ترامب اسقط كبير صقوره بتغريدة

طوى الرئيس الأميركي دونالد ترامب صفحة خلافاته مع مستشاره للامن القومي جون بولتون التي خرجت الى العلن منذ مدة، باقالته من خلال تغريدة ليكون ثالث شخص يطرد من المنصب نفسه وبالطريقة نفسها منذ دخول ترامب الى البيت الابيض.

مارس ترامب هوايته بطرد رجال ادارته الواحد تلو الاخر بالطريقة عينها، اي باطلاق تغريدة له على تويتر، جاء فيها  “أبلغت جون بولتون الليلة الماضية أنه لم تعد ثمة حاجة لخدماته في البيت الأبيض. اختلفت بشدة مع الكثير من اقتراحاته مثل آخرين في الإدارة”.
وبادر بولتون إلى الرد على الرئيس بالطريقة ذاتها التي أعلن بها ترامب خبر إقالته، حيث كتب تغريدة على تويتر قال فيها “عرضت تقديم استقالتي ليلة أمس والرئيس ترامب قال لي لنناقش المسألة غدا”. لكن كان من المقرر ان يعقد بولتون مؤتمرا صحفيا بعد نحو ساعة مع وزير الخارجية والخزينة.
ويعرف عن بولتون، وهو احد ابرز وجوه المحافظين الجدد، عشقه للتحريض على الحروب  وتغيير الأنظمة لاسيما في ايران وكوبا والعراق وكوريا الشمالية وفنزويلا وسوريا، وهذا ربما ما اجج الخلاف بينه وبين ترامب رجل الصفقات المالية والتجارية  والاعتقاد بانه قادر على تغيير اراء الاخرين بمجرد جلوسه معهم. وبعدما كان بولتون من المقرّبين من ترامب، تحوّل إلى “عبء” عليه، ففي وقت يحاول ترامب خفض الوجود الأميركي في العالم وفي الشرق الأوسط ، يسعى بولتون الصقوريّ إلى العكس تماما.
اخر الخلافات بين الرجلين كانت في شان افغانستان حيث كان بولتون يرفض بشدة الانسحاب الاميركي من هناك واجراء حوار مع حركة طالبان. وفيما كان البيت الأبيض يستعد لمحادثات حاسمة حول مصير الحرب في أفغانستان والوجود الأميركي فيها، وجد بولتون نفسه معزولا، حتى أن اسمه لم يرد في قائمة المدعوين الأصلية للمفاوضات مع الأفغان.  ووصلت أزمة الثقة في الإدارة الأميركية، بحسب “واشنطن بوست” إلى حدّ رفض رئيس الطاقم الأميركي المفاوض حول أفغانستان، زلماي خليل زاد، طلب بولتون الحصول على نسخة من مسودة الاتفاق مع طالبان، ضمن محادثات الدوحة، وبعد احتجاج بولتون، فإنه حصل على موافقة لقراءة المسوّدة وبحضور شخص آخر معه، لضمان عدم مغادرته الغرفة مع نسخة منها. وادت هذه الخلافات الى انهيار الترتيبات لعقد لقاء سري مع القادة الافغان وطالبان في كمب ديفيد،  كان ترامب يعول على نتائجه لإنهاء أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة  من اجل تحقيق كسب ديبلوماسي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
اما الخلاف الاكبر بين الرجلين، فيتعلق بايران حيث دأب بولتون على تهديد طهران والترويج لشن حرب ضدها بعدما كان ابرز المشجعين لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية صارمة جدا ضد ايران، اما ترامب فكان يعتقد أن الإيرانيين سوف يستسلمون من دون قتال، أو أنهم سيصلون إلى طاولة المفاوضات من موقف الضعف. أو ربما لم يفكر في نهاية اللعبة على الإطلاق حتى اضطر إلى ذلك.  وراح في الفترة الاخيرة يبحث عن ثغرة لفتح قناة تفاوض مع الجانب الايراني من اجل عقد صفقة جديدة تعطي واشنطن المزيد من المزايا الاقتصادية والتجارية. وربما اكثر ما اثار انزعاج بولتون الانباء عن مساعي رئيسه اجراء لقاء مع الرئيس الايراني حسن روحاني على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة، في ظل اصرار ايران على رفض اللقاء قبل وقف شامل للعقوباتِ.  وذكرت صحيفة “الواشنطن بوست” أن ترامب كان محبطًا من بعض مستشاريه الذين يعتقد أنهم قد يدفعون الولايات المتّحدة إلى مواجهة عسكرية مع إيران، ويدفعونه نحو خرق تعهده القديم بالانسحاب من الحروب الخارجية المكلفة. ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر أميركية مسؤولة، أن ترامب، على عكس اللغة العدائية التي يتحدث بها علنا ضد إيران، يفضل مقاربة دبلوماسية لحل الخلافات، ويريد التحدث بشكل مباشر مع المسؤولين الإيرانيين.
ايضا في ما يتعلق بالملف الكوري الشمالي، فقد كان بولتون يطالب باجراء من شانه نزع السلاح النووي الكوري الشمالي، فيما اكتفى ترامب بالقبول بتسوية ملتبسة لتجميد التسلح النووي موقتا. وذهب الى ما هو ابعد باجراء لقائين مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون ودعاه الى البيت الابيض. والارجح الان أن ستيفن بيغون، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى كوريا الشمالية، سيكون ابرز المرشحين لخلافة بولتون.

لا يوجد ملف الا وكان فيه خلاف بين ترامب وبولتون…. ويبدو انهما لم يتفقا الا على الفلسطينيين والعمل على تصفية قضيتهم

وفي فنزويلا، قال بولتون إن إجبار الرئيس نيكولاس مادورو على الخروج من السلطة سيكون فوزاً سهلاً، وراح يعد العدة للحرب. لكن الامر لم يكن ذلك. في مواجهة الاختيار بين التصعيد والتدخل من جهة وفك الارتباط من ناحية أخرى، عاتب مساعديه من الصقور واختار المسار الأخير. ووصلت الأزمة إلى نقطة لم تكن بحاجة إليها.
لا يوجد ملف الا وكان فيه خلاف بين الرجلين، معاهدة حظر اسلحة الدمار الشامل ، الخلاف التجاري مع الصين، ويبدو انهما لم يتفقا الا على الفلسطينيين والعمل على تصفية قضيتهم.
قد توحي اقالة او استقالة بولتون ان قرارت الحرب لاسيما مع ايران صارت في خلف الصورة، لكن ما يجري في اميركا ترامب يفترض انه لا يطمئن الاميركيين، ذلك ان الرئيس الذي طرد من كانوا يوصفون بالحكماء من حوله، مثل جيمس ماتيس وريكس تيلرسون وجون كيلي، يبدو ان لا يحبذ لا العقلاء ولا المغامرين، بل يستمع فقط الى نفسه، ويحب المصفقين ويمارس ما يمارسه اي ديكتاتور. رئيس يتصرف وفقا لغرائزه. يفعل الشيء ونقيضه في آن ، يفضل المكاسب الاقتصادية على المصالح الاستراتيجية العليا، يتخذ قرارا لا يلبث ان يتراجع عنه، يرتكب الاخطاء من دون تكبد التكاليف لكن الاضرار على العالم تكون بالغة. هاجسه الوحيد ابرام صفقة لكنه جاهل في القضايا.

إقرأ على موقع 180  ألعاب خطرة على حافة النار

Print Friendly, PDF & Email
أمين قمورية

صحافي وكاتب لبناني

Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  مورا بلا عرض أميركي في طهران.. ماذا عن أمير قطر؟