تحت عنوان “الوقت الصحيح لمواجهة إيران”، كتبت الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب بنينا شوكر في “يسرائيل هَيوم”، وقالت إنه من وجهة نظر نفتالي بينت “أخطأت إسرائيل عندما قلصت بصورة كبيرة حجم عملياتها ضد إيران (على الأراضي السورية) في الأشهر الأخيرة، ففي ضوء الوضع الداخلي العاصف في دولة آيات الله، نشأت حالياً فرصة ملائمة للعمل على التخلص من الوجود الإيراني في سوريا”.
تضيف شوكر: “من جهة، تصريح بينت فيه تباهي، ومن المهم توضيح الأمور: الافتراض أن لدى إسرائيل القدرة على إجبار إيران على التخلي كليّاً عن طموحاتها وأرصدتها في سوريا – أمر مبالغ فيه. الطريق إلى طرد إيران من سورية تمر بالكرملين، ومن الصعب التفكير في أن إسرائيل ستختار الاحتكاك المباشر بروسيا. بالإضافة إلى ذلك، وُقّع اتفاق تعاون عسكري بين طهران ودمشق في سنة 2018، تعهدت بموجبه إيران بإعادة بناء الجيش السوري الذي تلقى ضربة قاسية خلال الحرب الأهلية المستمرة، منذ ثماني سنوات، ومن جهتها، أعلنت سوريا مؤخراً أنها ستمنح إيران الأفضلية في عملية إعادة الإعمار الاقتصادية. في ضوء ذلك، من الواضح أن إسرائيل ليست قادرة على إجبار إيران على الانسحاب من سوريا، وانطلاقاً من هذا الفهم يجب أن نحدد أهدافاً محدودة قابلة للتنفيذ في هذه المنطقة، بوسائل محدودة”.
من جهة أُخرى، تضيف الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب بنينا شوكر أن هذا ليس معناه أنه يجب الاستمرار في سياسة “اجلس ولا تفعل شيئاً” التي انتُهجت إزاء إيران منذ أزمة إسقاط الطائرة الروسية في أيلول/سبتمبر 2018، والعملية الوحيدة التي شذّت عن هذا الإطار، كانت الرد الإسرائيلي الاستثنائي في حجمه على إطلاق فيلق القدس 4 صواريخ، قبل نحو أسبوعين.
وتضيف: “الوقت ينفذ في مواجهة إيران، وفي المقابل، عدوانيتها تزداد: بالإضافة إلى التمركز العسكري والاقتصادي في سوريا، يجب الإشارة إلى معاودة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو النووية، ودعم إيران المتشعّب للتنظيمات الإرهابية في القطاع (قطاع غزة)، وصلتها بمشروع حزب الله للصواريخ الدقيقة. في مقابل ذلك، من الواضح أن الردع الإسرائيلي أخذ يتآكل. ولذلك، يتعين السعي لإبطاء تعاظُم القوة العسكرية لإيران بقدر المستطاع، بواسطة العودة إلى القيام بهجمات جراحية على أرصدتها العسكرية في سوريا، في الحقيقة لن تؤدي (الهجمات) إلى تدمير الوجود الإيراني في سوريا، لكنها قادرة على عرقلته”..
يجب أيضاً أن ندرس حالياً هجوماً جوياً واسعاً على المصانع التي يُنفَّذ فيها مشروع الصواريخ الدقيقة، تماماً للسبب نفسه
وتشير إلى أنه صحيح أنه خلال عملية “House of cards” في مطلع أيار/مايو سنة 2018، “تعرضت البنية التحتية العسكرية لإيران في سوريا لضربة قاسية، لكن إيران عملت، منذ ذلك الحين، على إعادة بنائها، لذا، من المفيد استغلال الفرصة لضربها من جديد، بينما ضربة انتقامية من جانبها ليس مريحاً بالنسبة إليها، ومن المعقول الافتراض أنها ستفضل استيعاب الضرر. من المعقول أيضاً ألّا يسكت الروس عن تجدد الهجمات على سوريا، لكن التقديرات بشأن قوة ردهم المتوقع مبالغ فيها، وذلك ما دامت بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات S-400 التي هي من إنتاجهم لم تتضرر، وما دام استقرار نظام بشار الأسد لم يتعرض للخطر.
من وجهة نظر بنينا شوكر “يجب أيضاً استغلال حقيقة أن إدارة ترامب هي شريك مثالي للسياسة الصارمة إزاء إيران، والدليل هو أن العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على طهران في عهد ترامب هي أقسى ما عرفته إيران. ليس من المستبعد بعد انتخابات 2020، أن يكون من الصعب جداً الحصول على دعم أميركي للعملية”.
وإذ إستذكرت الباحثة كيف أن منظومة صواريخ حزب الله، مكنت حزب الله من إظهار قدرة الصواريخ قصيرة المدى، والتي حافظ عليها حزب الله حتى اليوم الأخير من الحرب، قالت “إذا كنا بصدد ذكر لبنان، يجب أيضاً أن ندرس حالياً هجوماً جوياً واسعاً على المصانع التي يُنفَّذ فيها مشروع الصواريخ الدقيقة، تماماً لنفس السبب”.
وتختم الباحثة مقالتها بالقول :”على الرغم من الثمن الذي يمكن أن تدفعه إسرائيل لقيامها بهذه العمليات في لبنان وسوريا، فإنه من الأفضل أن تدفعه الآن، لأن ثمن ضبط النفس يزداد ويكبر. على الرغم من التحفظات عن الطريقة التي عرض فيها بينت وجهة نظره إزاء إيران، والشك في تقدير قدرته على العمل في فترة حكومة انتقالية، التشدد في السياسة إزاء إيران أمر مطلوب – ومن الأفضل أن نفعل ذلك في أقرب وقت، لأن نافذة فرصة القيام بذلك آخذة في النفاذ” (المصدر مؤسسة الدراسات الفلسطينية).