جزّ صوف الكِباش خيرٌ من سلخِ جلودِ الحملان
A woman withdraws money from an ATM machine at the entrance of a Bank in Beirut on December 01, 2020. - Lebanon's economy is sinking into a "deliberate depression", the World Bank said on December 1 in a damning report stressing the authorities' failure to tackle the crisis. Lebanon's economy started collapsing last year as a result of years of corrupt practices and mismanagement. The crisis was made worse by a nationwide wave of anti-government protests that paralysed the country late last year and the Covid-19 pandemic this year. (Photo by JOSEPH EID / AFP) (Photo by JOSEPH EID/AFP via Getty Images)

مقترح قانون "قصّ شعر" قديم جديد قد يُساعد في حل ّجزء كبير من الأزمة الإقتصادية في لبنان تحت عنوان: إن_جزّ صوف الكباش خير من سلخ جلود الحملان.

بعد ان شهد لبنان ما شهده من إنهيار إقتصادي، مالي، نقدي وتدهور كبير في الأوضاع المعيشية والإجتماعية مع مشاهد طوابير الإذلال التي تشهدها تقريباً كل منطقة من مناطقه، أرسل لي احد الأصدقاء هذه القصة التي وجدت انها تصلح لأخذ بعض التدابير والإجراءات لإستعادة الكثير من الأموال المنهوبة والمسلوبة من خزينة الدولة او المُحوّلة الى الخارج بتواطؤ واضح ومعروف بين اركان السلطة الفاسدة وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف وغيرهم ممن تآمروا على هذا الشعب وجوّعوه وافقروه.

بسرعة تلقّفت الفكرة وقلت في نفسي لماذا لا نُطبّق خطة “والي دمشق- أسعد باشا” في لبنان لإسترجاع كل الأموال المنهوبة والمحوّلة واموال الفقراء والمساكين والمقهورين والمحرومين والمتقاعدين الذي عملوا لفترات طويلة لكي يحصلوا في نهاية المطاف على بعض النقود الوطنية والخضراء لأيامهم السود فإذا بأموالهم طارت وسُرقت وتبخّرت من صناديق المصارف على يدّ عفاريت الجنّ والإنس ولا احد يعرف تفصيلياً حتى اليوم كيف واين وبأي طريقة.. لأن الوالي وحماته يمنعون اي تدقيق جنائي او محاسباتي ويستمرّون بالضحك والإستخفاف بهذه الرعية المقهورة حتى الآن؟

وبعد ان كثُر الحديث منذ بداية الأزمة المالية عن  عمليات قصّ الشعر ( Haircut) التي اصبحت على كل شفة ولسان بحيث عمل مصرف لبنان وجمعية المصارف على تطبيقها دون مراعاة ايٍ من شروط العدالة والمساواة بين الغني الذي ربما نهب وسرق وسمسر واستفاد كثيراً من الفوائد المرتفعة التي كانت تدفعها المصارف والفقراء وصغار المودعين الذين جدّوا وكدّوا وعرقوا طيلة عمرهم لجمع بعض الأموال لتقاعدهم او لآخرتهم كما يقولون، وجدت انه من المفيد أن اتقدّم بهذا المقترح لأطلب من خلاله تطبيق نظرية قديمة تتكلّم عن “جزّ صوف الكباش” استعمله “احمد باشا الجزّار” منذ اكثر من 100 سنة لأقول للقيّمين على الأمور الآتي: افعلوا هكذا بلبنان ولستم بحاجة الى خطط صندوق النقد الدولي ولا البنك  الدولي ولا لقروض او ديون اخرى من مؤتمر سيدرز  او غيره!

واليكم في ما يلي قصة والي دمشق أسعد باشا مع الفاسدين من ساسة واداريين وقضاة ومستفيدين من ازلامهم والتي تصلح لأن تكون خطة إقتصادية كاملة متكاملة لإعادة بعض التعافي لهذا الوطن لو وجدنا من يتطوّع للعب دور احمد باشا لبنان في هذه الأيام الحالكة القاحطة.

وتقول القصة إن الوالي كان بحاجة إلى المال بسبب النقص الحادّ في مُدخرات خزينة الولاية وعجزه عن دفع تكاليف تصريف الأعمال ومعاشات الموظفين وما الى ذلك، فإقترحت عليه حاشيته أن يفرض ضريبة على صُنّاع النسيج في دمشق.

فسألهم أسعد باشا:

وكم تتوقّعون أن تجلب لنا هذه الضريبة؟

قالوا: من خمسين الى ستين كيساً من الذهب.

فقال أسعد باشا:

ولكنهم أناس محدودي الدخل فمن أين سيأتون بهذا القدر من المال؟

فقالوا: يبيعون جواهر وحليّ نسائهم يا مولانا!

فقال أسعد باشا:

وماذا تقولون لو حصلت على المبلغ المطلوب بطريقة أفضل من هذه؟

فسكت الجميع!

وفي اليوم التالي، قام أسعد باشا بإرسال رسالة إلى المفتي لمقابلته بشكلٍ سرّي وخلال الليل. وعندما وصل المفتي قال له أسعد باشا:

عرفْنا أنك ومنذ زمن طويل تسلُك في بيتك سلوكاً غير قويم وأنك تشرب الخمر وتخالف الشريعة وإنني في سبيلي لإبلاغ “إسطنبول” ولكنني أفضل أن أخبرك أولاً حتى لا تكون لك حجة عليَّ.

هُنا اخذ المفتي المفجوع بالخبر يتوسل الوالي ويعرض عليه مبالغ مالية لكي يطوي الموضوع ويُلفلِفه ويستر عليه لكي لا ينفضح امره في البلاد وامام العباد!

عرض المفتي أولاً على الوالي دفع مبلغ ألف قطعة نقدية، فرفضها أسعد باشا، فقام المفتي بمضاعفة المبلغ ولكن أسعد باشا رفض مجدداً. وفي النهاية تمّ الاتفاق على ستة آلاف قطعة نقدية.

وفي اليوم التالي قام أسعد باشا باستدعاء قاضي القضاة وأخبره بالطريقة نفسها أنّ هناك شكاوى كثيرة عليك من كل حدبٍ وصوب وأن قاضي القضاة يقبل الرشوة ويستغلّ منصبه لمصالحه الخاصة، وأنه يخون الثقة الممنوحة له من السلطة ويُكدّس المال والذهب على حساب الرعية التي أصبحت في حالٍ مُذلّ من القهر والفقر والحرمان.

وهنا ايضاً أصبح القاضي يُناشد أسعد باشا ويعرض عليه المبالغ كما فعل المفتي.

فلمّا وصل معه إلى مبلغ مساوٍ للمبلغ الذى دفعه المفتي أطلق سراحه واخلى سبيله بعد تحذيره من الإستمرار في ذات النهج كما فعل مع المفتي من قبل ذلك.

بعدها جاء دور المُحتسب والنقيب وشيخ التُجّار وكبار أغنياء التُجار وهكذا دواليك الى ان طالت محاسبته معظم  الإداريين وكبار  اصحاب الثروات  والأعيان والمنتفعين من المحاسيب والمحظيين!

بعدها قام بجمع حاشيته الذين أشاروا عليه بدايةً أن يفرض ضريبة جديدة لكي يجمع خمسين كيساً.

إقرأ على موقع 180  تقدير إسرائيلي: حزب الله يواجه "الإنهيار" بتعزيز قبضته لبنانياً

فقال لهم:

هل سمعتم أن أسعد باشا قد فرض ضريبة في الشام؟

فقالوا: لا والله.. ما سمعنا.

فقال: ومع ذلك فها أنا قد جمعت مائتي كيس بدل الخمسين التي كنت سأجمعها لو اعتمدت على طريقتكم في فرض ضريبة إضافية على الفقراء والمساكين والمحرومين!

فتساءلوا جميعاً: كيف فعلت هذا يا مولانا؟

فأجاب:

“إن جزّ صوف الكِباش خيرٌ من سلخِ جلودِ الحملان”.

فهل سيأتي اليوم الذي يُجزّ فيه صوف الفاسدين في لبنان بدءاً من الحاشية والمستشارين والسماسرة والمقاولين وأصحاب الإمتيازات والوكالات الحصرية، وكل الذين حوّلوا الوطن الى شركات محاصصة تعمل لمنافعهم دون الناس.

ومن هو “أسعد باشا لبنان” الذي سيكون قادراً على فرض تطبيق هذا القانون او هذه الطريقة على السياسيين الفاسدين الحاقدين وعلى كل من استلم موقع وزاري او نيابي او إداري او قضائي او عسكري او في اية مؤسسة او هيئة أو لجنة وكان همّه الأول والأخير كيف يغرف من خزينة الدولة وكيف يكدّس الأموال هو وزجته واولاده وحاشيته وأزلامه؟

المطلوب ان يكون هذا الأسعد لبنانياً صرفًا وأن يتخلى عن أي لقب منحه إياه أجنبي، وان لا يكون قد عيّنه اي صدر اعظم او باب عالٍ مهما علا او سفل، راشداً ليس فوقه وليّ ولا وصيّ.. يدين بالله، بلا طائفة او مذهب سوى دين وطائفة الإستقامة والنزاهة والعدالة والمواساة.

الحاشية والمستشارون والوزراء من اصحاب الذمم والأمانة والأكف النظيفة والعلم والكفاءة، لم يجنسهم بلد آخر ويزرعهم عملاء له.

أن يُلقِى في غياهب السجون كل من امتدت يده للمال العام ويسترجع منه ما سرق، وكل من هندس مالياً وسعى بقصدٍ لسلب مال الناس وتكديسه في خزائن مرابي وأرباب المصارف والصيارفة، ومن هرَّبوا ثروات البلاد الى الخارج؛ وليكن لدى “اسعدنا” هذا  قضاء نزيه يحكم بتعليقهم على أعواد المشانق في الساحات العامة، وكذلك شأن كل من رشى او ارتشى وعاث في البلاد فساداً.

فبدل سلخ جلود المواطنين والفقراء والمحتاجين وبإسمهم احياناً وبإسم القضية احياناً اخرى، لنقم بتدفيع الأثمان لمن سرق ونهب وسمسر وعقد الصفقات على حساب الوطن والمواطن في كل الوزارات والإدارات والهيئات والمجالس والصناديق واللجان والمقاولين والمتعهّدين من ازلامهم وشركائهم وشركاء زوجاتهم وابنائهم واولاد عمومتهم واخوالهم وكل الأقارب!

لماذا تسعى كل الحكومات والمجالس النيابية بلجان مالها وموازنتها وعدلها  وإدارتها وكل عصاباتها ومافياتها الداعمة لأصحاب المصارف ولحيتان المال وكبار التجار والمحتكرين المجرمين وغيرهم ممن نهبوا وسرقوا لكي يكون الحساب دوماً على حساب الفقراء والمُعدمين والمستضعفين وصغار المودعين في المصارف؟

لماذا لا تكون ودائع اللبنانيين للبنانيين، يستثمرونها داخل بلدهم للنهوض بالزراعة والحرف وصولاً للصناعات الصغيرة والمتوسّطة والمتطورة وأبرزها مصانع الأدوية بدل إستيرادها، ولبناء المستشفيات كي لا نبقى نحمل مرضانا للعلاج خارج مستشفياتنا وكذلك لدعم قطاع التربية والتعليم والجامعة اللبنانية الوطنية بدل تفريغها ونهبها وتغييب دورها الطليعي في عملية الخلاص والإنقاذ وفي غيرها وغيرها من المشاريع الإصلاحية والإنمائية اللا “ريعية”؟

Print Friendly, PDF & Email
د. طلال حمود

رئيس ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  نصرالله وباسيل وفرنجية من "النووي" إلى "جلالي" البترون وبنشعي!