فلسطين في وجه إله الحرب 

مناظر الأشلاء المقطعة لأطفال ونساء وشبان لهي لعنة في لحظة تاريخية تشهد على تأزم غطرسة بغيضة لآدميين رفضوا أن يكونوا كذلك واختاروا أن يكونوا مجرمين يعاكسون الله ويجرمون في حقه وحق عباده وأرضه.

منذ زمن ونحن نسمع بصراع الحق والباطل قصة نمت عليها أجسامنا الطرية التي غدت طعاماً لآلة عسكرية لا ترحم لمفرمة لحم تقتات على بغض الله والإنسانية جمعاء؛ مستشفى يُقصف على نازليه؛ بيوت تُهدم على رؤوس ساكنيها؛ سيارات إسعاف تنتظر من يُسعفها، ومن ينقل صورة المجازر والدم يصبح في عداد الموتى.

مناظر مفجعة لا مثيل لها حتى في الحرب الثانية العالمية تزيد في دمويتها مصالح دول متضاربة.

منذ أن خلقنا الله ونحن نرتكب باسمه كل ما تصل إليه أيدينا وحواسنا من ارتكابات جسيمة مادية عدوانية شرهة أو معنوية عدوانية تلوي ذراع النصوص الدينية وبدل أن تكون تعاليم الله صافية إذا بها تعاليم خلقه وتفسيراتهم وبدل أن تكون رسالة الله واحدة يتوحد حولها بنو البشر إذا بها رسالات فُصِّلت على قياس الأهواء والمنافع.

إنها معركة كسر إرادات وتحطيم ذاكرة جماعية في المستقبل والماضي واليوم، وهنا يأتي دور إعلامنا الحر ومثقفينا ومفكرينا من أجل حفظ الذاكرة وحماية سردية الحق من الضياع والتشويه، فلا رمادية اليوم ولا ينبغي لكثيرين أن يقفوا على حياد سلبي

صحيحٌ  أنَّ الله جعلَ لنا مكانةً مميزةً عن باقي المخلوقات التي خلقها، واختار آدم وأبناءه في تبيلغ رسالاته لكن عدوانية البعض وكبرهم وتفاخرهم وعنصريتهم أوقدت نار الحرب بين حق واضح وبين باطل أوضح.

يومها بدأنا العدوان على الآخرين طمعنا بأرضهم ونسائهم ومواردهم فتنافسنا عليها وأشعلنا الحروب باسم الله ونصرة لدينه؛ ألم تنتهك أفريقيا وتسرق مواردها إلى اليوم ويفتك بأهلها وما فعله البلجيك وملكها ليس ببعيد في الكونغو التي حوّلها إلى مزرعة خاصة له ولحاشيته وأسرته.. واليوم فلسطين الجريحة النازفة تلك البقعة السماوية المباركة ضاعت وتُركت بين صهيونية إجرامية واستعمار مقيت وراءه وتخلٍ من قبل أبناء جلدتها عن نصرتها ممن أضاعوا البوصلة بين الحق والباطل فهل نستحق ما منحنا الله إياه من امتياز عن بقية مخلوقاته؟

اليوم لا حياد بين الحق والباطل. علينا الاختيار بينهما وأن نفعل ما بوسعنا من أجل التمسك بالحق وإبراز صورة فلسطين الواضحة وضوح الشمس.

إنها معركة كسر إرادات وتحطيم ذاكرة جماعية في المستقبل والماضي واليوم، وهنا يأتي دور إعلامنا الحر ومثقفينا ومفكرينا من أجل حفظ الذاكرة وحماية سردية الحق من الضياع والتشويه، فلا رمادية اليوم ولا ينبغي لكثيرين أن يقفوا على حياد سلبي وتماس محاولين حماية تموضعهم ومصالحهم.

نعم هناك إله حرب إسرائيلي فليكن حصاده هذه المرة آلاف من الشهداء لا ضير إن كانت هذه الدماء لا تروي ظمأ هذا الإله النهم؛ إنها لغته المستعلية، لغة إله عنصري، فليكن هؤلاء من غير اليهود ما هي المشكلة ما داموا وحوشاً وحيوانات لا يشبهون البشر بزعمه.

إنها السوريالية العابثة التي تحاول تخريب الوعي وإضفاء العنصرية حتى على الدم وإزهاق الأرواح.

يا إله الحرب الصهيوني لم تكن أرض فلسطين منعمة قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فيومياً كنت تطلب دماءً وتطلب أسرى ومعتقلين ودماراً للممتلكات وتدنيساً للكرامات والمقامات الدينية، فليس صحيحاً أن شعباً أعزل سلبت أرضه واقتلع منها لعشرات السنوات كان قبل السابع من تشرين/أكتوبر يحيا في وئام وهناء.

يستفزك نائب إسرائيلي في الكنيست على قناة تلفزيوية ليقول “كان كلّ شيء على ما يرام، كنا نعيش بهدوء وسلام، كنا نتقرّب من جيراننا، كان 20 ألف عامل فلسطيني يدخلون إلى إسرائيل، كلّ هذا تغيّر في لحظة واحدة”.

هذا الاستهزاء تتبناه الولايات المتحدة والغرب عموماً إذ فلسطين المحتلة هي عبارة عن عمال مُحدّدين بالعدد يدخلون يومياً ليعتاشوا في دولة الاحتلال.. وشعب يحيا في سجن كبير تقطع عنه الكهرباء ويحرم من الماء والغذاء في أي وقت يختاره الاحتلال وأطفاله وشبابه يقبعون في السجون.. عن أي سلام يتحدثون؟ سلام امتهان الحقوق والكرامات؟

لحظة تاريخية ومصيرية تمر بها الأمة اليوم لا بد من اقتناصها من قبل الشعوب العربية من أجل التوحد وتجاوز الخلافات وعقدة الخوف والتمسك بالحق وحده في عالم لا يُرحَم فيه الضعيف بل يُحسب فيه حساب القوي فإما أن نتوحد وإما سنبقى رعايا في أرض يتخطفنا أهل الباطل من حولنا.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  مات لبنان.. هل مَن يدفنه؟
Avatar

باحث وكاتب، لبنان

Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  كتاب بابيه "أكبر سجن على الأرض".. نقض سردية 1967