بعد الاتهام بعدم الشفافية لناحية نشر نتائج المرحلة الثالثة من تجارب اللقاح الروسي سبوتنيك، الأول في السّباق العالمي لناحية التلقيح على مستوى كبير، نشرت دورية لانسيت The Lancet الطبية النتائج التي تؤكّد على فعالية وصلت إلى 91.8 % ضد فيروس كورونا المستجد.
أنهى معهد جماليا Gamaleya الروسي تجارب المرحلتين الأولى والثانية في الأول من شهر آب/ أغسطس 2020، وانطلقت أبحاث المرحلة الثالثة في الخامس والعشرين من الشهر نفسه في عدد من الدول، بينها روسيا طبعًا وفنزويلا والإمارات وبيلاروسيا والهند لتشمل عيّنة متعدّدة الأعراق والفئات العمرية تعدادها 31،000 شخص وأتت النتائج على الشكل التالي:
- 98% من الشريحة قيد الدراسة أظهرت استجابة مناعية للقاح.
- استطاع اللقاح تحفيز الخلايا المناعية على إنتاج أجسام مضادة أكثر بـ 1.5 من المصاب بالفيروس بشكل طبيعي.
- أظهر اللقاح استجابة مناعية للفئة العمرية الكبيرة بنسبة 91.8 %.
- العوارض الجانبية بنسبة 94% كانت مشابهة للانفلونزا، رشح بسيط، صداع، وفي بعض الأحيان تورّم في مكان الحقن.
ولكن الدولة الروسية سارعت إلى إعطاء اللقاح إجازة للاستعمال الطارئ بعد انتهاء تجارب المرحلة الثانية مباشرة في الحادي عشر من شهر آب/ أغسطس 2020، دون انتظار نتائج المرحلة الثالثة، وذلك يعود لأسباب صحيّة أولًا، أي التخفيف من حدّة إنتشار الجائحة على أراضيها ولأسباب سياسية واقتصادية ربّما، ما دفع الكثير من العلماء في العالم للتشكيك بصحة الأرقام ولكن من دون التشكيك بالتقنية المعتمدة لإنتاج اللقاح الروسي.
هذا اللقاح يعتمد على تقنية قديمة معروفة جدًا في عالم الطب، وهي تقوم على استعمال فيروس لا يؤذي الجسم أبدًا مهمته بسيطة جدًا، وهو يعمل كحصان طروادة ولكن دون نقل مواد خطرة كالجنود اليونانيين، بل ينقل أجزاء من المادة الوراثية الخاصة بفيروس كورونا ليعمل مثل عمل لقاحات الجيل الثالث، محفزًا الجسد على إنتاج البروتينات الفيروسية، وبالتالي يتعرّف الجهاز المناعي عليها وتحصل ردة الفعل المطلوبة.
ولكن تبقى مدّة بقاء هذه الأجسام المضادة المنتجة عبر خلايانا في الدّم موضع بحث، فقد لا تستمر سنوات حسب الدراسات الأولى، ما يحتّم بالتالي جعل لقاحات فيروس كورونا موسمية، تدخل فيها أجدد التغييرات الفيروسية مثلها مثل لقاح الانفلونزا الموسمي (الكريب).
أمّا في ما يتعلّق بالسعر، فيقدّر بأقل من 10$ للجرعة الواحدة، ولتحصيل المناعة التامة يحتاج الشخص إلى جرعتين ما يعني دفع مبلغ أقل من 20$ ويمكن أن يحفظ هذا اللقاح على درجات حرارة باردة بشكل اعتيادي بين 2 و8 درجات مئوية، من دون الاضطرار لاستخدام برادات فائقة البرودة تزيد من التعقيدات اللوجستية، وبالمقارنة مع لقاح فايزر- بيونتك تبدو الفجوة اللوجستية والمادية واضحة فتكلفة الجرعتين من اللقاح الأخير تبلغ 40$ في دولة المنشأ ويحتاج إلى برادات تصل درجة الحرارة فيها إلى 70 مئوية تحت الصفر.
بناءً على ما سبق، وتحديداً ما نشرته دورية لانسيت العلمية البريطانية وهي إحدى أهم المجلات الطبية في العالم (The Lancet) بدأ لبنان بإجراء إتصالات مع الحكومة الروسية من أجل البحث في امكان استيراد سبتونيك 5 بعدما أظهر فاعلية، وكشف عضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري أن اللجنة التي تشرف على عملها وزارة الصحة تواصلت مع سفارة الإتحاد الروسي في بيروت لأجل البحث في شروط ومعايير إستيراد الللقاح الروسي حيث سلّمت السفارة إلى اللجنة اللبنانية ملفاً علمياً كاملاً يتضمن شروحات علمية تفصيلية عن اللقاح، أعدته مؤسسة الصناعة العسكرية الروسية التي تنتج هذا اللقاح.
وما يسري على سبوتنيك يسري على لقاحات ثانية، والهدف هو تغطية الفئات الأكثر عرضة للفيروس كالأطباء والممرضين والعاملين بالشأن الصحي.. هذا سيؤدي طبعًا بالمؤازرة مع بقيّة اللقاحات القادمة (فايزر ومودرنا وأسترازينكا) إلى زيادة حجم التغطية للشعب اللبناني، فاللقاح الروسي سجّل فعليًا بشكل رسمي في عدد لا بأس به من الدول يشكل عدد سكانها نسبة جيدة من التعداد العالمي وهي الجزائر، الإمارات، الأردن، الهند، المكسيك، فنزويلا ومنها أيضًا من تعاقد مع الدولة الروسية للإنتاج على أراضيه.