق النقد الدولي والإنتخابات النيابية.. أما الدولار الفالت من عقاله، فأمامه صولات جديدة ونار ستكوي يوميات اللبنانيين حتى إشعار آخر.. لا يجوز إغفال عنصر هام جداً ألا وهو عنصر الأمن. ثمة تحذيرات دولية وعربية واضحة في الآونة الأخيرة من تطورات أمنية في لبنان. المشهد الإقليمي يزداد قتامة، وكلما إبتعدت فرص التفاهم في فيينا، كلما إرتفع منسوب الخوف على مستقبل لبنان في المرحلة المقبلة.. للبحث صلة.

Print Friendly, PDF & Email
حسين أيوب

صحافي لبناني

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  هكذا أُعمي بصر إفريقيا بوعود إسرائيل