فلسطين المنتخب 33 في مونديال قطر
Soccer Football - FIFA World Cup Qatar 2022 - Group C - Argentina v Mexico - Lusail Stadium, Lusail, Qatar - November 26, 2022 Argentina fan holds up a Palestine flag outside the stadium before the match REUTERS/Hamad I Mohammed

تسمر مئات الملايين يومياً لمشاهدة مونديال قطر الذي أقيم بين 20 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر 2022. هذا الحدث الذي يخلو عادةً من السياسة، وفقاً لقواعد "الفيفا"، المنظم للمونديال، خُرِقَ من قبل "الفيفا" ذاته عندما علّق مشاركة منتخب روسيا في نهائيات كأس العالم 2022 دعماً منه لأوكرانيا.

لم يُضِع الفلسطينيون ذلك الخرق سدى، فكان حضورهم بمثابة المنتخب 33 في مونديال قطر، اذ أطلقوا أكثر من حملة دعم لقضيتهم منها: حملة إلكترونية باسم “الحلم الفلسطيني” غايتها تعريف العالم بالقضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال؛ رفع علم فلسطين؛ الترويج لفلسطين في مدرجات وتجمعات توشحت بالكوفية الفلسطينية؛ إقامة “مخيمات إعلامية” هدفها شرح طبيعة الصراع مع إسرائيل؛ إنشاء موقع إلكتروني بلغات ثلاث يتيح معلومات عن القضية الفلسطينية؛ مبادرة حملت شعار “# فلسطين في كأس العالم” رفعت لافتات كتب عليها “فلسطين حرة” و”القدس عربية”، وأخيراً وليس آخراً الاحتفالية التي جرت في استاد لوسيل تحت عنوان “أنا فلسطيني”.

بدورها، ساهمت قطر في دعم القضية الفلسطينية، من خلال عرض علم فلسطين على بعض المباني القطرية ورفعه خلال حفل الافتتاح، اضافة الى تضامنها مع الفلسطينيين لـ”أن قضيتهم وقضيتنا العادلة في فلسطين ستظل حاضرة في ضميرنا”، كما اعلنت مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر في مؤتمر صحفي عقدته عشية انطلاق المونديال.

نجحت هذه الحملة على الصعيد الشعبي لا سيما عند المشجعين العرب، إذ رفضت أغلبيتهم الساحقة التحدث إلى مراسلي الإعلام الإسرائيلي، وقال بعض المشجعين العرب للصحافة الإسرائيلية “ما في إسرائيل، في فلسطين وبس، إرحلوا برا برا وفلسطين عربية حرة”. بدوره، قال لاعب الإسكواش المصري عمر فرج “آمل أن ينظر الناس أيضاً إلى الاضطهاد في كل مكان في العالم. فالفلسطينيون مروا بذلك على مدار الـ74 عاماً الماضية”. وكتب المعلق الرياضي حفيظ دراجي، الذي يعمل في شبكة Bein Sports العالمية، “إن شاء الله يرفرف علم فلسطين في كل مكان في قطر، التطبيع مع إسرائيل خيانة وذل وعار. من يوافق على ذلك جبناء ومن يبرره أغبياء”. فيما قالت إحدى منظمات حملة “سفراء ضد التطبيع”، بأنه مثلما تؤمن الدول الأوروبية بعدالة محنة أوكرانيا، “يحق لنا أيضاً التحدث عن قضية فلسطين”. فيما قرر شاب سعودي كان يبيع أعلام الدول المشاركة، تقديم العلم والكوفية الفلسطينية لجمهور المُشجعين مجاناً قائلاً “علم فلسطين يجب أن يُوزع لا أن يباع”.

ولعل أكثر المبادرات الرمزية الداعمة لفلسطين، عبّرت عنها جماهير تونس التي رفعت علم فلسطين وقد كُتب عليه “فلسطين حرة” في الدقيقة 48 لمباراة منتخبهم مع المنتخب الاوسترالي، وذلك للتذكير بالنكبة الفلسطينية عام 1948، فيما رفع المنتخب المغربي بعد فوزه مرتين العلم الفلسطيني مع العلم المغربي احتفاء بالفوز.

ولم تنجح محاولات الاعلام الإسرائيلي بحجز مكان له في قلب هذا الحدث الرياضي العالمي الذي يُقام للمرة الأولى على أرض دولة عربية، بالرغم من سعي الدولة العبرية الى توسيع مروحة التطبيع مع العالم العربي لتشمل دولاً عديدة من المحيط إلى الخليج. وقد عبّرت وسائل الإعلام تلك عن “صدمتها” مما وصفتها “الأهداف التي أحرزها المشجعون العرب والفلسطينيون ضد إسرائيل في مونديال قطر”، و”كم أن إسرائيل مكروهة في العالم العربي.. ولدى الناس في الشارع”.

وكتب المسؤول السابق في جهاز “الشاباك” الإسرائيلي دورون ماتسا في موقعمكور ريشون بعنوان “كراهية إسرائيل”، مُشيراً إلى ما أسماه “السقف الزجاجي لاتفاقيات التطبيع”، معتبراً أن “التعامل (الفظّ) لمشجعي كرة القدم العرب مع ممثلي وسائل الإعلام الإسرائيلية فتح عيونهم على الواقع في الشرق الأوسط وعلاقة إسرائيل بالمنطقة”، وخلص إلى التقليل من قيمة اتفاقيات التطبيع الرسمية مع الأنظمة العربية على مستوى التأثير في الشعوب.

من جهتها، قالت الباحثة في منتدى التفكير الإقليمي في القدس، إليزابيث تسوركوف، على “تويتر”، “يدرك الصحافيون الإسرائيليون أنّ العرب يكرهون إسرائيل.. لقد اعتقدوا أنّ تطبيعهم مع الأنظمة الاستبدادية سيُنسي العرب القمع الإسرائيلي للفلسطينيين”.

وما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام عما جرى طوال أيام المونديال في قطر، يُظهر بوضوح حضور فلسطين في الوجدان العربي من جهة، والتباعد بين الجمهور العربي العريض والأنظمة المُطبّعة من جهة أخرى. رفض اسرائيل لم يقتصر على التطبيع معها فحسب بل طال وجودها أصلاً. وفي ذلك تكذيب للرواية الاسرائيلية التي تزعم بأن “غالبية الشعوب العربية ترحّب بنا”!

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  جدعون ليفي: لا تدخلوا رفح
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  أبحثُ عن سعيد عقل.. إحياءً للبنان