إقتراح جدي للغاية: اخضعوا القادة السياسيين لفحوصات نفسية

إقتراح جدي: قيام هيئات المجتمع المدني على أنواعها بطرح استبيان على كل المواطنين اللبنانيين حول السؤال التالي: "هل تعتقد أن معظم القادة السياسيين اللبنانيين أصحاء سايكولوجياً، بما يؤهلهم لانقاذ البلاد او حتى ممارسة السلطة؟. واذا ما كان الجواب بالنفي، هل تؤيد مطالبة المجتمع الدولي بتشكيل هيئة من كبار علماء النفس البارزين لتقرير ما اذا كان هؤلاء القادة أصحاء نفسيين ويمكن وضع مصير شعب بأكمله بين أيديهم؟
نعلم ان مثل هذا الاقتراح قد يبدو نوعاً من التسالي، في خضم الانفجار الاقتصادي- الاجتماعي (وربما الوطني برمته) الراهن. لكنه في الواقع يتضمن في تضاعيفه مضموناً سياسياً لا لبس فيه.
لماذا؟
لأن القادة السياسيين تخطوا اي/وكل منطق علمي سياسي في تعاطيهم الحالي مع الازمة البنيوية الراهنة.
ولكي لا يبقى حديثنا نظرياً، فلنتدارس معاً سلوك قطبين سياسيين هما فخامة الرئيس ميشال عون ودولة الرئيس سعد الحريري، مع التوضيح سلفاً بأننا لا نقصدهما شخصياً بل باعتبارهما ممثلين لطبيعة العقلية (او بكلمة أدق “اللاعقلانية”) التي تتحكم بسلوكيات قادتنا السياسيين.
نبدأ بالرئيس عون.
لن نعود هنا الى تاريخ الرجل وسجلاته. سنكتفي باستعراض ما جرى خلال الاشهر التسعة الماضية وما قد يليها الآن.
في هذه الفترة، كان واضحاً من البداية ان الرئيس عون لا يريد الحريري رئيساً، ليس لاسباب شخصية، بل لأن هذا الاخير لا ينسق مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
الحريري وكثيرون غيره اعتقدوا ان عون سيضع الاولوية لكل من معالجة الازمة الاقتصادية والتجاوب مع الضغوط الهائلة لدول كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والفاتيكان وبعض الاطراف الاقليمية، للتوصل الى تسوية سياسية ولو مرحلية.
هذا كان في الواقع رهاناً منطقياً للغاية. إذ مهما كانت موافق رجل السياسة وقواعد تفكيره، الا انه مجبر في النهاية على التأقلم مع معطيات الوضع الراهن وموازينه. فما بالك اذا كان هذا الوضع يتعلق ليس فقط بالانهيار الاقتصادي- الاجتماعي الشامل، بل ايضاً بمخاطر زوال وطنه نفسه عن الخريطة؟
الرئيس عون لا يزال يتصرف كجنرال عسكري مولع للغاية باللعب على حافية الهاوية. وهو انطلاقا من ذلك لا يتوقف امام اية اكلاف اقتصادية واجتماعية وسياسية طالما انه سيحقق “النصر” في “معركته” السياسية التي هي بالنسبة اليه حرب بوسائل اخرى
بيد ان هذا الرهان سقط بالضربة القاضية: إذ تبين ان الرئيس عون:
1- يقرأ المشهد من زاوية معكوسة تماماً: فهو يرى في الانهيار الاقتصادي ومعه الضغوط الدولية، فرصة له لتحقيق رغباته واهدافه السياسية، وفي طليعتها تعديل اتفاق الطائف كأمر واقع عبر نسف ترتيبات تقاسم السلطة، وتعبيد الطريق امام استمرارية عهده عبر توريث الرئاسة للوزير جبران باسيل.
2- الرئيس عون لا يزال يتصرف كجنرال عسكري مولع للغاية باللعب على حافية الهاوية. وهو انطلاقا من ذلك لا يتوقف امام اية اكلاف اقتصادية واجتماعية وسياسية طالما انه سيحقق “النصر” في “معركته” السياسية التي هي بالنسبة اليه حرب بوسائل اخرى.
النموذج الاول على هذا التوجه، حين جمّد الرئيس عون “الرئاسة المارونية” سنتين ونصف السنة، رافعاً الشعار “العسكري”: “إما انا الرئيس او لا رئيس”.
واليوم يجمد البلد برمته رافعاً (عملياً) شعار: إما باسيل رئيساً للجمهورية او لا جمهورية (البديل يمكن ان الفيدرالية اذا استطاع باسيل ان يحكم فيها، او المؤتمر التأسيسي اذا توافرت له الرئاسة عبر مداورة المثالثة).
نأتي الان الى الرئيس سعد الحريري، ومرة اخرى سنتعاطى فقط مع الاشهر التسعة الاخيرة.
لماذا قرر الحريري ترشيح نفسه لتشكيل الحكومة، طالما هو يعرف ان محور عون – باسيل يرفضه وهو قادر على اعاقته؟ قلنا ان الرجل كان يراهن هو الآخر على ثنائية الازمة الاقتصادية والضغوط الدولية. وهذا كان صحيحاً، ولكن هذا فقط خلال الاشهر الاولى. إذ من الاكيد انه تبين له بعدها ان رهانه ليس في محله. فلماذا امضى هذه الاشهر الطويلة في مماحكات يعرف سلفاً انها مجرد حرث في الرمال او سباحة في بركة ليس فيها ماء؟
اي تحليل سريع لمقابلة الحريري التلفزيونية الاخيرة، يظهر ان 99% منها تركزت على صراعاته السياسية ولم تستحوذ آلام الناس ومعاناتهم وطبيعة الازمة الاقتصادية – الاجتماعية سوى اطلالة سريعة وعابرة كما خفافيش الليل
وهل صحيح انه أمضى هذه الاشهر الضائعة في الخارج متنقلاً بين عواصم العالم لتسهيل ولادة الحكومة والحلول، او لجلب الغاز من مصر، كما قال؟
لا نريد ان نذهب الى ما قاله نُقّاده من انه كان يستطلع في مصر وروسيا والامارات فرص ابرامه اتفاقات اقتصادية خاصة به لمعالجة مشاكله المالية الصعبة. فهذا اتهام يحتاج الى قرائن واثباتات. لكن، وفي المقابل، لا نستطيع الا ان نقول انه يتقاطع هنا مع الرئيس عون في الرهان على انه قد يحصد مكاسب سياسية من الازمة الاقتصادية الطاحنة.
ثم؛ أي تحليل سريع لمقابلته التلفزيونية الاخيرة، يظهر أن 99% منها تركزت على صراعاته السياسية ولم تستحوذ آلام الناس ومعاناتهم وطبيعة الازمة الاقتصادية – الاجتماعية سوى اطلالة سريعة وعابرة كما خفافيش الليل.
نعود الآن إلى اقتراحنا حول طرح استبيان للمواطنين كي يقرروا ما اذا كانت الكارثة التي نعيش الآن سياسية أم سايكولوجية مدمرة، تشبه تماماً الدمار الذي انزله هتلر وموسوليني وصدام وبول بوت بشعوبهم.
وهنا قد ينجدنا احمد داود اوغلو بمعطى قد يعزّز قناعتنا بضرورة إخضاع القادة السياسيين للفحوص النفسية، بشبهة إصابتهم بمرض السايكوباث الذي يرتكب فيه المريض الجرائم من دون اي شعور بالذنب او تأنيب ضمير. يقول اوغلو في كتابه “العمق الاستراتيجي”:
 كل جهود السلام السياسية والاستراتيجية والاقتصادية التي تبذل لتحقيق السلام مع يهود إسرائيل لن تجدي نفعاً. الحلول الوحيدة الممكنة مع هؤلاء سايكولوجية.. لأنهم مرضى.
Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  إنحدار أمريكا يقترب من حد الكارثة
سعد محيو

كاتب سياسي

Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  الرد على اغتيال العاروري.. أربعة خيارات للمقاومة