هل تنجح مطرقة LAGEVRIO في ضرب كورونا؟
Full frame image of pills of the drug Molnupiravir. Molnupiravir was developed by Merck & Co and is an antiviral Covid-19 therapy. Selective focus

بعد سنتين من الدراسات والتجارب والخلطات الدوائية والنقاشات الحادّة بين مؤيّد لهذا الدواء ومعارض له، ومن منّا لا ينسى انقسام المجتمع الطبّي في العالم بين مناصر للهيدروكسي كلوروكوين وآخر معارض له، نجد أنفسنا اليوم مع مُركّب المولنوبيرافير Molnupiravir.

سيتعرّف العالم بين نهاية العام 2021 ومطلع السنة الجديدة، على المُركّب الجديد تحت الاسم التجاري LAGEVRIO وسيحتوي الحبّة الأولى عالميًا الموجهة حصرًا ضد فيروس كورونا المستجد، فما هو هذا المُركّب الدوائي الجديد؟

هذا المُركّب ليس بالجديد تمامًا، بل تمّ العمل عليه منذ العام 2014 من قبل جامعة إموري الأميركية EMORY حيث كانت الأبحاث الممولة من وزارة الدفاع، تحديدًا من “وكالة الدفاع المعنية بخفض التهديدات” DTRA، تهدف للوصول إلى دواء يعالج فيروس التهاب الدماغ الفنزويلي Venezuelan equine encephalitis VEE المنتقل من الأحصنة إلى البشر عبر لدغات البعوض وقادت هذه الأبحاث إلى هذا المركّب الذي أظهر فعالية جيّدة ضد فيروسات أخرى تنتمي إلى نفس فصيلة فيروس كورونا ونقصد بها الفيروسات الرجعية Retro Virus (تحمل الـ RNA كمادة وراثية).

أما اسم الدواء، فهو مشتقٌ من اسم مطرقة اله الرعد ثور الأسطورية “مجولنير Mjolnir” حيث يعتبر العلماء أنّ المركّب سيقوم بضرب الفيروسات كالمطرقة.

آلية العمل

لا بدّ من التأكيد أولًا أنّ هذا الدواء ليس وقائيًا، أي لا يؤخذ للحماية من الإصابة، بل بعد الإصابة حيث يقوم المُركّب المسؤول عن آلية العمل بمنع الفيروس من استنساخ نفسه داخل الخلايا، وذلك من خلال التدخل في الأنزيم المسؤول عن إنتاج النسخة النهائية من المادة الوراثية الفيروسية وجعلها مليئة بالأخطاء القاتلة وغير صالحة، ما يؤدي بالتالي لما يُعرف بالفشل الفيروسي أو الكارثة وهذا ما يجعل كل النسخ الجديدة غير صالحة ويضع حدًا للعدوى، والفكرة الأبرز والأهم أنّ الدواء يؤخذ عند بداية العوارض على شكل حبوب للبلع فلا حاجة للدخول إلى المستشفى للحصول على عناية وأخذ الجرعات عبر المصل مثل الأدوية المستعملة سابقًا خلال هذه الجائحة.

يجب التأكيد أنّ دواء LAGEVRIO قد يغيّر من مجريات اللعبة.. نعم، ولكنه ليس بديلًا عن اللقاحات التي تقدّم الحماية الأفضل والأنجع في مواجهة عدو البشرية الأول: فيروس كورونا

وهنا يجب أن نَذكُر أنّ نسبة أمان الدواء كانت عالية جدًا مقارنة بالخلطات الدوائية التي استعملت سابقًا خلال فترة الجائحة، ففي بعض الأحيان كانت العوارض الجانبية لها أشدّ على المرضى من الفيروس نفسه ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الـ: ريميديسيفير والإيفرمكتين.

أمّا الدواء الجديد، فقد أثبت نجاعة عالية في التخفيف بنسبة 50% من حالات الاستشفاء وبالتالي تقصير مدة البقاء في المستشفيات وتاليًا تقليل نسب الوفاة الناتجة عن الإصابة بشكل كبير، والدراسات المؤكّدة لذلك أتت كلّها بعد شهر أيلول/سبتمبر 2020 عند تحوّل الأنظار للسّبل اللازمة والممكنة للتخفيف من وطأة الجائحة وإحداث خرق في هذا الجدار.

كما أنّ النجاح انسحب على كلّ المتحوّرات التي ظهرت في العام 2021 من دلتا وغاما ومو ولكن التجارب اصطدمت بحاجز أخلاقي ألا وهو عدم القدرة على إعطاء المريض الدواء الوهمي أو ما يُعرف بالـ placebo واحتمال موته بسبب الإصابة بالفيروس بينما كان يمكن إنقاذ حياته لو أخذ الجرعة الحقيقية، وعليه حصل الدواء على إجازة استعمال طارئة من وكالة الدواء والغذاء الأميركية في حزيران/يونيو من العام 2021، كما التزمت وكالة الصحة الأميركية بدفع مبلغ 1.2 مليار دولار ثمنًا لحوالي 1.7 مليار جرعة، كما إشترت أستراليا 300.000 جرعة ونيوزيلندا 60.000 جرعة.

الانتاج والوقت

بناءً على ما سبق، قامت الشركة المصنعة للدواء ميرك Merck بالطلب من المصانع التابعة تسريع وضع خطوط الإنتاج تحت الطلب وذلك للتسليم في الوقت اللازم.

ولكن هنا نعود إلى معضلة الوقت مقابل الانتاج، وهذا الأمر ذاته حصل مع بداية إنتاج لقاحات فيروس كورونا حيث كانت الكميات المنتجة لا تكفي الدول التي وظّفت كل إمكاناتها الاقتصادية لتحصيل العدد الأكبر من الجرعات وحرمت بالتالي من هم أكثر حاجة!

كما أنّ هذا الدواء لن يكون خاضعًا لمنصّة عالمية على شاكلة منصة COVAX الخاصة باللقاحات التي حاولت التوزيع بعدالة قدر الإمكان مما يؤكّد الفكرة الآنفة الذكر، أي أن سياسة السوق هي التي ستتحكم بعملية تسويق المُركّب الدوائي الجديد.

أمّا في لبنان، فالدواء سيكون متاحًا ولكن من دون أي إستعجال في تحديد تواريخ نهائية، ذلك أن مافيا الدواء هي الممر الإلزامي ولا بد من تحديد سعر معقول، ذلك أن السعر العالمي هو حوالي الـ 20 $ للعلبة الواحدة، وحتماً لن يكون هذا السّعر مقبولًا لدى غالبية اللبنانيين، إلا إذا كان مطلوباً أن يموت المزيد من الفقراء!

أخيرًا، يجب التأكيد أنّ هذا الدواء قد يغيّر من مجريات اللعبة.. نعم، ولكنه ليس بديلًا عن اللقاحات التي تقدّم الحماية الأفضل والأنجع في مواجهة عدو البشرية الأول: فيروس كورونا.

إقرأ على موقع 180  توماس فريدمان: لو قُدِّرَ لكماماتنا أن تتكلم

(*) راجع للكاتب نفسه: ماذا عن الجرعة الثالثة.. ماذا عن الأنفلونزا الموسمية؟

Print Friendly, PDF & Email
فؤاد إبراهيم بزي

كاتب متخصص في المواضيع العلمية

Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  كورونا بسلالته المعدلة.. إنتشار أكبر، خطورة أقل واللقاح واحد