ربما، لم يستطع السودانيون تصدير محمولهم الثقافي والفكري والأدبي إلى مشرق العالم العربي ومغربه، وحتى إلى جارتهم القريبة مصر، لأسباب خاصة بهم، ولكن الثلاثية القائلة إن القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ، توجز إلى حد كبير ذاك الميل المعرفي المتوقد لدى أهل السودان، وبصورة لا تنطوي على أي غلو أو مبالغة إذا قيل فيها إن النخبة السودانية، قد تكون إحدى أكثر النخب العربية ثقافة وانشداداً إلى القراءة والمعرفة.
مع ذلك، عجزت تلك النخبة عن إدارة السودان الشاسع بمساحته، والواسع بتعدديته، والغني بثرواته وموارده، ولعل ما يقال في هذا المجال، إن النخبة السودانية، كما شقيقاتها العربيات، أضاعت كل ما أتيح لها من عوامل إنهاض البلاد، جراء انزياحها المفرط إلى اقتتالات لا تنتهي، وكأنها متخمة بما تشبع به السياسيون العرب من قديم شعراء الجاهلية وقولهم:
وأحياناً على بكرٍ أخينا / إذا ما لم نجد إلا أخانا.
كيف يمكن شرح ذلك وتفصيله؟
هنا شاهدان على طريقة التفكير السياسية التي أنهكت السودان وأهلكته، واحد للجنرال عمر حسن البشير المُطاح به في انتفاضة عام 2019، وآخر للشيخ حسن الترابي زعيم الحركة الإسلامية السودانية:
ـ في حوار مع صحيفة “الشرق الأوسط” في الرابع من آذار/مارس 2021، روى الجنرال عبد الرحيم حمدان دقلو القائد الثاني لقوات “الدعم السريع” السودانية ، تفاصيل عن رغبة البشير بقتل أكثر من ثلث السودانيين وقال “في 9 أبريل(نيسان) 2019 ذهبت ومعي القائد حميدتي لمقابلة البشير، فوجدناه في أشد حالات الغضب، وحين سأله حميدتي عن الحل رد: اقتلوهم، فهناك فتوى تبيح قتل ثلث الشعب، بل فتوى أكثر تشدداً تبيح قتل نصفهم، ليعيش الباقون”.
ـ يقول الوزير السابق ورئيس تحرير صحيفة “الأيام” الصادرة في الخرطوم في مقدمة كتاب “محنة النخبة السودانية” لفتحي الضو محمد “تستشعر ذاكرتي رأياً للدكتور الترابي، أطلقه ونحن في سجن كوبر خلال الأسابيع الأولى بعد انقلاب 30 ـ 6 ـ 1989، التي مكثها معتقلا مع المعارضين، كواحدة من أشكال التمويه يومذاك، قال الترابي ما معناه إن الشعب السوداني لا ولن يسلك الطريق القويم إلا بالقهر، وعندما اعترض احدهم بأن القهر يولد الإنفجار، كان رد السيد المرشد، دعك من هذا، القهر قد يبدو شاذاً وغريباً في أيامه الأولى، ولكن سرعان ما يعتاد الناس عليه”.
شكّل انقلاب ابراهيم عبود، مقتل “الديموقراطية السودانية الأولى” بأظافر وأنياب القوى السياسية
تلك هي ذهنية التفكير لدى نخبة سياسية سودانية معينة، حفرت أفعالها عميقاً في المسار السياسي للسودان الحديث، وهذا يستدعي بطبيعة الحال، العودة إلى أوراق وسجلات العقود الماضية، حيث كانت تلك النخبة تستهوي النزاعات وتهيم بالخلافات إلى حدود إقفال طرق الحلول وإستغلاقها، وتذهب مرة تلو المرة إلى الإستعانة بالجيش لتستقوي على غرمائها وخصومها، وبعدما يتقدم الجيش إلى واجهة الحُكم والسلطة، تثور عليه وتنتفض ضده.
في تلك الأوراق ما يلي:
في الأول من كانون الثاني/ يناير 1956، نقلت وسائل الإعلام العالمية مشهد إنزال العلمين المصري والبريطاني عن الدوائر الرسمية في السودان، وتصدر هذا المشهد “أبو السودان الجديد” إسماعيل الأزهري، الذي رفع علم السودان وأعلن نهاية حقبة الحكم الثنائي الخارجي.
بعد عام ونصف العام على استقلال السودان، أي في حزيران/ يونيو1957، قاد اسماعيل كبيدة محاولة انقلابية فاشلة، اتفق إثرها أهل السياسة السودانيون على إجراء انتخابات نيابية في شباط/فبراير 1958، وتولى حينذاك عبدالله خليل رئاسة الحكومة، لكن “غراب البين” عمل على شق صفوف “حزب الأمة”، وفي كتاب “الديمقراطية في السودان”، يقول الزعيم السوداني الذائع الصيت الصادق المهدي “في عام 1958 نشأ نزاع داخل حزب الأمة، وكان رئيس الوزراء عبدالله خليل الأمين العام للحزب يرى أن استقرار السودان يتم إذا تحالف حزب الأمة مع حزب الشعب الديموقراطي، وكان رئيس الحزب السيد الصديق المهدي يرى أن التحالف الأكثر تجانساً هو بين حزب الأمة والحزب الوطني الإتحادي برئاسة اسماعيل الأزهري”.
هذا المشهد الخلافي، عنى حرفياً، انجذاب القوى السياسية السودانية الأكثر فعالية إلى أربع زوايا متناقضة، بل متناحرة، مضافاً إليها نزاعات قوى مؤثرة أخرى، كالإسلاميين والشيوعيين والجمهوريين والجنوبيين وغيرهم، وأفضى ذلك برئيس الوزراء عبدالله خليل لأن يستنجد بالجيش ويغريه بإستلام السلطة، فاستطاب الأمر للفريق ابراهيم عبود وأعلن نفير الإنقلاب على القوى المدنية والسياسية في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1958، وعمل على قلب السحر على الساحر عبر إصداره بياناً أكد على “حل جميع الأحزاب ومنع التجمعات والمواكب والمظاهرات ووقف جميع الصحف”.
في المعنى العام، شكّل انقلاب ابراهيم عبود، مقتل “الديموقراطية السودانية الأولى” بأظافر وأنياب القوى السياسية، كما يقول السودانيون أنفسهم، وعلى ما يروي الصادق المهدي “أن رئيس الوزراء لم يكن يثق بإسماعيل الأزهري، ويعتقد أنه يناور مع جهات اجنبية، واقترح البعض أنه في هذه الحالة تُسلم السلطة إلى القوات المسلحة، غير أن هذا الرأي وجد الرفض، لكن رئيس الوزراء كان يرى أن القوات المسلحة مأمونة على القيام بمهمات تأمينية مؤقتة، لذلك اجتمع بالقائد العام وهيئة أركانه، وأفضى لهم بهمومه، واتفق معهم على التسليم والتسلم، فكان سير الأحداث معروفاً من بعد ذلك”.
وما ورد في كتاب الصادق المهدي، يتكرر في كتاب “التجربة الديموقراطية وتطور نظم الحكم في السودان” للمفكر السوداني ابراهبم حاج موسى إذ ينسب لإبراهيم عبود قوله “قبل انعقاد البرلمان بعشرة ايام، جاءني عبدالله خليل وقال “إن الحالة السياسية سيئة ويمكن أن يرتب عنها أخطار جسيمة، ولا منقذ للوضع إلا الجيش، فقلت هذا لضباط الرئاسة أحمد عبد الوهاب وحسن البشير”، ويُقر الوزير منصور خالد بزج القوى السياسية للجيش في مهالك السلطة إنما مع توسيع دائرة الذين زجوه وحرضوه، ويقول في كتابه “السودان/ اهوال الحرب وطموحات السلام” إن انقلاب ابراهيم عبود حظي بمباركة عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني.
في تاريخ السودان بعد الإستقلال، لم يبقَ طيف ولا لون سياسي سوداني لم يغرس أظافره في مقتلة التجربة المدنية والديموقراطية
وعلى تلك الحال، بات من الواضحات الفاضحات كما يقول أهل السودان، تحريض القوى السياسية للجيش للإمساك بمقاليد الحُكم عام 1958، ولكن المثير في الأمر، أن ذاك الإنقلاب تحول تقليداً في السياسة السودانية، فالأحزاب والطوائف التي تتصارع على طريقة هابيل وقابيل في فترات الحكم المدني ولا تجد مخرجاً لأزماتها، هي نفسها التي تدفع الجيش للإنقلاب في كل مرة، وهي ذاتها سرعان ما تنقلب عليه وتعمل على تنظيم صفوفها من جديد لإخراجه من مقاعد السلطة، وهذا ما سيتبين بعد حين.
عموما، خرج ابراهيم عبود من مدار الحُكم في الحادي والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 1964، بعد تظاهرات وإضرابات وصدامات، بدا خلالها الشعب السوداني وكأنه في يوم المحشر يواجه الجيش، وتسلم سر الختم خليفة رئاسة مجلس الوزراء، واسماعيل الأزهري رئاسة المجلس السيادي، وبذلك عاد الحكم المدني إلى السودان وارتسمت معه معالم “الديموقراطية الثانية”.
هل يستقيم “الحكم المدني” مع أهل الشرق؟
هذا السؤال كان أجاب عنه الفيلسوف أرسطو قبل 2300 سنة، حيث قال إن البرابرة (المقصود غير اليونانيين) يميلون إلى النزاعات وأنواع الإستبدادات، وهكذا ما أن جرت انتخابات آذار/مارس 1965، حتى دبّ الصراع مجدداً بين القوى السياسية السودانية، فاختلفت على ما دون التفاصيل والجزئيات وأهملت المضامين والكليات، ومع هذا المشهد، تشكلت حكومات محمد أحمد محجوب، ثم الصادق المهدي، ثم محجوب من جديد، وتفاقمت في هذه الفترة الصراعات الحادة بين حزبي “الإتحادي” و”الأمة”، وبين الشيوعيين والإسلاميين، وبين الشماليين والجنوبيين، لكن أبرز الصراعات تمثلت بالتالي:
- أولاً: بين “الإتحادي” و”الأمة”، وفي ذلك، يروي الصادق المهدي قائلاً “في عام 1969 نشأ فراغ دستوري، سببه أن حزبي الإئتلاف الحاكم ـ الإتحادي والأمة ـ اختلفا اختلافاً ترجع جذوره إلى أسباب أهمها أن انتخابات العام 1968 جرت أثناء توحد الحزب الإتحادي وانشطار حزب الأمة، ثم اتحد حزب الأمة، فكان ذلك مدعاة لإعادة النظر في الإئتلاف، ولم يكن الإتحادي مستعداً لإجراء مراجعة جذرية في الإئتلاف القائم، وعندما طال الخلاف قدم رئيس الوزراء محمد احمد محجوب استقالته”.
- ثانياً: بين الشيوعيين والإسلاميين والمحافظين، وجذور الصراع بينهم تقليدية، إلا أن حل الحزب الشيوعي في عام 1965 وطرد نوابه (11 عضواً) من البرلمان، أدى إلى تعميق فجوة الصراع بين التيارات الثلاثة، وغدا الشيوعيون مقيمين على قناعة بأن المشاركة في السلطة او الوصول إليها، تمر عبر “العنف الثوري”، وهذا العنف بالعرف السوداني هو الإنقلاب العسكري، ولذلك لا بأس به إذا تحققت من خلاله المدينة الشيوعية الفاضلة.
ما أن استتب أمر السلطة للنميري، حتى راح يطارد كل من ينازعه السلطة، فقتل كبير قادة حزب “الأنصار” الهادي المهدي، عم الصادق المهدي، وأعدم عبد الخالق محجوب وآخرين محسوبين على الإتجاه المتشدد في الحزب الشيوعي إثر محاولة انقلابية فاشلة
لكن من هو قائد الإنقلاب في هذه المرحلة؟ هو اللواء جعفر النميري الذي أطاح بـ”الديموقراطية الثانية” في الخامس والعشرين من أيار/مايو 1969، وفي الحكومة الأولى التي شكلها النميري نال الشيوعيون الوزارات التالية: الخارجية لفاروق أبو عيسى، العمل لمعاوية إبراهيم، الصناعة لأحمد سليمان، وحول دور الحزب الشيوعي السوداني المساند لإنقلاب جعفر النميري، هذه الشهادات:
ـ يقول حيدر إبراهيم علي رئيس تحرير فصلية “كتابات” السودانية في دراسة محكمة بعنوان “كيف يُصنع القرار في الأنظمة العربية/ الحالة السودانية” لقد “استمر التأزم حتى قيام انقلاب 25 أيار/مايو 1969، الذي صادر الديموقراطية للمرة الثانية، وكان الحزب الشيوعي وراء هذا الإنقلاب، مبرراً موقفه بعدم احترام الأحزاب التقليدية شروط اللعبة الديموقراطية”.
ـ بحسب الصادق المهدي، بعد قرار حل الحزب الشيوعي “أقنعت تلك الظروف العناصر المغامرة منه، بقيادة السيد احمد سليمان، بأن لا جدوى من الديموقراطية، فنشطت كوادر الحزب العسكرية في اتجاه انقلابي”.
يشير منصور خالد في كتابه الآنف الذكر، إلى أنه “سواء كان الحزب الشيوعي قد تواطأ بالفعل في التدبير الماهر للإنقلاب العسكري عام 1969، أو أعان على بقائه بعد وقوعه، فتلك مسألة لا تهم، المهم هو أن أي ظن بأن الحزب الشيوعي سيذرف الدمع على ديموقراطية سعت لتدميره، أمر يخالف طبائع الأشياء.
مهما يكن من حال، ما أن استتب أمر السلطة للنميري، حتى راح يطارد كل من ينازعه السلطة، فقتل كبير قادة حزب “الأنصار” الهادي المهدي، عم الصادق المهدي، وأعدم عبد الخالق محجوب وآخرين محسوبين على الإتجاه المتشدد في الحزب الشيوعي إثر محاولة انقلابية فاشلة قادها الرائد هاشم العطا عام 1971، وأنزل البلاءات في “الأنصار” حيث سحق منهم ما يقارب الألف شخص في جامع عبد الرحمن المهدي، وما يوازي 25 ألفا من “المقاومة الشعبية” في جزيرة “أبا”، استنادا إلى ما يقوله محمود شاكر في كتاب يرصد تلك الفترة عنوانه “السودان” صدر في عام 1972.
ومع ذلك جرت المصالحة بين القوى السياسية والنميري بعد منتصف السبعينيات، كما يقول حسن الترابي في “الحركة الإسلامية في السودان”، فدخل الإسلاميون وغيرهم في “الإتحاد الإشتراكي”، ولم تمض سنوات قليلة على هذه “المصالحة” حتى ساءت أحوال السودان واضطربت، فقاد النقابيون والمهنيون تظاهرات صاخبة أفضت في النهاية إلى الإطاحة بنظام النميري في السادس من نيسان/ابريل 1985 عقب اتفاق بين الهيئات المهنية ووزير الدفاع الجنرال عبد الرحمن سوار الذهب، قضى بأن يرأس الأخير مرحلة انتقالية، فكان عهده مسؤولاً، فتنازل عن السلطة بعد إجراء انتخابات نيابية عام 1986، فاز فيها حزب “الأمة” بمائة مقعد، و”الإتحادي” بستين مقعداً، و”الجبهة القومية الإسلامية” بواحد وخمسين مقعداً، وترأس الصادق المهدي حكومة إئتلافية، شكلت مدخلاً لإنتقال السودان إلى مرحلة “الديموقراطية الثالثة” لكن الإسلاميين، كانوا لها بالمرصاد!.
ما يراد قوله في هذا الجانب، هو الآتي:
أدى المحافظون (“الأمة” و”الإتحادي”) دورهم في استدعاء الجيش إلى السلطة بقيادة الفريق ابراهيم عبود عام 1958، وأعقبهم الشيوعيون في انقلاب اللواء جعفر النميري عام 1969، وليكتمل المشهد مع الإسلاميين في أواخر الثمانينيات، من خلال استدعاء الشيخ حسن الترابي للمشير عمر حسن البشير ليتولى قيادة السودان بإنقلاب عسكري جرت وقائعه في الثلاثين من حزيران/يونيو 1989، وبذلك يكون الإسلاميون قد أجهضوا “الديموقواطية الثالثة”، التي عمرت من العام 1986 وحتى لحظة “الإنقلاب الإسلامي” وتساووا مع نظرائهم من أهل السياسة السودانيين في الحؤول دون ترسيخ الديموقراطية وتطوير الحكم المدني، وتسابقوا على إقامة سدود منيعة وحصينة بين السودان وبين الإستقرار والتنمية.
الطيب الصالح: “ﻧﺤﻦ أهل السودان ﺑﻤﻘﺎييس ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻼﺣﻮﻥ ﻓﻘﺮﺍﺀ، ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻋﺎﻧﻖ ﺟﺪﻱ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻟﻐﻨﻰ، ﻛﺄﻧﻨﻲ ﻧﻐﻤﺔ ﻣﻦ ﺩﻗﺎﺕ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻜﻮﻥ”
ماذا بعد؟ هذه ملاحظات أخيرة:
حين أسقط السودانيون عمر البشير في نيسان/ابريل 2019، عبر انتفاضة مشهودة، لم يكن من المتوقع أن يعود الحُكم المدني إلى السودان كما كانت الأحوال تمضي بعد إسقاط الأنظمة العسكرية، فمعادلة الحكومة المدنية تعقب إخراج الجيش من السلطة، لا يبدو أن لها مكاناً في هذه الآونة السودانية، ويتضح ذلك من خلال استسهال الجيش إزاحة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وعدم وجود قوى سياسية جاذبة كما كانت الحال مع الصادق المهدي وآل الميرغني وعبد الخالق محجوب ومحمد ابراهيم نقد وحسن الترابي، فضلا عن معارضة ومحاربة العوامل الإقليمية لأي تحول سوداني نحو “الديموقراطية الرابعة”، التي يقرأها جيران السودان، براً وبحراً، بأنها إحدى ثمار “الربيع العربي” الذي يهدد الأنظمة السياسية القائمة.
يبقى قبل الختام:
في تاريخ السودان بعد الإستقلال، لم يبقَ طيف ولا لون سياسي سوداني لم يغرس أظافره في مقتلة التجربة المدنية والديموقراطية، فلا “حزب بريئاً من دم ذاك الصديق”، ولذلك فحال السودان على ما هي عليه من أحوال.
في الختام، عودة إلى الطيب الصالح، حيث يقول:
“ﻧﺤﻦ أهل السودان ﺑﻤﻘﺎييس ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻼﺣﻮﻥ ﻓﻘﺮﺍﺀ، ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻋﺎﻧﻖ ﺟﺪﻱ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻟﻐﻨﻰ، ﻛﺄﻧﻨﻲ ﻧﻐﻤﺔ ﻣﻦ ﺩﻗﺎﺕ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻜﻮﻥ”.