كروغمان يخاطب بايدن: إسحق الطوربيدات وتقدم بسرعة

Avatar18020/01/2021
بول كروغمان، الأكاديمي الأميركي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، الكاتب في "نيويورك تايمز"، حدّد في مقالة بتاريخ 14 كانون الثاني/ يناير الحالي، أربع قواعد لسياسة جو بايدن الإقتصادية.

السيناريو نفسه يتكرر مجدداً. للمرة الثانية خلال 12 عاماً، يرث رئيسٌ ديموقراطي إنتخب حديثاً إقتصاداً في حالة صعبة. ولئن كان من الصعب التركيز على هذه الأشياء بعد الإنقلاب الترامبي الأخير، فإن الكثير يتوقف على ما إذا كانت خطة جو بايدن للتعاطي مع متاعبنا الاقتصادية ستكون ناجحة وفعالة.
الهامش الضيق لفوز الديموقراطيين في الكونغرس يعني أنه سيتعين تعليق الأهداف التقدمية الأكثر طموحاً، غير أن حزمة الإنقاذ التي كشف عنها بايدن يوم الخميس الماضي تشير إلى أنه لن يبدي الحذر المفرط الذي أعاق ردّ الرئيس باراك أوباما على الأزمة الاقتصادية.
برغم ذلك، إذا كان أي أحد ضمن فريق بايدن يشعر بالحذر، دعوني أقدّم أربع قواعد، بناء على التجربة الملموسة، يفترض أن تشجّعهم على أن يكونوا جريئين في التعامل مع الفوضى التي خلفها ترامب وراءه.

القاعدة الأولى:

لا تشك في قدرة الحكومة على المساعدة. في آخر مرة سيطر فيها الديموقراطيون على البيت الأبيض، كانوا يشعرون بنوع من الخجل والارتباك التلقائي وعلى منتصف الطريق من قبول الأفكار المحافظة، التي تقول إن ضرر الحكومة أكبر من نفعها. غير أن كل الأشياء التي حدثت منذ 2009 تؤكد أن الإنفاق الحكومي يمكن أن يكون مفيداً جداً. تذكر كيف ندّد الجمهوريون بقانون «أوباما كير» (قانون الرعاية الصحية) وكيف شبّهه بعضهم بالعبودية. والحال أن «أوباما كير»، برغم عيوبه، أدى إلى انخفاض جذري في عدد الأميركيين الذين ليس لديهم تأمين صحي، ومنح العديد من الأشخاص إحساساً جديداً بالأمان بعد اطمئنانهم إلى أنهم لن يُحرموا من التغطية الصحية بسبب أمراض سابقة. وقد كانت محاولات الجمهوريين لإلغاء «أوباما كير» سبباً رئيسياً لسيطرة الديموقراطيين على الكونغرس الآن.
بايدن يسعى وراء حزمة إنقاذ كبيرة أخرى، تشمل جهداً جديداً لتقليص فقر الأطفال، وقد يتجه قريباً لجعل «قانون الرعاية الميسورة» أكثر سخاء ويغطي أشخاصاً أكثر. ولهذا، يجدر به أن يضغط على كلا الجبهتين بقوة: فالتجربة الحديثة تُظهر أن الإنفاق الحكومي الذكي يستطيع أن يفعل الكثير لتحسين حياة الناس.
القاعدة الثانية:

لا تقلق بشأن الدّيون. فالتحذيرات المستمرة بشأن مخاطر الاقتراض الحكومي أعاقت أجندة أوباما منذ البداية تقريباً. وينبغي على بايدن ألا يسمح بحدوث ذلك مرة أخرى. الحقيقة هي أن التنبؤات بشأن العجز لم تتحقق أبداً، وهناك اتفاق واسع بين الاقتصاديين الآن على أن الدّين لا يطرح مشكلة كبيرة مثلما يذهب إلى ذلك الاعتقاد السائد. وإذا كان مستوى الدين الفدرالي قد يبدو مرتفعاً، فإن انخفاض معدلات الفائدة يعني أن عبء خدمة ذاك الدين منخفض جداً بالمعايير التاريخية.
القاعدة الثالثة:

لا تقلق بشأن التضخم. فالتحذيرات المستمرة بشأن ارتفاع الأسعار، إضافة إلى الادعاءات الكاذبة بأن الحكومة تخفي المعدل الحقيقي للتضخم (كلا، هذا النوع من الأشياء لم يبدأ مع ترامب)، ميّزت سنوات أوباما أيضاً، ولكن التضخم لم يرتفع أبداً. ومع ذلك، فإن المشتبه فيهم المعتادون يكثّفون محاولاتهم مجدداً.

على بايدن ألا يرتكب خطأ أوباما نفسه. ولا بأس في أن يمضي بعض الأيام في منح بعض الجمهوريين فرصة للانضمام إلى الديموقراطيين في دعم سياساته، غير أنه لا يمكنه السماح للبحث عن تأييد الحزبين بأن يؤدي إلى سياسات مخففة

وعليه، فإن الوقت مناسب للتأكيد على درس مهم من سنوات ترامب: إننا نستطيع إدارة اقتصاد نشط، مع بطالة منخفضة وعجز ميزانية كبير، من دون تضخم منفلت. ولهذا، يجدر ببايدن أن يبذل كل ما في وسعه لجعل الاقتصاد الأميركي نشطاً مجدداً، إلا أنه ينبغي ألا يتوقع أي مساعدة من الحزب المعارض.
القاعدة الرابعة:

لا تعوّل على الجمهوريين للمساعدة على الحكم. الخطيئة الأصلية لسياسة أوباما الاقتصادية كانت التحفيز الاقتصادي غير القوي بما يكفي لعام 2009. فـ«قانون التعافي وإعادة الاستثمار الأميركي» ساعد على إرساء استقرار الاقتصاد، ولكنه كان أصغر بكثير مما ينبغي بالنظر إلى عمق الأزمة.
وأحد أسباب صغر الخطة هو أن أوباما حاول كسب دعم الحزبين، بدلاً من أن يستغل المصالحة لتمريرها بالأصوات الديموقراطية (وهي الطريقة التي مرّر بها الجمهوريون قانون خفض الضرائب في 2017). ولكن ذلك الدعم لم يأتِ أبدا. وعوض ذلك، ساعد تباطؤ التعافي الاقتصادي الحزب الجمهوري في السيطرة على مجلس النواب في 2010، ما عبّد الطريق لسنوات من التخريب السياسي.
على بايدن ألا يرتكب خطأ أوباما نفسه. ولا بأس في أن يمضي بعض الأيام في منح بعض الجمهوريين فرصة للانضمام إلى الديموقراطيين في دعم سياساته، غير أنه لا يمكنه السماح للبحث عن تأييد الحزبين بأن يؤدي إلى سياسات مخففة.
فالحقيقة المحزنة هي أن بادين لا يمكنه توقع أي مساعدة حقيقية في الحكم من الحزب الجمهوري الحالي. حزب قضى شهرين عموماً، وهو يرفض الاعتراف بنتائج واضحة وحاسمة للانتخابات، في وقت ما زال يصوّت فيه العديد من أعضاء الكونغرس من أجل رفض الأصوات الانتخابية حتى بعد اقتحام الغوغاء لمبنى الكونغرس. كما ينبغي له ألا يسمح لانعدام التوافق بين الحزبين بإحباط أجندته. فالناخبون لا يكترثون للعملية، وإنما يكترثون للنتائج.

إقرأ على موقع 180  "النوافذ المغلقة" بين إيران والسعودية.. هل يفتحها الكاظمي؟

الخلاصة: 
إذا أخذنا كل هذه العناصر في الاعتبار، فإن رسالتي هي الآتية: «إسحق الطوربيدات، وتقدم إلى الأمام بأقصى سرعة». لا الإيديولوجيا البائدة، ولا المخاوف الاقتصادية المزيفة، ولا الآمال العقيمة في الوئام ينبغي أن يُسمح لها بالوقوف في طريق إنجاز السياسات التي تحتاجها أميركا.
 (*) المصدر: نيويورك تايمز

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  بن زايد "يناكف" بايدن.. الأسد في الإمارات!