القصة الكاملة لتفكيك خلية “داعشية” في شمال لبنان

الكشف مؤخراً عن خلية إرهابية تتحرك على إيقاع فكر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الشمال اللبناني، هو مؤشر خطير، ويدل على أهمية تحصين الواقع اللبناني، سياسياً وأمنياً وإجتماعياً، ولعل باكورة التحصين أن تسعى الحكومة اللبنانية الجديدة، إلى تنفيذ برنامج عملها، ما يحول دون "الإرتطام الكبير". 
حقّقت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني إنجازاً أمنياً نوعياً في طرابلس بشمال لبنان، من خلال توقيف خلية “داعشية” كانت أنهت مرحلة التحضير الأولي، وبدأت التخطيط لسلسلة أعمال إرهابية كانت باكورتها عملية إغتيال عنصر سابق في مخابرات الجيش اللبناني يدعى أحمد مراد (أبو زياد) ليل 22 آب/أغسطس الفائت في شارع المئتين في مدينة طرابلس، كما أقدم أحد أفرادها على تصفية حساب عائلي مع والد طليقته حيث رمى قنبلة باتجاه بسطته المعدة لبيع الحلويات في منطقة التل، ما أدى إلى إصابته بجروح بليغة ولكنه سرعان ما فارق الحياة.
الانجاز الأمني لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني أكد جملة من الثوابت أبرزها:
أولاً؛ أن الجيش اللبناني وبالرغم من كل الصعوبات والأزمات التي تواجهه بفعل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي ما يزال على أتم الجهوزية للقيام بمسؤولياته في حماية الأمن الوطني اللبناني، وفي ملاحقة الخلايا الارهابية سواء بالمتابعة الدقيقة كما حصل في طرابلس أو من خلال الأمن الاستباقي الذي يشكل مظلة أمان للبلاد والعباد.
التأكيد على أن الخلايا الارهابية التي تظهر بين حين وآخر في منطقة الشمال اللبناني ليست منبثقة عن أي تنظيم إرهابي أو لديها إرتباطات خارجية، بل هي نتاج فكر فردي متشدد يحمله قلة من الشبان وتساهم الظروف الصعبة في دفعهم بهذا الإتجاه
ثانياً؛ التأكيد على أن طرابلس لا يوجد فيها بيئة حاضنة للخلايا الارهابية، وأن أهلها على إختلاف توجهاتهم ملتزمون بسلطة الدولة والقانون وبالمؤسسة العسكرية التي تحولت الى جزء لا يتجزأ من نسيج المدينة الاجتماعي منذ إنطلاق الخطة الأمنية في العام 2014 والتي أوقفت جولات العنف وأقفلت المحاور، حيث بادر الجيش خلال السنوات الماضية الى تقديم العديد من المساعدات لأبناء المناطق الشعبية الفقيرة وما يزال يتعاون مع الأهالي على معالجة الكثير من الأمور الحياتية الملحة.
ثالثاً؛ التأكيد على أن الخلايا الارهابية التي تظهر بين حين وآخر في منطقة الشمال اللبناني ليست منبثقة عن أي تنظيم إرهابي أو لديها إرتباطات خارجية، بل هي نتاج فكر فردي متشدد يحمله قلة من الشبان وتساهم الظروف الصعبة في دفعهم بهذا الإتجاه، حيث يجتمع بعض هذه القلة على مفاهيم خاطئة ويشكلون بموجبها خلية ما تلبث أن تسقط عند أول تحرك على الأرض كما حصل مع خلايا أخرى، وكان آخرها ما عُرف بـ”خلية كفتون” في صيف العام 2020، والتي ذهب ضحيتها ثلاثة من عناصر الشرطة البلدية في كفتون ثم إتسع نطاق المداهمات بإتجاه عكار حيث قتل عسكريان في الجيش اللبناني وسبعة من عناصر المجموعة “الداعشية”.
تشير المعلومات إلى إن الموقوفين يشكلون خلية تحمل الفكر “الداعشي” من دون أن تكون على إرتباط بأي تنظيم يحمل هذا الفكر، وقد كان أفرادها ينشطون في إستمالة بعض الشبان في المناطق الشعبية مستغلين الأوضاع الاقتصادية الصعبة لتجنيدهم ضمن الخلية
كيف تم توقيف أفراد هذه الخلية في طرابلس؟
تقول المعلومات التي توفرت لـ”سفير الشمال” إن مديرية المخابرات قامت بدراسة كل جوانب عملية إغتيال عنصر المخابرات السابق أبو زياد مراد، ووضعت عدة فرضيات منها الشخصي ومنها الثأري ومنها الارهابي وعملت بشكل دقيق على كل واحدة منها، فتبين لها أن عنصر المخابرات قُتل بسبب المضايقات التي كان يتسبب بها لبعض الشبان، ما أدى الى تقدم فرضية وجود الخلية الارهابية.
وتضيف المعلومات أنه بعد البحث والتحري تم التعرف الى أمير الخلية ويدعى (ر. ح) وهو في العقد الثاني من العمر ومن منطقة شمالية بعيدة عن طرابلس، كان أوقف في العام 2015 بتهمة الارهاب وخرج من السجن في العام 2019، حيث درس الشريعة الى جانب عمله في إحدى الشركات التجارية، كما كان يعطي الأوامر لأفراد الخلية ويصدر الأحكام وهو من أصدر حكم الاعدام على عنصر المخابرات وقام بتنفيذه بإطلاق النار عليه في سيارته حيث أرداه قتيلا وأصاب زوجته التي كانت بجانبه في يدها.
وبعد أيام من الرصد والمراقبة وفي عملية أمنية دقيقة شاركت فيها القوة الضاربة في مخابرات الجيش اللبناني، تم توقيف “الأمير” في إحدى مناطق طرابلس، وبالتحقيق معه إعترف بقتل عنصر المخابرات، ودلّ على أفراد الخلية الذين أوقفتهم القوة الضاربة تباعا وأحدهم (ع . م) الذي رمى قنبلة على والد طليقته وقتله أمام البسطة التي يعمل عليها في بيع الحلويات في منطقة التل، إضافة الى أربعة شبان آخرين.
وتشير المعلومات إلى إن الموقوفين يشكلون خلية تحمل الفكر “الداعشي” من دون أن تكون على إرتباط بأي تنظيم يحمل هذا الفكر، وقد كان أفرادها ينشطون في إستمالة بعض الشبان في المناطق الشعبية مستغلين الأوضاع الاقتصادية الصعبة لتجنيدهم ضمن الخلية لكنهم وجدوا صعوبة في ذلك، كما عمدوا الى شراء أسلحة خفيفة وذخيرة بواسطة أموال كانوا يحصلون عليها بطرق غير مشروعة، وإعترفوا أيضا بأنهم كانوا يسعون الى توسيع الخلية وتفريعها بهدف تنفيذ أعمال إرهابية والاخلال بالأمن.
يذكر أن الجيش اللبناني أوقف تاجر الأسلحة الذي كان يقوم ببيع السلاح الى أفراد الخلية المذكورة.
(*) ينشر بالتزامن مع موقع “سفير الشمال“.
Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  صوّب على الرأس أيّها القنّاص..!
غسان ريفي

كاتب وصحافي لبناني، رئيس تحرير موقع سفير الشمال

Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  أزمتا الاحتياط و"الحريديم".. تهديد وجودي لإسرائيل!