كيف نجد الفرح في قلب الفوضى الكونية وأوهام العدالة؟ وكيف نكتب الفرح لأطفال أتقنوا الرعب قبل تعلّم الأبجدية؟ بل كيف لكلّ من لامس خراب الإنسانية ألّا يغرق في الكآبة الوجودية؟ إذن، كيف نكتب عن الفرح دون أن تفرّ الكلمات من الدواة؟
كيف نجد الفرح في قلب الفوضى الكونية وأوهام العدالة؟ وكيف نكتب الفرح لأطفال أتقنوا الرعب قبل تعلّم الأبجدية؟ بل كيف لكلّ من لامس خراب الإنسانية ألّا يغرق في الكآبة الوجودية؟ إذن، كيف نكتب عن الفرح دون أن تفرّ الكلمات من الدواة؟
في الجزء السّابق، بدأنا نرى كيف أنّ مُشكلة أساسيّة في ما يخصّ النّظرة السّبينوزيّة العامّة، لا سيّما من زاوية حرّيّة الإرادة أو الإرادة الحُرّة (Free Will): تكمن، ضمنيّاً ربّما، وعمليّاً بالتّأكيد.. في مفهوم سبينوزا حول "الإله" (أو "الكون"، أو "الوجود"). فإله سبينوزا نفسه، في الظّاهر من بعض خطاب الفيلسوف الكبير (لا كلّ خطابه برأيي): هو ذو إرادة خاضعة للضّرورة عمليّاً، أو بالأحرى، هو ذو ارادة خاضعة للقوانين المنطقيّة والعقلانيّة الضّروريّة الطّابع والتي تحدّثنا عنها في ما سبق.
لا شكّ في أنّ فرضيّة الإرادة الحُرّة (Free Will) هي في أحسن الأحوال صعبة التّرجيح و/أو الاثبات منطقيّاً وعقلانّياً وتجريبيّاً[1]. وفي أسوأ الأحوال، إن جاز التّعبير أيضاً، كما رأينا مع سبينوزا: فهي تُشكّل وهماً كبيراً من بين الأوهام التي يرزحُ الإنسان تحت حُكمها منذ بلغَ هذا الحدّ من اكتمال وَعيِه - على الأقلّ - في هذا العالم الظّاهر أمامنا وفي هذه الحياة الدّنيا العجيبة.
رأينا في الجزء السّابق لماذا تؤدّي نظرةُ الفيلسوف البرتغاليّ-الهولنديّ المولود ضمن عائلة يهوديّة، باروخ سبينوزا: كيف تؤدّي نظرةٌ كونيّة كهذه، في المبدأ، إلى استبعاد فرضيّة وجود "إرادة حرّة" أو "خيار حُرّ" (Free Will) لدى الإنسان في حقيقة الأمور.
لا شكّ في أنّ كثيراً منّا يعتقد اليوم أنّ سؤال الـFree Will ("الإرادة الحرّة") هذا قد أصبحَ وراءَنا إلى غير رجعة. من الذي يشكّ أو يشكّك بعدُ في أنّنا "مُخيّرون"، كما بتنا نُعبّر عادةً بلغتنا العربيّة؟