
أعود راضياً إلى قناعة تولدت في شيخوختي المبكرة عندما اكتشفت في أطفالنا مصدراً للحكمة وتفسيراً أو تبريراً لبعض تصرفاتنا.
أعود راضياً إلى قناعة تولدت في شيخوختي المبكرة عندما اكتشفت في أطفالنا مصدراً للحكمة وتفسيراً أو تبريراً لبعض تصرفاتنا.
استقبلني عند سلم الطائرة في مطار شامبينو، نبيل العربي الصديق والملحق السياسي بالسفارة المصرية ليصطحبني مع عائلتي الصغيرة إلى فندق متواضع في أحد أزقة وسط العاصمة الإيطالية لنقضي فيه بضعة أيام في انتظار إيجاد شقة مناسبة في حي غير سياحي. ودّعني بعد إنهاء إجراءات التسجيل على وعد أن يعود في صباح اليوم التالي ليقلني إلى حيث يوجد مقر سفارتنا. حضر مبكراً واستأذن أن نتوقف معاً في مقهى بعينه تعوّد أن يتناول فيه إفطاره كل صباح.
«لا يليق بمصر أن تتسم سياساتها الخارجية والمواقف التى تتخذها بالارتجالية، أو بمخالفات جسيمة لقواعد أساسية فى القانون الدولى كالموقف الذى تتبناه تجاه الحصار المفروض على قطاع غزة». كان ذلك نقدا جذريا للحصار الخانق على غزة لم يتردد "نبيل العربي" فى تسجيله قبيل إطاحة نظام «حسنى مبارك»، والتزم الموقف ذاته طوال رحلته فى الدبلوماسية والحياة.
معظم إن لم يكن كل ما يرد في السطور التالية منقول عن رواة لاعتبار هام وهو أنني كنت خلال الأيام الحاسمة في هذه المحطة من حياتي غائباً عن الوعي أو مُغيباً عنه!
كانت للخميس مع تجارب حياتنا طقوس اختلفت باختلاف النوع فليس كل ما كان يحق للصبيان يحق بالضرورة للبنات. اختلفت أيضا باختلاف العمر فما استحق لى فى مطلع شبابى لم يكن مسموحا لى على امتداد سنوات المراهقة، وما مارست واحترمت من طقوس ومتع مؤسسة على مصروف مقرر سلفا من أهلى حلت محلها طقوس ومتع أخرى معتمدة على دخل أو دخول مقابل أعمال أو خدمات قمت بها، بمقتضاها توقف مصروف الأهل وبالتالى تحررت الطقوس والمتع ولأول مرة من سلطة الأهل.
انطلقت الطائرة الفرنسية من مطار القاهرة كعادتها صباح كل يوم. وصلنا باريس عند الظهر أو بعده بقليل لنقضى ليلة فى فندق معروف. انتقلنا منه بسيارة ليموزين فاخرة إلى المطار فى اليوم التالى لنستقل طائرة فرنسية أخذتنا إلى مطار مدينة مورونى، عاصمة دولة جزر القمر الواقعة فى مياه مضيق يفصل بين القارة الإفريقية وجزيرة مدغشقر.
غزة تعيش والبطولات تتجدد وأساليب المقاومة تتعدد. نعم تمضي الأيام.. وفي العمر بقية.
بعد مرور نحو ثلاثة أعوام على رحلتنا الآسيوية، اتصل بي الأستاذ محمد حسنين هيكل من مزرعته في "برقاش" يسألني إن كان لدي من المشاغل ما يمنعني من استئذان الإدارة في "الأهرام" للحصول على إجازة بدون مرتب لمدة ثلاثة أشهر أصحبه فيها في رحلة نزور خلالها نحو عشرين دولة عربية.
نلتقى فى الشتاء أحيانا ولكنها فى الصيف لا تفارقنى. أتحدث اليوم عن أغنية الجاز الشهيرة «Summertime»، بصوت كل من إيلا فيتزجيرالد ولويس أرمسترونج. أسمعها فتسحبنى برقة كلماتها وعذوبة لحنها لنعيش معا ذكريات أيام وأمسيات كانت قاسية فى حرارتها شديدة فى رطوبتها ممتعة فى خلاصاتها وفيما أضافته إلى سجلات عواطفى وتجاربى.
تقابلنا للمرة الأولى قبل عقود. أظن أنها، أقصد زميلتى، قرأت لى منذ ذلك الحين ربما أكثر ما كتبت. سمعتنى أتدخل فى نقاشات كثيرة علمية وفى أكثر منها بعيداً عن العلم. جمعتنا ظروف عمل مع أجانب، اختلفنا واتفقنا وفى النهاية تأكدنا أن لكل منا أسلوبه فى التعامل مع الغرباء كما مع غير الغرباء، ولكل منا عقيدته وبصمته وأولوياته. كانت، مثل غيرها من المتابعات والمتابعين، تعتقد جازمة أن فى شخصيتى وتصرفاتى غموضا يجدر بى أن أروّضه ولو قليلاً.