خولة مطر, Author at 180Post - Page 2 of 3

طاهر.jpg

قال لى ذاك الصديق الذى رحل دون أن أودعه كآخرين كثر فى السنوات الأخيرة، قال «ابقى فسيأتى بهاء وأريدك أن تتعرفى عليه» وكان هو معتادا أن يعرفنى لأصدقائه الكثر من فنانين تشكيليين وموسيقيين وصحفيين مخضرمين وشباب.. جلسنا طويلا ذاك المساء فى قهوة زهرة البستان وأنهينا ربما كل المتوفر من مشروبات على قائمة الطلبات من أنواع الشاى والقهوة.. ولم يأتِ بهاء الذى انتظرته بحرقة رغم أنى لم أكن أعرف أى بهاء هو؟

public_privacy__rodrigo_de_matos.jpg

طالت قائمة الممنوعات العربية لتصل إلى درجات تجعل الرقيب يستقر فى قعر أدمغتنا، فتبدأ الكاتبة أو الكاتب حتى ذاك المشخبط بكتابة سطر ومحى عشرة أسطر حتى يتحول كلامه إلى شىء من الألغاز، أو ربما تفقد كلماته بريقها ومعانيها كبقعة الماء بعد عاصفة ممطرة.

بالطول.jpg

أولى سنوات الانفتاح أو الخروج من قفص الواقع إلى العالم الواسع، هناك وفى تلك اللحظة حيث تفتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها مرحبة بالقادمين إلى عالم آخر ملىء بالحس الثورى والفنى والموسيقى والثقافى حتى يغرقوا هم القادمون من شوارع ضيقة هادئة هناك على أطراف الكون العربى الواسع بمدنه الكبرى وكتابه ومثقفيه ومطابعه وشعرائه.. فاتحين أعينهم وقلوبهم بكثير من الانبهار.. كانت «الريل وحمد» أول سباحة لهم فى شعر مظفر النواب ذاك القادم من العراق وحزبه الشيوعى. هم الذين قيل لهم إن الشيوعيين كفرة وملحدون وألبسهم كثيرون كل الموبقات وما حملته اللغة من مفردات معادية للبشرية والبشر!

c46745d8-2f20-499f-9099-9132974a896e.jpg

لم يكن بالإمكان أن ترحل شيرين كما يرحل الآخرون والأخريات.. بعض قماش وكفن.. لم يكن بالإمكان أن تبعد عن تراب أرضها الطاهرة التى سقيت بكثير من دمائهم، نساء ورجالا، شيوخا وأطفالا، وكثيرا من الشباب حاملى أكفانهم على كفوفهم وماضين فى مواكب مهيبة إلى جنات الخلد.

FB_IMG_1628197761524.jpg

حديث أهل الشام اليومى متشابه جدا إلى حد التطابق وهو يختلف بعض الشىء عن تلك المدن البعيدة والقريبة أيضا. يبدأ وينتهى بالسؤال عن الكهرباء والبنزين والماء ومن ثم توابعها من التواصل والإنترنت وزيارة الأحبة والبعد عن المدن الساحلية الرطبة إلى نقاء ولسعة برودة الجبال.

humanshieldinthearabspringtimefinal_pete_kreiner.png

تقف هى عند عتبة بيتها مع بعض مما استطاعت أن تجمعه من حاجاتها هى وأسرتها. تلمع عيونها بالدمع ونظرة التحدي التى عرفناها على وجوههم جميعا ليس اليوم أو الأمس أو فى آخر أيام رمضان وقبل احتفالات عيد الفطر، بل قبل ذلك بسنين طويلة. رجال ونساء، شيوخ وأطفال، كلهم يتوارثون تلك النظرة، كلهم يحملونها معهم فى بقاع الكون وأينما حلوا. كلهم يعرفون أنها أكثر قوة من درعهم الحديدى. كلهم وليست هى وحدها، ولكنها وقفت هناك عند باب بيتها.

cartoon-52.jpg

كلهم يتحدثون بها وعنها. كلهم ينادون ويصرخون نريدها أو هى حقوقنا. بعضهم قدم حياته ثمنًا لما تصور أنها هى. هى الديمقراطية التى لا يخلو أى خطاب منها ومن كل الأطراف تلك التى تطالب بها من شعوب أو فئات مجتمعية وتلك التى تنتهكها أيضا فهى «تزين» خطاباتها اليومية بها ولم لا؟