هل تطرد روسيا الوكالة اليهودية من أراضيها؟
A sign is seen outside the entrance of a Russian branch of the Jewish Agency for Israel (JAFI) office in Moscow, Russia, Wednesday, July 27, 2022. The Russian authorities have appealed to court to close the Moscow office of the Jewish Agency for Israel for alleged violations of the law. (AP Photo/Alexander Zemlianichenko)

Avatar18017/08/2022
في شهر تموز/يوليو من العام الجاري، تأزمت العلاقات الإسرائيلية- الروسية بعد إعلان وزارة العدل الروسية أن الوكالة اليهودية في روسيا قد أخلَّت بالقوانين الروسية المحلية. وعليه، تم فتح ملف في محكمة روسية مختصة للتداول بشأن إغلاق جميع مكاتب الوكالة وطرد موظفيها من البلد. فإذا حصل ذلك، سيكون أجراءً غير مسبوق بحق الوكالة، بحسب وليد حبَّاس، من المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار".

تم تحديد يوم 19 آب الحالي، غداً، كموعد لإجراء مداولات قضائية داخل المحكمة المختصة بمثل هكذا قضايا، وربما الوصول إلى قرار نهائي، وهو ما تنظر إليه إسرائيل بتشاؤم يُنذر بأن عمل الوكالة اليهودية في روسيا قد يكون شارف على نهاياته.

ما هي طبيعة عمل الوكالة اليهودية، وما هي نشاطاتها على الساحة الروسية. ما هي الأسباب الفعلية التي قد تقف وراء قرار موسكو إغلاق جميع مكاتب الوكالة وطرد موظفيها، وهو قرار إن جرى تنفيذه فسيكون غير مسبوق بالنسبة إلى الوكالة اليهودية المنتشرة في معظم دول العالم، وكذلك بالنسبة إلى العلاقات الإسرائيلية- الروسية.

مظلة الإستيطان

أقيمت الوكالة اليهودية في العام 1929 بموجب إيعاز بريطاني بضرورة إنشاء وكالة (agency) لتنظيم كل شؤون المستوطنين اليهود تحت الانتداب البريطاني، وتحضيراً لإقامة وطن قومي لليهود.

في فترة “الييشوف”(*)، أي بداية الإستطيان، التي امتدت حتى إقامة دولة إسرائيل، كانت الوكالة اليهودية هي المظلة العُليا لكل التشكيل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لمجتمع المستوطنين، بل إنها كانت بمنزلة الدولة اليهودية المقبلة. بعد إقامة دولة إسرائيل، تحولت معظم مهام الوكالة اليهودية إلى مؤسسات الدولة، وأصبحت بعد ذلك مجرد تنظيم عالمي لتسهيل الهجرة اليهودية إليها، بحيث انحصر دورها، بعد العام 1948، في إقامة مكاتب في أرجاء العالم بهدف الإبقاء على علاقات بين يهود العالم ودولة إسرائيل، وتنظيم هجرات اليهود من مختلف أنحاء العالم إلى إسرائيل.

لهذا السبب، فإن الدور الرئيسي للوكالة اليهودية حالياً هو جلب المزيد من يهود العالم إلى إسرائيل وتحويلهم إلى مستوطنين جُدد. اليوم هناك حوالي 8.2 مليون يهودي منتشرين في أنحاء مختلفة حول العالم، وإسرائيل تنظر إليهم باعتبارهم مشروع مستوطنين جُدد يمكن جلبهم في المستقبل.

يتركز عمل الوكالة اليهودية في الدول التي يتواجد فيها أكبر عدد من اليهود؛ وهي: الولايات المتحدة الأميركية (6 ملايين)، فرنسا (446 ألفاً)، كندا (390 ألفاً)، بريطانيا (290 ألفاً)، الأرجنتين (175 ألفاً)، روسيا (150 ألفاً)، ألمانيا (118 ألفاً)، أستراليا (118 ألفاً)، بالإضافة إلى دول أخرى ذات عدد أقل من اليهود. هذا يعني أن عمل الوكالة في روسيا يُعتبر حيوياً، إذ إن روسيا تُعتبر سابع أكبر دولة في العالم من حيث تواجد اليهود فيها، حتى بعد أن انتهت موجات الهجرة الجماعية من دول الاتحاد السوفييتي السابق في التسعينيات من القرن العشرين، والتي وصل خلالها ما يربو على مليون يهودي.

بدأت الوكالة اليهودية عملها كـ”مظلة” لمجتمع المستوطنين … واليوم تنشط كـ”همزة وصل” بين يهود العالم ودولة إسرائيل، وتتولى مهام تنظيم هجرات اليهود من أنحاء العالم إلى إسرائيل

وقد أقيمت الوكالة اليهودية في روسيا في العام 1989، في فترة “البيريسترويكا”. ونشطت بشكل رسمي في العام 1991. وتعمل الوكالة حالياً كجسم استعماري لإنتقاء مستوطنين يهود جُدد.

عمل إستخباراتي- إستعماري

بمعنى آخر أكثر دقة، أن الوكالة تقوم بجمع معلومات عن كل سكان روسيا اليهود، وتدير قاعدة بيانات ضخمة، وتحاول أن تنتقي المستوطن الأفضل للقدوم إلى إسرائيل؛ وهو المستوطن الشاب، المتعلم، من ذوي الخبرات العملية (كالمهندس أو المبرمج أو الطبيب) والذي قد يساهم في تطوير اقتصاد إسرائيل، وتحسين النسيج الاجتماعي.

هذا الدور، الذي يجمع بين العمل الإستخباراتي (جمع معلومات عن مواطنين روس، وإن كانوا يهوداً) والنفوذ الإستعماري (تهيئة اليهود للهجرة كمستوطنين إلى دولة إسرائيل)، شكَّل الأساس الذي استندت إليه وزارة العدل الروسية في توصيتها بضرورة إيقاف عمل الوكالة اليهودية التي تنتهك القانون الروسي الذي يحظر على مؤسسات “أجنبية” جمع معلومات عن مواطني الدولة.

لكن هناك آراء ترى أن هذه الخطوة الروسية لا تأتي فقط في سياق انتهاك القانون الروسي، بل إن موسكو تسعى مع خلالها إلى معاقبة الغرب بشكل عام وإسرائيل بشكل خاص بسبب موقفهما من الحرب مع أوكرانيا.

مثلاً، منذ سنوات عدَّة، تقوم روسيا بحظر عمل منظمات ومؤسسات دولية تعتبرها جزءاً من المنظومة الغربية. فهي؛ على سبيل المثال؛ طُردت وكالة المساعدات الأميركية (USAID) من موسكو في العام 2012، وحُظرت أنشطة المجلس الثقافي البريطاني (British Council) في العام 2018. وبعد الحرب على أوكرانيا، وبالتحديد في نيسان/ابريل 2022، أغلقت وزارة العدل الروسية ممثليات 15 منظمة ومؤسسة أجنبية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية (أمنستي)، و”هيومان رايتس ووتش”، وممثليات مؤسسات ألمانية معروفة مثل “مؤسسة هاينريش بيل”، ومؤسسة “كونراد أديناور”، ومؤسسة “نعومان” وغيرها.

عمل الوكالة في روسيا إستخباراتي وإستعماري… تنتقي من بين يهود روسيا “المستوطن الأفضل” للقدوم إلى إسرائيل؛ أي الشاب، المتعلم، ذو الخبرات والمؤهلات المطلوبة لتطوير اقتصاد إسرائيل، وتحسين النسيج الاجتماعي

لكن الوكالة اليهودية تُعتبر مسألة أخرى. فهي تمثل الذراع الأهم للنفوذ الصهيوني في العالم. وقد أرسلت إسرائيل العديد من الوفود للتفاوض مع روسيا، وجرت محادثات على مستوى رئيس دولة إسرائيل، وتم انتداب لجنة إسرائيلية مختصة للسفر إلى روسيا ومحاولة حل الأزمة.

إقرأ على موقع 180  بن مناحيم: "ضوء أخضر" روسي للتصعيد الإسرائيلي سورياً!

في تاريخ 19 آب/أغسطس، ستتداول المحكمة الروسية في توصيات وزارة العدل الروسية، وتستمع إلى آراء مختلفة قبل أن تتخذ قراراً بخصوص مستقبل نشاط الوكالة اليهودية. فهل تفعلها روسيا وتنفذ إجراءً غير مسبوق بحق الوكالة اليهودية وتطردها من أراضيها؟!

– عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار

(*) “اليشوف” تعني استيطان بالعبرية. مصطلح أُستخدم ابتداءً في ثمانينات القرن التاسع عشر ليشير إلى هيئة السكان اليهود في فلسطين قبل قيام الكيان الإسرائيلي. أصبح المصطلح شائعاً بعد ذلك، وبقي رائجاً حتى عام 1948، ولا يزال يُستخدم حالياً في اللغة العبرية للدلالة على السكان اليهود في فلسطين قبل قيام الكيان الإسرائيلي.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180    أنا حرة.. لكن بعد فوات الأوان!