قال الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي عاموس جلعاد أنه لا يجب أن نخدع أنفسنا بالإعتقاد أن روسيا “حليف أو صديق أو شريك لإسرائيل”، ورأى أننا في وضع “منع اشتباك/Deconfiction” معها في سوريا، وفقط .. “وهذا لنا مهم ولا ينبغي أن نتوقع منهم أكثر، فهم في النهاية حلفاء أو أصدقاء أو شركاء لأعدائنا (سوريا فإيران فتركيا)، وينبغي أن نتذكر أن صواريخهم في سوريا، وتحديداً (إس 400) تغطي كل مساحة إسرائيل، بقواعدها ومطاراتها ومرافقها وكل شيء، لكن الروس، وطالما ذلك لا يهدد نظام حليفهم بشار الأسد في دمشق، لا يكترثون لصراعنا المسلح مع إيران في سوريا.. هم لا يمكن أن يقوموا بتقويض إيران في سوريا.. وليست لدينا أية أوهام حول ذلك، لكنهم لن يدافعوا عنها هناك، كما لا يجب أن يخدعنا حديثهم عن دفع إيران للخلف 100 كم (عن الجولان)، فلا معنى لذلك طالما صواريخ ايران تنتشر على كامل الجغرافية السورية التي يسيطر عليها النظام السوري”.
وتطرق إلى من أسماهم “روس اسرائيل”، وقال إنهم في غالبيتهم الساحقة يكرهون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودعا إلى التعامل مع بوتين بوصفه “ديكتاتوراً غير صديق نضطر للتعامل معه من باب دفع الشر، وبعلم أنه يريد أن تكون المنطقة (الشرق الأوسط) مجاله الحيوي”.
وعن الولايات المتحدة، قال جلعاد إن إسرائيل من دون الولايات المتحدة “لا تساوي شيئاً، فهي الحليف والصديق والشريك والضامن والراعي “وكل شيء.. كل شيء، ولذا، لا ينبغي على أميركا أن تنسحب من غرب اّسيا.. وهي لن تنسحب؛ إنها منغرسة في صميم أمننا القومي، وبرغم البعد النووي إلا أننا، وفي كل المجالات، في حاجة دائمة الى أميركا”.
عاموس جلعاد: ليس من سبيل إلا بخوض حرب كبرى لصالح Pax Americana تنهي خطر إيران وأخواتها تماماً
وإعتبر أن إيران “هي العدو الوجودي الأخطر والداهم علينا، ودون أدنى مبالغة، وبالمعطيات الجيوستراتيجية والعقائدية معاً، وهي تسعى لتدميرنا – وأنا لا أقول ذلك من باب الدعاية والزعم – وتفعل المستحيل صاروخياً لزرع مساحات شاسعة من أراضي العراق وسوريا ولبنان، ناهيك بأراضيها، بالصواريخ الدقيقة التي تستهدف كل ارضنا وسمائنا وبحرنا، وهي لو تركناها دون إعاقة جوية منا لكانت نسبة وسرعة نجاحها في مهمتها ١٠٠٪، بينما جعلناها نحن أقل، نوعاً ما، بغاراتنا، كما أن هناك خطر المسيرات الدقيقة المسلحة، إيرانية الصنع، في هذه البلدان؛ وهناك الخطر المتصاعد، بالصواريخ والمسيّرات، في غزة بهمّة إيران… وأنا (جلعاد) لا أرى خطرًا على نظام طهران، لا بالعقوبات ولا بغيرها، برغم سروري بالأولى من باب احتمال الإضعاف”.
وعن الإتفاق النووي، قال جلعاد:”نحن لسنا على قلب رجل واحد حوله: بنيامين نتنياهو وغيره سعوا لإلغائه – ونجحوا – على أساس أن ذلك، مصحوباً بالعقوبات، سيركّع إيران، لكن المشكلة عند غيرهم – وأنا (جلعاد) منهم – أن إيران عادت لتفعيل مسعاها النووي وهي الآن – نعم – على مسافة سنة إلى سنتين من امتلاك القنبلة (النووية)… طيب، ما العمل؟ لا بد من ضربها استباقياً، ولا أحد يستطيع القيام بذلك سوى أميركا، ولذا فأنا أرى خطر الحرب ماثلاً.. وسواء كانت القنبلة أم الصواريخ الدقيقة عبر الإقليم، فليس من سبيل إلا بخوض حرب كبرى لصالح Pax Americana تنهي خطر إيران وأخواتها تماماً”.
جلعاد: نحن قلقون من غياب عباس، فهو سيترك لنا خلفاء لا خليفة؛ وأنا قلق من غياب شريك تسوية فلسطيني، فبدونه لا يستقيم الأمر
وعن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال عاموس جلعاد إن أردوغان “يمثل خطراً على إسرائيل، سيما وطموحاته الإقليمية في تزايد، ومثال المتوسط وغازه وليبيا دالٌّ، لكنه ليس بخطورة إيران بعد، سيما ومشاكله مع روسيا ومع إيران تعيقه”، وأضاف “تخيلوا معي لو كان الإخوان بقوا يحكمون مصر وتحالفوا مع أردوغان؟ كنا لنكون بين المطرقة والسندان.. لذا، فنحن شاكرون ومقدّرون لعبد الفتاح السيسي وانقلابه”.
وعن سلطة الرئيس الفلسطيني محود عباس (أبو مازن)، رأى جلعاد أن عباس “أفضل لإسرائيل ألف مرة من المجرم الجماعي ياسر عرفات، حتى وإن كان (عباس) متعباً في التفاوض.. المهم أنه متعاون في الأمن وهذا أهم المهم.. نحن قلقون من غياب عباس، فهو سيترك لنا خلفاء لا خليفة؛ وأنا قلق من غياب شريك تسوية فلسطيني، فبدونه لا يستقيم الأمر”.
وعن “عرب” إسرائيل، قال جلعاد إن التطبيع والشراكة معهم “هما أهم شيء لمستقبل إسرائيل، ونحن حاجة لهم بالمقابل”.
وكان جلعاد قد إعترف قبل سنتين في مقابلة مطوّلة امتدت على سبع صفحات مع الصحافي في “يديعوت أحرونوت” شيمون شيفر، الذي كان قد وضع كتاباً عن الغزو “الإسرائيلي” للبنان سماه “كرة الثلج”، متلاعباً بالاسم الذي أطلقته حكومة الاحتلال على عملية الغزو وهو “سلامة الجليل” وبالعبرية شيلغ (التي تعني أيضاً الثلج). وبحسب جلعاد، فإنه تم إيفاده إلى لبنان ملحقاً في سلاح الاستخبارات العسكرية “أمان” خلال الأيام الأولى للاجتياح، وهناك كان شاهداً على لقاءات حصلت بين قادة “الكتائب”، بمن فيهم الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل، الذي يصفه جلعاد بـ”المتعجرف”، وبأحد أمراء الحرب إيلي حبيقة، القيادي في “القوات اللبنانية” (المولودة من رحم الكتائب في حينها)، وكبار مسؤولي الكتائب مع قادة جيش الاحتلال.
وعن اللقاء الذي جمعه بقائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الجنرال أمير دروري الذي جاء برفقة الكولونيل موشيه تسوريخ، يقول جلعاد: “في تلك اللحظة قال تسوريخ لي لدينا فكرة عبقرية: سنُدخل قوات الكتائب لتعالج أمر الإرهابيين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، لماذا نعرض حياة جنودنا للخطر؟”.
ويقول جلعاد: “لكنني صرختُ بأعلى صوتي: هل جننتم؟ الكتائب تعني إيلي حبيقة، سيقود هذا إلى مذبحة، ستكون مذبحة لا محالة، كما أنني لست متأكداً أن هناك مخربين. الموجودون هناك هم نساء وأطفال سيتم قتلهم”. ويتابع جلعاد: “نظر إليّ الجنرال دروري ولم يقل كلمة واحدة، فصرختُ مجدداً، عندها قال دروري لتسوريخ: علينا أن نذهب، وغادرا المكان، وقد أوردت نص هذه المحادثة عندما مثلت أمام لجنة كوهين للتحقيق في مجزرة صبرا وشاتيلا”.
ويكمل جلعاد روايته في “يديعوت أحرونوت” قائلاً: “بعد ذلك بساعة أو بساعتين، سمعت نائب قائد القطاع لقوات الاحتلال في لبنان يكرر تقريراً تلقاه عن وقوع مجزرة في المخيمين. وقد تبين لي لاحقاً (وبأثر رجعي) أنه تم لغاية ذلك الوقت قتل 300 شخص، بمن فيهم النساء والأطفال، وشعرت بالنيران تحرق دماغي، كان شعوري فظيعاً، وأدركت أن ما قلته للجنرال لم يترك لديه أي أثر”.
(خاص 180)