حنان عشراوي والأخضر الإبراهيمي: ليس بالصمت تُردع إسرائيل.. دولياً

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالة مشتركة لكل من حنان عشراوي، السياسية والمُشرّعة والناشطة والباحثة الفلسطينية والأخضر الإبراهيمي، الدبلوماسي الجزائري والعربي والأممي وعضو جماعة "الحُكماء"، تمحورت حول كيفية وضع حد للنظام الإسرائيلي القائم على الفصل العنصري. في ما يلي النص الحرفي لمقالة عشراوي والإبراهيمي:

“اجتمع قادة العالم هذا الأسبوع في نيويورك لحضور الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهم يكافحون من أجل إثبات أهمية إنعقاد مثل هذه الاجتماعات واستمراريتها في عالم مليء بالكدمات. كانت الموضوعات الرئيسية المطروحة على جدول أعمال الدورة- حتى الآن- هي: “أزمة المناخ”، تأمين حاجة العالم من اللقاحات ضد Covid-19، والنظام الجديد في أفغانستان. وهي مواضيع وقضايا مُحقة، وتستحق البحث والنقاش. لكن هناك قضية أخرى تتطلب اهتمامنا أيضاً، وتحقيق أي تقدم في هذه القضية يُمكن أن يُعيد الثقة في قدرة الجمعية العامة على القيام بدورها: إنه نظام الدولة الإسرائيلية اليهودية العميقة في تسلطها وجبروتها على ملايين الفلسطينيين، وهو النظام الذي يُجْمِع المزيد والمزيد من المراقبين على أنه نظام فصل عنصري. ونحن بدورنا ننضم إلى العديد من قادة العالم في دعوة الجمعية العامة للتحقيق في هذا النظام، وبالتالي اتخاذ الإجراءات اللازمة للمساءلة تمهيداً لتفكيكه.

في العام الماضي، وفي إطار التحرك لوقف مخططات الحكومة الإسرائيلية لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، إنضم إلينا عشرات من قادة المجتمع المدني والدبلوماسيين العرب في الدعوة إلى فرض عقوبات على إسرائيل والدفاع عن حق الفلسطينيين في الانخراط في مقاومة مشروعة، بما في ذلك من خلال تفعيل سياسة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات والجزاءات. وهذا ليس فقط لحماية حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ولا سيما حق تقرير المصير، ولكن أيضاً من أجل حماية حُرمة وسيادة القانون الدولي.

من خلال سياستها في قضم الأراضي الفلسطينية، وهي سياسة تستمر فيها بلا هوادة، وتوسيع بسط نفوذها وسيطرتها المطلقة على كل فلسطين، تنكر إسرائيل، وبشكل صارخ، حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، لا سيما حقه في الوجود والسيادة على أرضه. كما أن إسرائيل تعمد إلى تدمير أسس أي حل للنزاع يقوم على مبادئ القانون الدولي، وفي الوقت نفسه تعمل على ترسيخ نظام تشريعي لممارسة كل أنواع التمييز المؤسسي والفصل وعدم المساواة، وذلك من خلال سن قوانين وسياسات، تفرضها في جميع أنحاء فلسطين التاريخية بالقوة. هذا “النظام التشريعي” يتطابق مع التعريف الذي تعتمده الأمم المتحدة لـ”الفصل العنصري”.

منذ عقود طويلة والفلسطينيون – سواء هؤلاء الذين يرزحون تحت الاحتلال في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس، أو يعيشون داخل الكيان الإسرائيلي كلاجئين ومنفيين قسرياً – ينتظرون من الأمم المتحدة أن تنفذ عشرات القرارات التي سبق واتخذتها لدعم حقوقهم. إن العمل على إلغاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي من شأنه أن يمنح الفلسطينيين، وكل مجتمع يعاني من الظلم في جميع أنحاء العالم، الأمل في أن تسود العدالة بالفعل.

من واجب الأمم المتحدة أن تحقق، وبشكل عاجل، في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي كخطوة أولى نحو تفكيكه

إن الفصل العنصري، أينما وُجد، وفي أي مكان كان، لهو جريمة ضد الإنسانية، ودول العالم ومنظمة الأمم المتحدة مسؤولون عن إلغائه. لقد لعبت الجمعية العامة دوراً حاسماً في هزيمة وإنهاء الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، بعدما اعتبرته تهديداً للأمن الدولي وانتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة ولحق الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية في تقرير مصيرها. كما دعت الجمعية العامة جميع الدول إلى قطع العلاقات العسكرية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية مع النظام الذي كان يحكم جنوب إفريقيا في ذلك الوقت، وأنشأت لجنة خاصة للأمم المتحدة ومركزاً للمساعدة في القضاء على الفصل العنصري. والآن، لقد حان الوقت لأن تفعل الأمم المتحدة الشيء نفسه مع إسرائيل.

لقد دأبت المنظمات الفلسطينية الرائدة، وعلى مدى عقود من الزمن، على إدانة وتوثيق ارتكاب إسرائيل لجريمة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني. في حزيران/يونيو 2020، صدر تصريح رسمي من 47 خبيراً في مجال حقوق الإنسان يعملون مع الأمم المتحدة بشكل مستقل يصف خطط الحكومة الإسرائيلية لقضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة وضمّها بشكل غير قانوني بأنها تُشكل “رؤية للفصل العنصري – القرن الحادي والعشرين”.

منذ تموز/يوليو 2020، انضم 10 رؤساء دول سابقين وأكثر من 700 نائب وعشرات من الحركات الاجتماعية ومنظمات الشعوب الأصلية من جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية إلى “الاستجابة العالمية للجنوب” Global South Response، وأعلنوا دعمهم الكامل للمجتمع المدني الفلسطيني في دعوته للأمم المتحدة بضرورة إجراء تحقيق في جرائم الفصل العنصري التي ترتكبها إسرائيل، وما يترتب على ذلك من عقوبات هادفة وقانونية لإنهائه.

وفي كانون الثاني/يناير2021، نشرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” B’Tselem تقريراً دامغاً بعنوان “نظام التفوق اليهودي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط: هذا فصل عنصري”.

وفي نيسان /أبريل 2021، نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرها التاريخي الخاص بعنوان “عتبة مقاطعة” A Threshold Crossed، الذي يوضح بالتفصيل كيف ترقى سياسات إسرائيل ضد ملايين الفلسطينيين إلى جرائم ضد الإنسانية متمثلة في الاضطهاد والفصل العنصري.

يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تبدأ بفرض حظر عسكري أمني ثنائي الاتجاه على إسرائيل وحظر جميع أعمال وأنواع التجارة مع الشركات المتواطئة المُدرجة في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات المتورطة في مشروع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني

دولتا جنوب إفريقيا وناميبيا، اللتان سبق وانتصر شعبيهما على نظام الفصل العنصري، صنفتا إسرائيل كـ”دولة نظام فصل عنصري”، واقترحتا آليات للأمم المتحدة للتحقيق في الأمر.

إقرأ على موقع 180  20 عاماً على غزو العراق.. حتى الغرب يترحم على صدّام!

في حزيران/يونيو 2021، أشار بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة ونائب رئيس منظمة “الحُكماء”(*)، إلى أن إسرائيل تفرض نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين، وتفرض سيطرتها وسطوتها على الفلسطينيين من خلال احتلالها المتواصل للأراضي الفلسطينية.

إذن، من واجب الأمم المتحدة أن تحقق، وبشكل عاجل، في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي كخطوة أولى نحو تفكيكه. في الوقت ذاته، تُدعى الدول إلى اعتماد إجراءات مُساءلة فعَّالة تُنذر إسرائيل بأن هناك عواقب وخيمة لانتهاكها حقوق الفلسطينيين بلا هوادة وبلا أي أدنى اعتبار لسيادة القانون. إن إلتزام الصمت، أو الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية الغامضة، أو إطلاق الإدانات الكلامية، وغير ذلك لن يردع إسرائيل عن الاستمرار في نزع ملكية الفلسطينيين وقمعهم بشكل منهجي. يجب أن يشمل الرد الجاد مجموعة واسعة من العقوبات الفعَّالة والموجهة من قبل المجتمع الدولي الذي يحترم الشرعية الدولية وحقوق الإنسان.

يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تبدأ بفرض حظر عسكري أمني ثنائي الاتجاه على إسرائيل وحظر جميع أعمال وأنواع التجارة مع الشركات المتواطئة المُدرجة في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات المتورطة في مشروع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني. ومن خلال التصدي لسياسة الفصل العنصري الإسرائيلي، يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة التعبير حقاً عن ضمير العالم وإثبات أهميتها في السعي العالمي لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة للجميع”.

(*) جماعة “الحُكماء”، مجموعة من القادة العالميين جمعهم نيلسون مانديلا في عام 2007.

(**) نقلاً عن “الغارديان”

Print Friendly, PDF & Email
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  عن عالم لا ينقصه ذكاء إصطناعي