هل بقانون معجّل مكرّر تُشرّع المقاومة؟

بعد أن استقرّ الرأي على أن كلّ القوى اللبنانية الوازنة خرجت من الإنتخابات النيابية رابحة، استقرّ معه الرأي أيضاً على أن الشعب اللبناني ما يزال هو الخاسر الأول والأخير، قبل انتخابات العام 2022.. وبعدها!.
لم نكد ننتهي من الانتخابات العامة في لبنان، حتى بدأت بورصة الكتلة الأكبر عددًا وفق معيارين أساسيّين:
– مؤشّر الكتلة الأكبر مسيحيًا.
– مؤشّر مع أو ضد سلاح حزب الله.
على أي حال، وبعد أن قامت الحملات الانتخابية للأحزاب والشخصيّات المناوئة لحزب الله وسلاحه على عنوانٍ واحد: السلاح غير الشرعي ومسؤوليّة هذا السلاح عمّا وصلت إليه البلاد (…)، انتهت الانتخابات النيابية وحملاتها التي هدفت إلى شدّ العصب واستقطاب الأصوات، حتى خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداة الإنتخابات مباشرة ليطرح فكرة تأجيل الحديث عن هذا الموضوع لفترة سنة أو سنتين (كرر الإقتراح نفسه في خطاب التحرير ليل 25 أيار/مايو 2022) مقابل تقديم أولويات أخرى.
إن مقاربة هذا الموضوع من باب الواقعية السياسيّة والوضع القائم حاليًا، تضع أمامنا تساؤلات، الإجابة عنها متوفّرة لدى جميع الأطراف اللبنانية ولو ضمنيًا، فما الجدوى من إعلاء الصوت وتسعير الخلافات دون إمكانية الوصول إلى حلول، سوى المزيد من التأزيم.
على سبيل المثال لا الحصر: ماذا لو أحجم حزب الله عن ترشيح أحدٍ ولم يشارك في الانتخابات، وماذا لو لم يرغب بالمشاركة في الحكومة المقبلة، هل كان هذا ليغيّر في المشهد العام في البلاد أو أنه يؤثر في موازين القوى القائم، وهل أن سلاح الحزب قد استمدّ شرعيّته من “قانون معجّل مكرّر” عندما اعتدت إسرائيل على لبنان، فيُعتدّ بأكثرية جديدة لإلغاء القانون، أو أن الحكومة اللبنانية أصدرت، عبر وزراء الدفاع والداخلية و”الوزراء المختصّين”، مرسومًا ونشرته في الجريدة الرسمية “تحلّل” (من كلمة حلال) فيه استخدام السلاح بوجه المعتدي والدفاع عن الأرض والشعب والوطن ككلّ، أيًا كان هذا المعتدي، تكفيريًا أم إسرائيليًا؟ وكيف كان الحال قبل حزب الله؟ هل من قاوموا الإحتلال قبيل نشأة حزب الله في العام 1982، إنتظروا إذناً من أحد ما أم أنهم ملأوا فراغ اللادولة؟
لقد انتهت الانتخابات، والناس تريد حلولاً لا شعارات، وليت الجميع يستريح في خلوة بعيدة عن الناس والإعلام والبيانات والردود والتغريدات، وليجترحوا حلولاً تبدأ من رغيف الخبز ولا تنتهي بتأمين الدواء
من جهة أخرى، تدور السجالات والحوارات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل وتصمّ آذان المستمعين والمشاهدين حول من هو الأقوى ومن “يمتلك” الأكثرية أو من له حق الفيتو (لكأن الصوت الانتخابي هو صكّ ملكية لممثلي الأمة جمعاء).
وفي هذا الوقت، “هرّبت” الحكومة في اجتماعها الأخير خطتها للتعافي الاقتصادي، وانتقل السباق وحلبة الصراع حاليًا بين اللاعبين على رمي كلّ طرف الخسائر في حضن الآخر، إما الدولة ومصرفها المركزي وإما المصارف وإما المودعين، فيما الكباش السياسي يتراوح بين التحفّظ والرفض والإنتقاد، إلا أن أحدًا من هؤلاء لم يطرح خطّة كاملة متكاملة، وليست مجرّد حسابات دفترية كما وُصفت هذه الخطة، حتى من قبل الأطراف الآتية من كنف المجتمع المدني أو المعارضة أو التغييريين أو أيًا كانت التسمية، فمع الإعتراف بأن الخطة التي قدّمتها الحكومة مجحفة بحقّ المواطن والإقتصاد معًا، وليست خطّة إنقاذ كما يُفترض بها أن تكون، إلا أن الانتقاد وحده ليس كافيًا ولن يكون مثمرًا، بل على هؤلاء، وبالأخصّ الذين يطرحون أنفسهم بديلاً عن القوى الحاكمة، أن يطرحوا البديل، فأين العصف الفكري الموعود والترجمة العملية له بعيدًا عن تمارين الأوتار الصوتيّة والشعبويّة التي لا يمكن استثمارها في الوقت الراهن.
لقد انتهت الانتخابات، والناس تريد حلولاً لا شعارات، وليت الجميع يستريح في خلوة بعيدة عن الناس والإعلام والبيانات والردود والتغريدات، وليجترحوا حلولاً تبدأ من رغيف الخبز ولا تنتهي بتأمين الدواء.
Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  كيف يقبض العرب على زمام التاريخ؟
جوسلين معلوف

مستشارة قانونية وباحثة في القانون العام، لبنان

Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  جعجع من "الثورة" إلى "التثوير".. إنها الرئاسة يا عزيزي!