خولة مطر, Author at 180Post

700-5.jpg

لا تصدمك مثل تلك الأسئلة المبطّنة عندما تأتي من شخص لا يعرفك أو من شخص عابر، لكنها حتمًا توقف الحوار وتضع فواصل بين الأحرف، أو ربما أسوارًا تفصل الكلمة عن الأخرى وتفكّك اللغة. المشهد أو السؤال صدمك مرة عندما كان الحديث عن التحولات في سوريا ولبنان، وانطلاق بوادر المرحلة الجديدة من المشروع الصهيوني تحت مسمّيات عدة. سقط السؤال كما غيره، إلا أن الفرق كان أن من طرح السؤال إعلامي وصحفي مخضرم، كما يسمّونهم، لا بل كان كاتبًا ومحللًا للمشهد السياسي في الخليج والدول العربية على مدى عقود. كان سؤاله بعيدًا عن موضوع الندوة، حيث ترك المشروع الصهيوني والإبادة في غزة والعربدة الإسرائيلية في سوريا ولبنان واليمن وغيرها، وركّز على مواضيع أخرى، ودول غامزاً من جهة الهوية العرقية والدينية ربما!

800-8.jpg

حين تُغلق الحدود، يبدو البحر هو الأكثرَ اتساعًا، فكان هو، وكانوا هم الذين عرف أجدادُهم معنى العيش متلاصقين بالبحر وموجه وملحه أيضًا. هم نساء ورجال من الخليج، خليجيون يحملون صفةً واحدةً وشغفًا بفك الحصار عن غزة، بل عن كل فلسطين.

Israel-killling-of-journalists-in-Gaza-1280x853.jpg

فى صباح لم يبدأ بعد، برغم أن الصباحات والمساءات فى غزة متشابهة حد الوجع المُزمن، فلا شىء سوى مزيد من القتل والتجويع والمرض والصواريخ ورصاص القناصة يصطاد الأطفال كما الكبار وهم يقفون طوابير طلباً لمساعدات قد لا تصل، بل هى مصيدة أخرى ضمن خدع حرب الإبادة.

700-1.jpg

كنا نتمشّى، متسكّعات كعادتنا، بعد نهاية يوم دراسى طويل فى الجامعة الأمريكية فى بيروت. فما إن ينتهى اليوم بعد الظهيرة، حتى نهرول باتجاه شارع الحمرا، ونبدأ المشوار بين الموكا أو الأولمبى، ثم سينما، ثم مشى بين المحلات فى ذاك الشارع الصاخب، نراقب الأرواح المتنقلة بانبهار المراهقات القادمات من الخليج لتوّهن.

سلايدر.jpg

.. والعام يعتزم الرحيل أو يوصد أبوابه ويرحل، يترك لنا مساحات مكتظة بصور من المذابح المتنقلة من بيت لبيت، وشارع لشارع، ومدرسة لمدرسة، ومستشفى لمستشفى، وجامع لجامع آخر، وكنيسة لأخرى، وهكذا تطارد صواريخهم وأدواتهم «الحديثة والذكية جدا!» كل الأرواح الواقفة فى وجهها بلا سلاح سوى ربما اليقين أن الحق معهم.

كاريكاتور-ناجي-العلي-267.jpg

فى اليوم الخامس والثلاثين من حرب الإبادة الصهيونية على غزة اجتمع العرب والمسلمون! نعم سيُدوّن التاريخ بعد أكثر من 35 يوما من الإبادة ومن القذائف التى طاردت الأرواح البريئة حتى فى غرف العناية المركزة بالمستشفيات أو فى حديقة المستشفى التى تحولت إلى ملجأ جديد، بعد كل ذلك دعا القادة إلى اجتماع «طارئ»! ومستعجل أيضا! ربما تغيرت مفاهيم ومعانى هذه المفردات حتى العربية منها.. "ربما»!

خولة.jpg

تُواصل الليل بالصباح، وأنت تُردّد على الآخرين، وهم فى مجملهم أصدقاء مقربون وأعينهم وقلوبهم على فلسطين ودمعهم وغضبهم متساوون معك، إلا أنهم ونحن بشر وما يجرى منذ أكثر من شهر هو بعيد عن أى وصف كان، لا تفى به كلمة مجزرة ولا حتى إبادة.. كلها تتهالك أمام عين محمد وعائشة وكل أطفال غزة وهم ينظرون نحونا جميعا.. نحونا كلنا ليس كعرب ومسلمين ومسيحيين ويهود بل كبشر قبل أى أمر آخر، فغزة عرّتنا جميعا دون استثناء كعرب ومسلمين وكبشر أيضا وهو الأهم.