إسرائيل لـ”حقنة” ضد “عناد نصرالله”.. غير متوفرة!

Avatar18007/05/2020
تضج المواقع الإخبارية الإسرائيلية بالتقارير الإخبارية أو التحليلية التي تتناول حضور حزب الله وإيران على الأراضي السورية، لا سيما في ضوء ما أثير في الأيام الأخيرة، عن قيام إيران للمرة الأولى منذ العام 2011 بتقليص قواتها وإخلاء قواعد على الأراضي السورية، فضلا عن تحليل الضربات العسكرية الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف على الأراضي السورية ومسألة حضور حزب الله في منطقة الجنوب السوري والفرص والمخاطر التي يمكن أن تترتب على أية إجراءات إسرائيلية ربطا بـ"جبهة الكورونا".

وفق المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، فإن الإعلان، الذي جاء على لسان مصدر أمني إسرائيلي، أمس الأول، عن انسحاب الإيرانيين من سوريا، يشابه إعلان وزير الأمن، نفتالي بينيت، عن تطوير مصل مضاد لفيروس كورونا، أي أنه مجرد ذر للرماد في العيون، “وهذا أشبه بشركة عثرت على مؤشرات لوجود نفط، لكنها أعلنت عن كشف بئر يدر أرباحاً”!

ولاحظ أن أقوال المصادر الأمنية الإسرائيلية “ترمي إلى جني مكاسب سياسية”، و”خلق أجواء خطيرة من الرضى”، ويمكن أن تؤول “إلى اطمئنان ومفاهيم خاطئة”، وحسب فيشمان، فإنه “من الواضح تماماً أن عملية تراجع السيطرة الإيرانية في سوريا ليس بالأمر الجديد. وهو مستمر منذ أكثر من سنة”، ملمحاً إلى أن الإيرانيين ينقلون في الآونة الأخيرة معسكرات ومنشآت، إلى شمال شرق سوريا. وقال: “لقد استثمرت إسرائيل أكثر من مليار شيكل، في السنوات الثلاث الأخيرة، في حرب سرية في سوريا، من أجل نقل الإيرانيين إلى وضعهم اليوم، حيث بإمكانهم تحقيق 10% فقط من خططهم لإنشاء جبهة عسكرية هناك”، وأشار إلى أن فرضية العمل (الإسرائيلية) تقول إن الإيرانيين في وضعهم الحالي “حذرون أكثر في ردود فعلهم كي لا يوفرون لإسرائيل ذريعة لتركيز جهد عسكري وضرب بنيتهم التحتية والمضادات الجوية السورية التي يتم بناؤها من جديد”. ووضع ما يقوم به الإيرانيون في الحلبة السورية في خانة “خفض الرأس مؤقتاً حتى تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وعندها سيرون من سينتخب لرئاسة الولايات المتحدة ويعيدون حساباتهم مجدداً”.

دراسة الفرص الهجومية ضد حزب الله

وخلافا لأقوال فيشمان، أشار تقرير صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، إلى أن حزب الله وإيران لم يتخليا عن جهودهما في نقل أسلحة إستراتيجية متطورة وتعزيز بنيتهم العسكرية في سوريا، وخاصة تنمية أذرعتهم المحلية في الجزء غير المحتل من هضبة الجولان السورية، وقال التقرير أن من بين الأسلحة الإستراتيجية نقل مُركبات الصواريخ الدقيقة، “من إيران إلى سوريا ومنها إلى لبنان”. ولذلك يحرص حزب الله، “على أن يحتفظ لنفسه بإمكانية استخدام أن الممر البري من سوريا إلى لبنان، وكذلك الرحلات الجوية إلى مطار بيروت”.

وفيما تحدث تقرير المعهد عن رسائل تحذيرية متبادلة بين حزب الله وإسرائيل التي تردد مخاوفها من “تعاظم تموضع وجود حزب الله في هضبة الجولان”، أشار إلى أن من بين أسباب التوتر بين حزب الله وإسرائيل، استمرار الأخيرة في ما يعرف بـ”المعركة بين حربين”، ومن ضمنها استهداف مواقع في سوريا، وحركة نشطة لسلاح الجو الإسرائيلي في سماء لبنان “من أجل جمع معلومات استخبارية وإطلاق صواريخ باتجاه الاراضي السورية”، ونشاط إسرائيل على طول الحدود اللبنانية، لكنه لاحظ أن “إصرار إسرائيل وحزب الله على الحفاظ على قواعد اللعبة بينهما يعكس تطلعهما لمنع التدهور إلى مواجهة واسعة”.

ولاحظ التقرير أنه “في هذا الوضع، تزداد معضلة إسرائيل حدة بالنسبة لعملها العسكري ضد حزب الله. هل من الصواب استغلال ضائقة حزب الله ودفع خطوة عسكرية ـ هجوم مضاد ـ بهدف إلحاق ضرر كبير بقوة حزب الله العسكرية، وبتموضعه في هضبة الجولان وخصوصا بتسلحه بأسلحة (صواريخ) دقيقة في لبنان؟ وذلك من خلال تحمل مخاطر أن تؤدي خطوة كهذه إلى مواجهة واسعة، قد تكون نتائجها شديدة على كلا الجانبين”.

وأوصى تقرير “معهد الأمن القومي”، بأن “تستمر أنشطة المعركة بين حربين في سوريا، وخاصة من أجل إحباط التموضع في هضبة الجولان. وإلى جانب ذلك دراسة شن عملية عسكرية في لبنان فقط في حال تبين أن حزب الله تجاوز فعلا سقف تعظيم قوته، خاصة في مجال دقة الصواريخ، وبشكل من شأنه أن يشكل تهديدا كبيرا للغاية على إسرائيل. وأخيرا، على الرغم من أن احتمال مبادرة حزب الله إلى خطوة عسكرية في الوضع الحالي ضئيل، فإن هذا لا يلغي التهديد الآخذ بالتطور أمام إسرائيل وإمكانية التصعيد في أعقاب خطوة إسرائيلية. ولذلك، على إسرائيل الاستعداد منذ الآن لاحتمال مواجهة واسعة، برغم الاعتبارات بشأن ميزانيات (خلال السنيتن المقبلتين) تحتم أن تكون المواجهة ضد وباء كورونا، ومع التشديد على بناء قوة الجيش الإسرائيلي وإعداد الجبهة المدنية”.

نصرالله عدو عنيد

بدوره، كتب المعلق العسكري طال ليف رام في “معاريف” أن الهجوم الجوي الذي استهدف قبل يومين مركز الأبحاث العلمي “السفيرة” الموجود في الجنوب الشرقي من مدينة حلب في سوريا، هو السادس المنسوب إلى سلاح الجو الإسرائيلي في الشهر الأخير، والرابع في الأسبوعين الأخيرين، وبالتالي هو مؤشر على زيادة الضغط العسكري الإسرائيلي، لا سيما وأن هجوم “السفيرة” كان موجهاً “بصورة واضحة ضد هدف سياسي عسكري سوري واضح، وهو فعلياً مركز لتطوير وسائل قتالية عديدة، من بينها تطوير سلاح كيميائي وبيولوجي لنظام الأسد”.

ويشمل بنك الأهداف الإسرائيلي،  مخازن سلاح، مواقع لإنتاج وسائل قتالية، بطاريات صواريخ أرض – جو، ملاجىء محصنة تحت الأرض وقوافل عتاد عسكري، نُسب إليها أيضاً عدد من العمليات ضد حزب الله، مواقع مراقبة تابعة للبنية التحتية لـ”ملف الجولان”، التي تعمل بالقرب من الحدود مع إسرائيل، ويقوم بتشغيلها بصورة مباشرة قادة من حزب الله. وقال المعلق الإسرائيلي إن الحلف بين الأسد ونصرالله “يطرح أيضاً احتمال تنفيذ مشاريع مشتركة في منشآت تطوير عتاد عسكري وصناعات أمنية مثل “السفيرة”، بينما الجهد الأكبر لحزب الله يوظَّف في محاولة تطوير ترسانة صواريخ دقيقة مع قُطر إصابة للهدف يقل عن عشرة أمتار”، وختم بالقول صحيح أن إسرائيل نجحت بعرقلة المشروع في السنوات الأخيرة في لبنان، “لكن حسن نصرالله، كعدو عنيد، يبدو أنه لا ينوي التخلي بسهولة عن مواصلة العمل، وليس من المستبعد أن جزءاً من العمليات المنسوبة إلى إسرائيل في الفترة الأخيرة في سوريا كان موجهاً ضد هذه التهديدات”.

إقرأ على موقع 180  إسرائيل تعترف بعجزها عن عرقلة مسار فيينا النووي! 

الأسد.. و”الضيوف”!

وأشار المحلل العسكري في “هآرتس” عاموس هرئيل إلى أن هجمات إسرائيل ضد أهداف على الأرض السويرة بدأت في العام 2012 وتكثفت منذ العام 2017، وإستعرض ما أسماها الظروف الداخلية الصعبة لكل من حزب الله وإيران، خاصة بعد إغتيال الجنرال قاسم سليماني مطلع هذه السنة، وقال “في الخلفية (تكثيف الهجمات الإسرائيلية) هناك أيضاً العلاقات الملبدة بين الرئيس السوري بشار الأسد وضيوفه الإيرانيين. بالنسبة إلى الأسد، يبدو أن واجب استقبال الضيوف قد استُنفد. صحيح أن إيران ساهمت مساهمة كبيرة في صمود النظام على الرغم من الحرب الأهلية المدمرة، لكن النظام السوري يتعرض لضربات بسبب الإصرار الإيراني على البقاء”.

ويضيف أن إسرائيل “تسير على الحافة، وتنتظر لترى كيف سيرد المعسكر الخصم. هل سيلمح الأسد إلى النظام في طهران بأن الوقت حان كي يتراجع، أو أن الإيرانيين أنفسهم سيبحثون عن مخرج لائق ويقلصون وجودهم في سوريا بسبب ازدياد الضغط العسكري؟ في المقابل، يرتفع احتمال رد عقابي إزاء إسرائيل، عملية محدودة مثل تلك التي جرت في منتصف نيسان/أبريل (خرق السياج الحدودي بين إسرائيل ولبنان في ثلاث نقاط).

عاصفة في كأس ماء

وتناول المحلل العسكري أوري هالفرين (ضابط متقاعد) في مقالة في “معاريف” الفرص التي يزودها كورونا لإسرائيل في إيران والدول الخاضعة لتأثيرها (لبنان وسوريا والعراق)، في إشارة إلى الأوضاع الإقتصادية الصعبة في البلدان الأربعة. وأضاف أن المحافظة على بقاء المحاور الأرضية (البرية) مفتوحة بين إيران ولبنان، مرورا بالعراق وسوريا “تشير إلى أن الحاجة إلى تعزيز المحور الشيعي وزيادة قوته، لا تزال لها الأولوية في جدول الأعمال. لكن من الصعب أن نصدق أن الشريك الروسي القلق من ازدياد الوباء في روسيا، سيواصل تخصيص موارد لتحصين المعسكر الشيعي. بل من المحتمل أن يقلص تدخّله.

وإنطلاقاً من فرضية أن الضغط الاقتصادي في الأشهر المقبلة “على إيران ووكلائها سيستمر ويزداد، والضغط الأميركي لن يتضاءل، وستتسع الاحتجاجات الشعبية في الساحات الداخلية”، إقترح أوري هالفرين الآتي:

أولاً، زيادة الضغوطات الاقتصادية، لأن من شأنها زيادة الضغط المدني الداخلي على النظام (الإيراني) لتغيير سلم الأولويات الوطنية من النووي إلى بنى تحتية وطنية، ومن تمويل الميليشيات الإقليمية ووسائل القتال إلى إيجاد فرص عمل وغذاء.

ثانياً، يجب استغلال الضعف وسط القوات الشيعية في سوريا من أجل تحريك مركّز وصارم لخطوات عسكرية لتدمير منظومات القوة العسكرية الدقيقة في سوريا ولبنان، من خلال إبعاد القوات الشيعية عن سوريا ولبنان. كل ذلك من خلال عمليات حكيمة، بعيدة عن الأضواء (من دون تحمّل المسؤولية) لمنع التصعيد.

ثالثاً، يجب استخدام منظومة دعاية ونزع للشرعية، هدفها زيادة الضغط الداخلي على النظام في إيران وسوريا والعراق ولبنان. وتهدف إلى تجسيد الحاجة إلى تغيير عميق في سلم الأولويات القومية – نحو الاقتصاد والصحة والأمن الاجتماعي، بدلاً من الحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

ونقل المراسل العسكري لموقع “واللا” (Walla) أمير بوحبوط عن رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي اللواء أهارون حليوة أن الأسد “يفهم أو بدأ يفهم أن الإيرانيين الذين جاؤوا لمساعدته في الحرب ضد تنظيم داعش وأنقذوه، هم نفسهم اليوم يشكّلون خطراً على إستمرار حكمه، كونهم يشكلون خطراً كبيراً على قدرته لإعادة ترميم سوريا”. وإستبعد إمكانية التصعيد بين حزب الله وإسرائيل وقال: “السيد حسن نصرالله يدرك جيداً الثمن الذي سيدفعه حزب الله ولبنان جرّاء أي تصعيد ويعلم أن هناك خطوطاً حمراء ومنها عدم سماح إسرائيل بإدخال صواريخ ذات قدرات دقيقة، كما أنه يعي عزم إسرائيل على مواجهة التموضع الإيراني في سوريا، ويعرف أن الأسد يفهم أن جزءاً من الشركاء تحولوا إلى عبء”.

وقال القائد الأسبق للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، تسفيكا فوغيل، في مقال نشره موقع “واللا” الإخباري إن أحد كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي ممن خاض معظم حروب إسرائيل في العقود الثلاثة الأخيرة، أخبره أنه لا يجب إلا أن نكون متحمسين للغاية للهجمات المنسوبة إلى إسرائيل في سوريا، فهي توفر قدرة استخبارية ممتازة، وقدرات كبيرة من سلاح الجو، “لكنها مجرد رصاصة ضد وباء الجهاد، وهذا لن يمنع التهديد، لكنه سيخفّف الصداع، ويجب تهيئة النشاط باتجاه استهداف التواجد الإيراني في سوريا، وإحباطه من خلال ضرب مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، برغم أنها مبادرة صغرى، عاصفة في كأس ماء”. وختم بالقول إنه “يجب اتخاذ مبادرة هجومية تجاه أعدائنا، لاتخاذ قرار واضح بأن حرب الوجود الإسرائيلية ليس لها موعد نهائي، وفي هذه الحالة تكمن القوة المناعية في توفير “حقنة” النصر الحاسمة، إن لم يكن غدا، فسيكون في اليوم التالي” (المصادر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مركز الناطور، عرب 48، واللا، هآرتس، معاريف، 180).

 

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  نتنياهو يُلاقي التفاوض بمذبحة جديدة.. الفرص تضيق والرد...