“بعد 30 يوماً ستجري الإنتخابات في الولايات المتحدة، وعدد كبير من الأميركيين بدأ بالاقتراع. هناك مليونان تقريباً أرسلوا أصواتهم من خلال البريد، وكثيرون سيفعلون ذلك في اليوم الرسمي للاقتراع في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.
ومثل كثيرين في العالم، تتوجه أنظار الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة، حيث سيُحسم هناك، ليس مصير الأميركيين فقط، بل إلى حد كبير مصيرنا أيضاً. أجاد وصف ذلك رئيس حكومة إسرائيل الثالث، ليفي إشكول. عندما أتوا ليقولوا له السنة المقبلة ستكون سنة قحط، سأل فوراً “أين؟” عندما أجابوه “ماذا تقصد؟ في إسرائيل طبعاً”، أجاب مبتسماً: “لوهلة خفت، ظننت في الولايات المتحدة”.
الولايات المتحدة هي أكبر صديقة لإسرائيل ولا بديل عنها. فكم بالأحرى عندما تكون العلاقة بها وثيقة كما هي اليوم، وعدد غير قليل من الدول يؤمن بأن الطريق إلى واشنطن تمر في القدس. إذا كان هذا هو الوضع، من السهل القول إن دونالد ترامب هو الرئيس الذي تريده إسرائيل أيضاً في السنوات القادمة.
في الواقع، خلال السنوات الأربع الماضية كان ترامب رئيساً ممتازاً بالنسبة إلى إسرائيل: نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأقام سلاماً علنياً ومفتوحاً بيننا وبين الإمارات والبحرين، خرج من الاتفاق النووي مع إيران، دعم إسرائيل في الأمم المتحدة في أي موضوع وغير ذلك. إذا أضفنا هذه السنوات الأربع الجيدة إلى ثماني سنوات صعبة عاشتها إسرائيل مع باراك أوباما كرئيس، فإن المعادلة واضحة – رئيس جمهوري هو جيد لإسرائيل، وليس رئيساً ديمقراطياً.
كجزء من هذه المعادلة يمكن أن نضيف الحقيقة الواضحة أن الحزب الديمقراطي هو أكثر ميلاً إلى اليسار، وأقل تعاطفاً مع إسرائيل. فهذا الأسبوع قررت عضو الكونغرس من الحزب الديمقراطي ألكسندرا كورتيز إلغاء مشاركتها في إحياء ذكرى مرور 25 عاماً على اغتيال إسحاق رابين، بعد ضغوط من منظمات مؤيدة للفلسطينيين.
لكن على الرغم من كل شيء، انتخاب المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن ليس جيداً أقل من انتخاب ترامب، بل هو جيد أكثر.
أعلن بايدن أنه عندما ينتخب سيُبقي السفارة في القدس. ومن بين المرشحين الـ21 الذين خاضوا السباق إلى الترشح للرئاسة من الحزب الديمقراطي هو الأكثر إصراراً وتصميماً على تأييد إسرائيل. بايدن كان ولا يزال صديقاً لكل رؤساء الحكومات منذ أيام غولدا مئير وحتى نتنياهو
قبل كل شيء، فإن سجلّ تصويت بايدن طوال سنواته في مجلس الشيوخ في ما يتعلق بإسرائيل ليس أقل من ممتاز. السيناتور الديمقراطي أيّد دائماً العلاقات الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة؛ في المساعدة الأمنية؛ التعاون الاقتصادي والعلمي؛ في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؛ وفي موضوعات جوهرية لنا.
على الرغم من مقته ترامب، أعلن بايدن أنه عندما ينتخب سيُبقي السفارة في القدس. ومن بين المرشحين الـ21 الذين خاضوا السباق إلى الترشح للرئاسة من الحزب الديمقراطي هو الأكثر إصراراً وتصميماً على تأييد إسرائيل. بايدن كان ولا يزال صديقاً لكل رؤساء الحكومات منذ أيام غولدا مئير وحتى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على الرغم من أنه لا يتفق معه على جزء من الموضوعات.
الآن الصورة الأوسع: لقد كان أكبر رصيد لنا في الولايات المتحدة تأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإسرائيل. وكنا نعلم دائماً أنه عندما يُطرح أي موضوع مهم لنا على التصويت في الكونغرس سيحظى بموافقة واسعة من الديمقراطيين والجمهوريين. وحتى عندما لم يكن الحزبان قادريْن على الاتفاق على أي موضوع، كانت إسرائيل موضع إجماع.
في السنوات الـ12 الأخيرة خسرنا هذا الرصيد الثمين. حالياً ليس مهماً إيجاد المسؤول عن هذا الوضع، سواء كانت السياسات الإسرائيلية أو توجه الحزب الديمقراطي نحو اليسار؛ لكن الآن تحديداً الذي يقدر على تغيير دوران عقارب الساعة ولجم صعود التيار المتطرف في الحزب هو رئيس ديمقراطي صديق لإسرائيل. هو يستطيع إعادة الوضع إلى نصابه واستعادة الرصيد المهم جداً بالنسبة إلينا، بطاقة التأمين المتمثلة في الدعم من الحزبين الكبيرين.
من أجل ترميم العلاقات مع الحزب الديمقراطي هناك مدماك استراتيجي إضافي. الأغلبية الساحقة من اليهود تصوّت إلى جانب الحزب الديمقراطي. أكثر من 70% منهم سيفعلون ذلك في الانتخابات المقبلة. المسافة والشرخ بين الحزب وبين إسرائيل يلقيان بظلهما على كثير من اليهود، وخصوصاً من أبناء الجيل الشاب الذين خسرنا العلاقة معهم. يوجد في الولايات المتحدة أكبر تجمع لليهود في العالم، وهناك مَن يقول الوحيد خارج إسرائيل، بسبب تدني الأعداد في أماكن أُخرى. إذا تصرفنا بصورة صحيحة في مواجهة هذا التحدي، فإن إقامة علاقة جديدة مع الحزب الديمقراطي ستشكل فرصة لتسريع وتعزيز العلاقة مع يهود الولايات المتحدة.
هناك من يدّعي ان الاستثمار في بايدن من المحتمل يكون لأمد قصير بسبب سنه (78 عاماً). وفي الحقيقة، إذا فاز سيكون الرئيس الأميركي الأكبر سناً. لكن نائبته كاميلا هاريس المتزوجة من يهودي، هي من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل. لقد التقيتها ذات مرة، عندما كانت مدعياً عاماً في كاليفورنيا، وخرجت من اللقاء بإحساس بأن لدينا صديقة حقيقية.
صحيح أن بايدن انتقد ويواصل انتقاد البناء في المستوطنات لأنها تشكل عقبة في وجه السلام، ولأنها تمس برغبة وحاجة إسرائيل إلى أن تكون دولة يهودية وديمقراطية. وربما سيشكل ذلك نقطة خلاف مع حكومة إسرائيل. لكن إذا نظرنا إلى الصورة الشاملة، إذا انتُخب رئيساً ستكون لإسرائيل فرصة كبيرة لترميم علاقاتها المنهارة مع الحزب الديمقراطي والحصول على رئيس يلتزم بحصانة إسرائيل بصورة قاطعة. وإذا عرفنا كيف نبني هذا بصورة صحيحة، فإننا سنستعيد الإجماع السياسي الأميركي.
من الصعب معرفة مَن سيكون المرشح الديمقراطي للرئاسة بعد أربع سنوات، لكن في السيناريو الأكثر تفاؤلاً من الصعب التقدير أنه سيكون ملتزماً بإسرائيل مثل بايدن. فعندما كان والده جندياً في الحرب العالمية الثانية، شرح له أنه يجب أن يكون لليهود دولتهم، وبهذه الطريقة فقط يمكنهم الدفاع عن أنفسهم.
انتخاب بايدن سيعزز العلاقة الواهنة مع الحزب الديمقراطي، ويعيد الإجماع السياسي على إسرائيل (في الولايات المتحدة)، ويساعد في تقريب يهود الولايات المتحدة من إسرائيل، وسيحل موضوعات خلافية في السياسة الأميركية، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس. إذا عرفنا التصرف بصورة صحيحة، فلن تتم فقط المحافظة على علاقاتنا وإنجازاتنا في فترة ترامب، بل سيتم تعزيزها أيضاً”.