تجددت الآمال بفتح أبواب الحوار بين طهران وواشنطن، لا بل ثمة معلومات عن مفاوضات يتولاها الأوروبيون بزخم في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، على الرغم من التعقيدات التي أدى إليها الهجوم العسكري على منشآت شركة أرامكو السعودية في حقل بقيق.
وقال مسؤول أوروبي يشارك في هذه المساعي المتجددة لموقع 180: “نحن بطبيعة الحال استغربنا ثم شجبنا الاعتداء السافر على أرامكو، واستند استغرابنا إلى توقيت هذا الهجوم المباغت، حيث شعرنا بأن الهدف منه هو تعطيل المساعي التي كنا كأوروبيين نبذلها وقطعنا فيها شوطا مهما لجمع الطرفين الإيراني والأميركي واستئناف المفاوضات على قواعد جديدة ومقبولة منهما”.
يوحي المسؤول الأوروبي بكلامه أن توقيت الهجوم على أرامكو كان يستهدف على الأرجح إعاقة هذه المفاوضات بغض النظر عن الجهة المنفذة. وحين تبنى أنصار الله الحوثيون الهجوم وتبين أن السلاح المستخدم ذو منشأ ايراني، كان لا بد من تحميل طهران المسؤولية، وذلك لثنيها عن استسهال مثل هذا الأمر في بلد مركزي كالسعودية بالنسبة لقطاع الطاقة في العالم.
يتمنى الاوروبيون، عدم مغالاة إيران في المراهنة على ضعف ترامب وعدم الاقدام على اي استفزاز أمني آخر ضد السعودية اذا كان الإيرانيون راغبين فعلا في إنجاح المبادرة الأوروبية
بعد أن خفت وهج التفاوض، ورفع ترامب وإيران سقف تبادل الاتهامات والتهديدات، تراجع زخم المبادرة الأوروبية، لكن المشاورات في الامم المتحدة والتي شملت الطرفين الإيراني والأميركي، جددت الأمل بإحتمال التفاوض مجددا.
لا يعلق المسؤول الأوروبي كبير أهمية على تفسيرات الإعلام وبعض السياسيين لما طرحه الاوروبيون من مبادرة للتفاوض على اتفاق جديد، ويقول إنه لا أساس لصحة هذه التفسيرات، ذلك أن الأوروبيين متمسكون بالاتفاق النووي وان هذا ما قاله رئيس وزراء بريطانيا لكل من الرئيسين دونالد ترامب وحسن روحاني وهذا ما قيل أيضا لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك. يريد الاوروبيون الانطلاق من ثوابت الاتفاق النووي وتطويره على اساس المطالب المقبولة من الطرفين الأميركي والبريطاني، وهذا ما قصده روحاني في حديثه إلى الإعلام الغربي حين قال ان ايران منفتحة على مبدا الاتفاق على نقاط جديدة شرط رفع العقوبات.
يقول المسؤول الأوروبي الرفيع، إن الأمور ليست سهلة طبعا لكن إيران تحتاج إلى رفع العقوبات أو تخفيفها وترامب يريد اختراقا قبل الانتخابات والعالم يحتاج إلى تهدئة القلق الذي ينعكس اضطرابا اقتصاديا كبير، لذلك، الجهود حثيثة لأحداث ثغرة يمكن النفاذ عبرها إلى تقريب وجهات النظر الإيرانية والأميركية.
لماذا اذا جدّدت إيران رفضها التفاوض؟
يبدو أن تراجع شعبية ترامب قبل نحو عام من الانتخابات الأميركية، وإشهار الديمقراطيين سيف عزله بناء على فضيحة جديدة، يجعل إيران أمام خيارين، فإما تفاوضه الآن على اساس انه في موقف ضعيف ويمكن أن يقدم تنازلات، وأما تضغط عليه وتكمل طريق التحدي تمهيدا للتفاوض مع منافسه.
في الحالتين، يتمنى الاوروبيون، عدم مغالاة إيران في المراهنة على ضعف ترامب وعدم الاقدام على اي استفزاز أمني آخر ضد السعودية اذا كان الإيرانيون راغبين فعلا في إنجاح المبادرة الأوروبية من أجل إحداث خرق أميركي إيراني. بالمقابل، يواصل الاوروبيون الضغوط على ترامب لبعث بعض الإشارات الإيجابية التي تشجع إيران بدلا من خنقها ودفعها إلى مغامرات عسكرية… ووفق المعلومات الأوروبية تُبدي السعودية أيضا رغبة بالتهدئة والخلاص من حرب اليمن لكنها لا تستطيع قبول انتهاك اراضيها من قبل إيران وحلفائها من دون رد دبلوماسي إن كان الرد العسكري صعبا.
هل ستقبل إسرائيل بهذا التقارب ولا تعيقه؟
يصمت المسؤولون الاوروبيون، أو يقولون إنه من الأفضل لإيران والمنطقة عدم توفير ذرائع تسمح للمتضررين من التقارب الأميركي الإيراني باستخدامها ضد إيران والمساهمة في توتير الأجواء.
لا تصدقوا اذا ما يقال عن إقفال أبواب التفاوض واحتمالات الحرب. الطرفان الأميركي والإيراني يحتاجان للمفاوضات وهما اقل الناس حديثا عن الحرب خلافا لحلفائهما.