إدارة أزمة كورونا بالـ”ديليفيري”.. مكانك راوح!

تقول النكتة في لبنان أنّه بعد دخول أحدهم إلى محل لشراء الدجاج، بدأ العاملون يسألونه تفاصيل تتعلق بنوعية الدجاج الذي يريده، وراحوا يرسلونه من طابق إلى آخر، إلى أن أجابه أخيرًا أحدهم بأنّه ليس لدينا دجاج ولكن "حلو النظام".

هذا هو حال ملف لقاحات كورونا اليوم في لبنان. فبينما تتسابق دول العالم على تحقيق المناعة المجتمعية عن طريق توزيع العدد الأكبر من اللقاحات على الأفراد للتخفيف من حدة الجائحة، نشهد تباطؤً متعمداً في التوزيع، بينما الفيروس يتغيّر ويتبدّل محققًا قفزات سريعة. وما يزيد في معاناة الناس تلك الفوضى المرافقة لعمليّة التلقيح، لا لناحية الانتظار المطوّل أمام المراكز بل لناحية “الديليفري”، فوزارة الصحة اللبنانية ترسل اللقاحات إلى مجلس النواب والقصر الجمهوري، وحتماً إلى أماكن أخرى،  تاركةً عددًا من المستحقين لا يعرفون الطريق لتحصيل المناعة.

والنقطة المذكورة سابقًا لناحية “الديليفري” ليست مشكلتنا مع النواب أو مع حكومة تصريف الأعمال. المسألة تتصل بعدالة أو لا عدالة التوزيع. فما هي المخاطر التي تحيط بالنواب والمدراء العامين في مجلس النواب أو القصر الجمهوري وهل تزيد عن تلك التي يتعرض لها الجسم الطبي والتمريضي الذي يتواصل يومياً مع وزارة الصحة للحصول على اللقاح دون تجاوب، هل السيّد النائب يواجه الفيروس بشكل أكبر وأخطر من الممرّض أو الطبيب المعاين في عيادته أو بين أسرّة المرضى أو أكثر من الصيدلي الذي يفتح صيدليته 24 ساعة؟ لا نحتاج إلى دراسات هنا كي نقول كلا هذه ليست الحقيقة، ولنفترض أن موعد تلقيح هؤلاء قد حلّ، ماذا يضير أن يتلقوا اللقاح كغيرهم من عامة الشعب؟

لا نريد أن نكون سوداويين لكن من يقول إنّ المشكلة ستنتهي هذا الفصل أو مع نهاية الصيف أو حتى العام الجاري، إما يكذب وإما غير دقيق، علينا اعتياد الحياة مع الفيروس أقله في لبنان لوقت ليس بقصير

16 نائبًا، 5 مدراء بالإضافة إلى موظفين في القصر الجمهوري. هؤلاء أهدروا عددًا من اللقاحات ربما كانت ستساعد من هم في الخطوط الأمامية أو تمنع تحورًا فيروسيا أو تحفظ حياة مسنّة ومسنّ. هذه اللقاحات ليست ترفًا لأنّ كل انتشار كبير للفيروس يهدّد بظهور متغيّرات جديدة، ما يخفّف من فعالية اللقاحات، وهذا سيضرب جهود وآلاف ساعات عمل العلماء خلال السّنة الماضية.

في هذه اللحظات، علينا التفكير لبنانيًا في كيفية التصرّف والتخطيط لا وضع مخططات تصلح لبرامج كوميدية، على سبيل المثال، في المرحلة الثانية من خطة تخفيف إجراءات الحظر، سمحت الدولة بممارسة الرياضات الفردية مثل الفروسية والغولف، نعم ما سبق ليس تهكمًا بل حقيقة مكتوبة والحال ذاته في ما يتعلّق باللقاحات والمنصات، ومن هنا يجب على وزارة الصحة:

  1. بناءً على التحديثات المتعلّقة برفع حرارة حفظ اللقاح الخاص بشركة “فايزر” من -80 درجة مئوية إلى -20 درجة مئوية أن تسعى إلى زيادة لا مركزية التوزيع في المناطق للوصول إلى العدد الأكبر من المستحقين من مسنين وأطقم طبية في الأطراف.
  2. السعي الجدي والحقيقي لا على طريقة القنابل الإعلامية إلى استيراد اللقاحات من مصادر أخرى غير “فايزر”، والتوقف عن ذر الرماد في عيوننا عبر القول أنّنا سنصنع لقاح “سبوتنيك V” في لبنان فهذا بعيد بعيد جدًا لعدة اعتبارات أهمها التقنية ولا تنتهي بالسّياسة.
  3. تركيب أو توزيع الأجهزة الطبية الخاصة بالمستشفيات الميدانية التي لا زالت تقبع في مستودعات المدينة الرياضية بينما بعض المستشفيات لا زالت تعاني الضغط.

لا نريد أن نكون سوداويين لكن من يقول إنّ المشكلة ستنتهي هذا الفصل أو مع نهاية الصيف أو حتى العام الجاري، إما يكذب وإما غير دقيق، علينا اعتياد الحياة مع الفيروس أقله في لبنان لوقت ليس بقصير لكلّ الأسباب السّابقة وحتى تغيّر هذه الأزمة وغيرها من الأزمات كل إدارتنا السياسية وغير السياسية بدل الإستمرار في إدارة الأزمة إلى حدود الإنتحار البطيء.

أخيراً، لمن ألقى علينا بسبب مقارنة وضع اللقاحات في لبنان بتلك في الكيان الاسرائيلي المحتل، من باب عدم ضرورة ذكر الوضع عند العدو. لهؤلاء نقول ببساطة إنه في كلّ لحظة يزداد عدد المُلقحين في كيان العدو، ويحصّلون المركز الأول عالميًا، علينا أن نسأل لماذا؟ هل يحضرون مجتمعهم لحرب ما ويخففون من المخاطر على جبهتهم الداخلية بهذه الطريقة؟

نترككم مع هذا الرابط الذي يوضح عدد الذين يحصلون على اللقاح حول العالم ومن هي الدول المتصدرة: https://covidvax.live

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  "فردو"... "الملكة" تعود إلى عرشها النووي
فؤاد إبراهيم بزي

كاتب متخصص في المواضيع العلمية

Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  "كوفيد-19": ركود اقتصادي... والآتي أعظم