لبنان: من كفتون الى وادي خالد..الارهاب واحد
NAHR AL-BARED, LEBANON: Smoke rises from the besieged Palestinian Nahr al-Bared refugee camp near Tripoli in northern Lebanon, 10 July 2007. Fighting broke out at the refugee camp on May 20 when Islamists launched a series of attacks against soldiers, killing 27 of them around the camp and in Tripoli, the main city in northern Lebanon. The government and the army have since been calling on the Fatah al-Islam combatants to surrender. Several hundred of Nahr al-Bared's pre-conflict refugee population of 31,000 have been living under difficult conditions during the fighting. AFP PHOTO/ JOSEPH BARRAK (Photo credit should read JOSEPH BARRAK/AFP via Getty Images)

في الوقت الذي قدم فيه الرئيس المكلف مصطفى أديب إعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، كانت القوى الأمنية اللبنانية تقضي على مجموعة إرهابية تحصّن أفرادها المجهزون بالأحزمة الناسفة، في وادي خالد (قضاء عكار) عند الحدود اللبنانية ـ السورية، والتي شهدت مواجهات عسكرية ضارية إستمرت لساعات قبل أن تنجح القوة الأمنية صباح اليوم (الأحد) في القضاء على أكثرية الارهابيين وتوقيف بعضهم.
لا شك في أن الاحتقان السياسي وإنسداد الأفق أمام الوصول الى حلول تساهم في إنقاذ لبنان سياسيا وإقتصاديا وماليا وإجتماعيا وإنسانيا، من شأنه أن يشكل أرضية خصبة لتحرك بعض الخلايا الارهابية النائمة التي غالبا ما تستفيد من التوتر السياسي لتنفيذ أجنداتها الأمنية، فكيف ببلد يواجه إنهيارا كاملا وشاملا في كل قطاعاته وصولا الى تهديد أبنائه بالفقر والجوع؟
وبغض النظر على مدى إرتباط الاحداث الأمنية بالتوترات السياسية التي ترخي بثقلها على البلاد والعباد، فإن المجموعة الارهابية التي تم القضاء عليها في وادي خالد، كانت تعمل على إعادة تجربة تنظيم فتح الاسلام، حيث تشير المعلومات الأمنية الى أنها قسمت نفسها الى خلايا مرتبطة بقائد ميداني هو الارهابي خالد التلاوي الذي قتلته مخابرات الجيش اللبناني في سهل دنحي الواقع بين قضائي الضنية وزغرتا، قبل حوالي الأسبوعين، وبمسؤول مباشر عن الخلايا هو السوري يوسف خلف (أبو وضاح) الذي داهمته القوة الضاربة في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، قبل نحو شهر في بلدة خربة داوود العكارية ولم تعثر عليه وقُتل في مواجهات الأمس (السبت)، وصولا الى أمير المجموعة وهو السوري محمد ح. المقيم في المنزل الذي تحوّل الى مركز لتجمع العناصر الارهابية الهاربة من الملاحقات.
القصة بدأت من سعي تلك الخلايا التي خرج أفرادها من السجون في مراحل سابقة إلى تأمين مصادر مالية تمهيداً لشراء السلاح، حيث إعتمدوا على أعمال السرقة في عدد من الأقضية الشمالية وخصوصا بعض بلدات قضاء الكورة التي تتميز بتواجد جزء كبير من أصحاب منازلها في بيروت أو خارج البلاد.
خلال إحدى عمليات السرقة في بلدة كفتون الكورانية، في 21 آب/أغسطس أوقف ثلاثة شبان من البلدة ينتمون إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي إحدى الخلايا التي كانت تستقل سيارة هوندا قديمة الصنع، فلم يتوان أفرادها وفي مقدمتهم خالد التلاوي عن قتل الشبان الثلاثة والفرار.
تركت هذه العملية الأمنية سلسلة تساؤلات لجهة: هل يرتبط بريص بمجموعة وادي خالد؟ وهل كان مع أفرادها وتمكن من الهرب وعاد أدراجه الى عرمان لينفذ العملية ويثأر لرفاقه الارهابيين بقتل عدد من العسكريين؟ أم أن بريص ينتمي الى خلية إرهابية أخرى وقد فتح مقتله الباب أمام تحريات وإستقصاءات جديدة للأجهزة الأمنية
لم يمض وقت كبير حتى تبين للأجهزة الأمنية أن من إرتكب جريمة كفتون، هي إحدى الخلايا الإرهابية التي كانت تجهز نفسها للقيام بعمليات أمنية مختلفة في مناطق لبنانية عدة، حيث بوشرت التحريات والاستقصاءات التي أفضت الى توقيف المدعو إيهاب ش. في مخيم البداوي، قبل أن يتم معرفة مكان تواجد القائد الميداني للمجموعة الارهابية الذي كان يقود السيارة في كفتون خالد التلاوي المتواجد في منزل للمدعو عبد الرزاق ر. في جبل البداوي.
تم توقيف الأخير الذي دل عناصر مخابرات الجيش الى منزله الخاص، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، حيث واجه التلاوي عناصر المخابرات ورمى بينهم قنبلة يدوية ثم أطلق النار عليهم فسقط أربعة شهداء للجيش وفر عبد الرزاق وكذلك التلاوي ومعهما أحمد ش. الملقب بـ”أنس” الى الأحراج بين قضائي الضنية وزغرتا.
ضرب الجيش اللبناني طوقا أمنيا في مناطق الضنية وزغرتا، وسارعت مديرية المخابرات الى توقيف عبدالرزاق مجدداً، وقتل التلاوي الذي حاول إطلاق النار على الدورية، وإستمرت عمليات البحث والتمشيط الى أن أوقفت المخابرات أحمد ش. يوم الجمعة الفائت.
بالتزامن، كانت القوة الضاربة في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تنشط في عمليات الرصد والمتابعة التي بدأت بعد جريمة كفتون مباشرة، وتبين لها أن ثمة خلايا عنقودية بدأت تستشعر الخطر لا سيما بعد مقتل التلاوي وإلقاء القبض على العديد من عناصرها، وأن كثيرا من أفرادها بدأ يلجأ الى وادي خالد حيث تم تأمين منزل لهم عبر المدعو أحمد . ح، وتم تهريب كميات من السلاح إليهم بوسائل مختلفة ومن الجانبين اللبناني والسوري، وجرى إعادة تنظيم الخلايا بقيادة الفلسطيني محمد محمود عزام المعروف بـ”محمد أبو العز”، وبإمرة السوري محمد الحجار.
وبعد أيام من العمل المضني، نجحت قوى الأمن صباح أمس (السبت) في توقيف أحد المشتبه بهم من منطقة وادي خالد والذي شكل كنزا من المعلومات حيث كشف عن مكان تواجد الارهابيين، وهم من اللبنانيين ومعهم بعض الفلسطينيين والسوريين، فسارعت الى القيام بعملية إستباقية مباغتة، وحصلت المواجهات العسكرية بمؤازرة من الجيش اللبناني وإستمرت لساعات وأسفرت عن مقتل تسعة إرهابيين عرف منهم: أمير المجموعة محمد الحجار، قائدها الميداني محمد أبو العز، يوسف خلف (سوري ملقب بـ أبو وضاح)، مالك . م، عبدالكريم . ف، عبدالمجيد .ح، خضر. م، محمد . ح، وهم من التابعيتين اللبنانية والسورية، إضافة الى شخصين لم تعرف هويتيهما، كما تم توقيف بعض الأشخاص، وفر آخرون الى جهة مجهولة وتعمل وحدات الجيش اللبناني منذ ليل أمس (السبت) على تمشيط المنطقة بحثا عنهم.
اللافت للإنتباه هو تزامن إنتهاء العملية الأمنية في وادي خالد، مع قيام الارهابي عمر بريص مع شخص مجهول بمحاولة إقتحام مركز الجيش اللبناني في عرمان، حيث تشير المعلومات الى أن بريص هو إنغماسي من المنية، كان يريد قتل العسكريين المولجين بحماية المركز ومن ثم إقتحامه ورمي القنابل وإطلاق النار ومن ثم تفجير نفسه بحزام ناسف لقتل أكبر عدد ممكن من العسكريين، قبل أن ينجح أحد الجنود في قتله، فيما هرب الشخص الآخر الذي كان معه على متن دراجة نارية في البساتين.
وقد تركت هذه العملية الأمنية سلسلة تساؤلات لجهة: هل يرتبط بريص بمجموعة وادي خالد؟ وهل كان مع أفرادها وتمكن من الهرب وعاد أدراجه الى عرمان لينفذ العملية ويثأر لرفاقه الارهابيين بقتل عدد من العسكريين؟ أم أن بريص ينتمي الى خلية إرهابية أخرى وقد فتح مقتله الباب أمام تحريات وإستقصاءات جديدة للأجهزة الأمنية للكشف عنها.
(*) ينشر بالتزامن مع موقع “سفير الشمال”
Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  لبنان: ستاتيكو سياسي.. هل يكسره الأمن أم الدولار؟
غسان ريفي

كاتب وصحافي لبناني، رئيس تحرير موقع سفير الشمال

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  حيرة الصين بين العنب الغربي والناطور الروسي!