قمة ترامب – نتنياهو من وجهة نظر إسرائيلية: التعارضات كبيرة في غزة وسوريا ولبنان!

18018029/12/2025
 عاموس يادلين؛ تولى مسؤولية شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) كما شغل منصب رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في تل أبيب. حالياً يكتب في موقع "القناة N 12" وفي مواقع أخرى. في مقالته الأخيرة، يُسلّط الضوء على السيناريوهات التي ستنتجها القمة الأميركية الإسرائيلية في الساعات المقبلة.

“في الأسبوع المقبل (اليوم)، سيلتقي في فلوريدا زعيمان سيدخلان الغرفة، وفي حيازتهما خرائط طريق مختلفة جذرياً؛ من جهة، يأتي الرئيس دونالد ترامب، وهو يعتبر نفسه “صانع السلام الأكبر”، فمن وجهة نظره، إن إحلال الهدوء والاستقرار في الشرق الأوسط، مع استغلال الفرص الاقتصادية والتكنولوجية في المنطقة، هو المهمة التاريخية التي يسعى لتسجيلها باسمه، ومن الجهة الأُخرى، يأتي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى اللقاء، طامحاً إلى ترجمة إنجازات الحرب في العامين الأخيرين إلى “حسم” – ليس مجرد هدوء موقت، بل هو تفكيك فعلي للقدرات العسكرية لـ”حماس” وحزب الله، وتحييد نهائي لتهديد الصواريخ والبرنامج النووي الإيراني.

هذا اللقاء ليس مجرد حدث دبلوماسي فقط، بل لحظة استراتيجية، يجب على إسرائيل أن توظف فيها طموح ترامب إلى إنجازات تاريخية من أجل تعزيز أمنها في الساحات المختلفة التي ما زالت مفتوحة، مع الحفاظ على مكانتها الدولية. وستُقاس أهمية الزيارة ونجاحها بمدى تحقيق هذا الهدف.

الساحة الإيرانية: اتفاق فعال

بينما يمكن أن يسعى ترامب، الذي تعمل إدارته على تجديد المفاوضات مع إيران، لإبرام اتفاق نووي “محسّن” يُسجَّل كإنجاز دبلوماسي كبير، يجب على إسرائيل أن تضمن ألّا يقتصر الأمر على وثيقة تصريحية ترفع العقوبات عن إيران، وتسمح لها بإعادة تحريك اقتصادها.

إن الهدف الإسرائيلي هو اتفاق واضح وغير قابل للمساومة، يمنع إيران من تطوير وبناء قدراتٍ تشكل تهديداً استراتيجياً خطِراً على إسرائيل؛ فإذا كان ترامب يريد سلاماً طويل الأمد، فعليه أن يفهم أن الطريق إليه تمرّ عبر إضعاف استراتيجي للنظام في طهران.

لذلك، يجب أن يتضمن الاتفاق الذي يتفق عليه ترامب ونتنياهو من دون تنازلات: صفر “تخصيب لليورانيوم، ورقابة مشددة على البرنامج النووي الإيراني ، وقيوداً على منظومة الصواريخ من دون بنود انتهاء (“سنست”). ومن الضروري أن يتفق الزعيمان على “خطوط حمراء” في مجالَي النووي والصواريخ، بحيث إذا تجاوزتها إيران، فيكون لإسرائيل هامش حرية عمل عسكري كامل، وبدعم أميركي، لإزالة القدرات الإيرانية التي تهددها.
علاوةً على ذلك، من المهم أن يجنّد نتنياهو الولايات المتحدة لهدف مشترك يتمثل في ممارسة ضغط داخلي وخارجي لزعزعة النظام الإيراني.

ساحة غزة: تفكيك “حماس” بأي وسيلة من الوسائل

أمّا في غزة، فتتضح الفجوة بين أهداف الحرب والواقع الاتفاقي، في مقابل تجريد “حماس” من سلاحها في القطاع بالكامل بشكل خاص. إن ترامب الذي طرح  خطة العشرين نقطة لتسوية الوضع في غزة، يسعى لإغلاق “الملف الغزي” والتقدم نحو جائزة نوبل للسلام في أوسلو. تحتاج  إسرائيل إلى حكمة سياسية ودبلوماسية دقيقة لدفع أهدافها في غزة من دون أن تُعتبر  أنها تقوض رؤية ترامب.

من المهم تذكير الرئيس الأميركي بطريقتَي نزع سلاح القطاع، اللتين تحدث عنهما هو نفسه:

  • الطريق السهلة: تجريد طوعي لـ”حماس” من سلاحها ضمن تسوية وإعادة إعمار للقطاع.
  • الطريق الصعبة: فرض إسرائيلي فعّال، بدعم أميركي، إذا رفضت “حماس” إلقاء سلاحها واستمرت في إعادة بناء قوتها العسكرية.

من المهم التعهد بأن السيطرة الأمنية الإسرائيلية التي تضمن نزع السلاح ليست بهدف الاحتلال، أو الاستيطان، وأن إسرائيل ستسلّم قطاعاً خالياً من “الإرهاب” لقوات دولية وعربية وآليات إدارة مدنية تابعة للسلطة الفلسطينية، التي تعتمد على إصلاحات عميقة، وفقاً لخطة ترامب.

لبنان

في لبنان أيضاً، لا تتطابق أولويات الزعيمين تماماً، إذ يرى ترامب أن لبنان ساحة يمكن أن تتعافى وتندمج في الإقليم، بينما ترى إسرائيل أنه قاعدة متقدمة لإيران لم تُحسم بعد. ولكي تتحقق رؤية السلام التي يتحدث عنها ترامب، يجب على إسرائيل أن تضع شرطاً واضحاً: لا يمكن الحديث عن ازدهار لبناني ما دام حزب الله يحتفظ بسلاحه.

يجب أن تجمع الخطة الإسرائيلية – الأميركية بين حوافز اقتصادية للحكومة اللبنانية (بدلاً من التمويل الإيراني) وبين تطبيق مبدأ حصرية  السلاح في يد الدولة اللبنانية. وعلى نتنياهو السعي للتوصل إلى اتفاق مع ترامب، يقضي بأنه في حال فشلت الحكومة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله، ستمنح الولايات المتحدة دعماً كاملاً لعملية إسرائيلية محددة تفرض واقعاً جديداً على الأرض. إن فرص رئيس الوزراء في الحصول على موافقة ترامب على خطوة عسكرية في لبنان أعلى مما هي عليه في غزة، ولا سيما أن وقف إطلاق النار في لبنان تم التوصل إليه مع إدارة بايدن.

من المساعدة الأمنية إلى الشراكة التكنولوجية

بينما يرى ترامب أن سورية هي الساحة الأولى التي يمكن التوصل فيها إلى اتفاق أمني على عدم القتال، تصرّ إسرائيل على الحفاظ على وجودها العسكري في المنطقة. ومع ذلك، يمكن لإسرائيل الاستفادة من الميزات الطبوغرافية لخطوط الفصل لسنة 1974، والتي توفّر منطقة عازلة وقدرة دفاع جيدة لبلدات الجولان، وأن “تنسجم” مع ترامب وقادة الشرق الأوسط الراغبين في منح الرئيس الشرع فرصة.

إقرأ على موقع 180  الأرجنتين تبكي من جديد: مارادونا كظاهرة

في المقابل، ستحصل إسرائيل على التزامات تتعلق بنزع السلاح من جنوب سورية؛ منع إعادة تمركُز إيران؛ إغلاق الحدود السورية – اللبنانية أمام تهريب السلاح لحزب الله؛ إبعاد القوات التركية؛ وحماية الدروز.

أمّا فيما يخص مسألة التطبيع، فتتقاطع أهداف إسرائيل والولايات المتحدة، والخلاف يدور حول الطريق والثمن، والهدف هو توسيع “اتفاقيات أبراهام” وتحويلها إلى إطار إقليمي واسع موالٍ للولايات المتحدة، يضم السعودية وإندونيسيا.

لتحقيق ذلك، ستُضطر إسرائيل إلى دفع ثمنٍ في القضية الفلسطينية، لكن من دون المساس بتفوّقها العسكري النوعي، كذلك يجب التأكد من أن البرنامج النووي المدني السعودي يخضع لرقابة صارمة، ولا يشمل تخصيب اليورانيوم داخل المملكة (المعيار الذهبي).

الخلاصة

لكي يرى ترامب في إسرائيل شريكاً استراتيجياً، وليس عبئاً أمنياً، من الصائب أن يعرض رئيس الوزراء عليه مخططاً لتحويل المساعدة الأمنية الأميركية إلى شراكة تكنولوجية بالتدريج، ويشمل ذلك استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والرقائق الإلكترونية والطاقة. إن خطوةً كهذه ستعزز مكانة إسرائيل كشريك ومبتكر، وتجعلها مركزاً تكنولوجياً عالمياً يساهم في الاقتصاد والأمن القومي الأميركي.

إن اللقاء المرتقب يحمل إمكانات تاريخية؛ فإذا نجح نتنياهو في توظيف حماسة ترامب لـ”السلام بالقوة” من أجل الدفع بأهداف إسرائيل وتعزيزها في مواجهة أعدائها، يمكن خلق واقع يكون فيه السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل نتيجة اتفاقيات سياسية – وعدم وجودها هو بمثابة “ضوء أخضر” لتعميق الإنجاز العسكري، بدعمٍ من الولايات المتحدة.

إن الهدف لسنة 2026 بسيط: شرق أوسط تكون فيه إسرائيل قوة تكنولوجية وعسكرية، مدعومة بتحالف مع الولايات المتحدة، وأعداؤها منزوعو السلاح، وشركاؤها الجدد يزدهرون إلى جانبها”.

(*) المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Print Friendly, PDF & Email
180

Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  التوريث السياسي.. لبنان القرون الوسطى!