في حال تعيينه رسمياً، سيصبح روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي الرابع في عهد دونالد ترامب الأول، بعد كل من مايكل فلين الذي لم يكمل شهره الأول في منصبه، وهربرت ماكماستر الذي أطاحت به تصريحاته حول التدخل الروسي في الانتخابات الاميركية، ثم جون بولتون الذي أمضى في منصبه سنة وخمسة أشهر، فضلاً عن الجنرال المتقاعد كيث كيلوغ الذي عينه قائماً بالاعمال لمدة أسبوع واحد بعد إقالة فلين.
وعلى طريقة الشغل “بالقطعة”، يهندس الرئيس الأميركي الموقع الأهم لسياساته الخارجية، إلى جانب منصب وزير الخارجية. فلكل مرحلة متطلباتها، وهو بعد تجربة بولتون المتعبة قرر الذهاب الى خيار مريح. “ترامب يريد شخصاً يرتاح إليه شخصياً، هادىء في مواقفه ولا يعارضه وهذا يخدم مصلحته”، يقول الباحث في المركز العربي في واشنطن جو معكرون لموقع 180. فكيف إذا كان هذا الشخص يحظى بدعم عدد كبير من الجمهوريين في الكونغرس، ووزير الخارجية مايك بومبيو معاً.
ترى صحيفة “يو أس إيه توداي” أن البعض يرى في إختيار أوبراين لهذه المهمة تقليلاً من أهمية منصب “مستشار الأمن القومي”، وتشير إلى مدى النفوذ الذي يتمتع به بومبيو. هذا الأخير بارك ترشيح أوبراين، فغرّد على تويتر قائلاً: “للحفاظ على أمان أميركا، يجب أن ننتقل من موقف القوة. إذا كان أي شخص يفهم ذلك، فهو روبرت”.
يأتي مستشار الأمن القومي المرشح من خلفية حقوقية، فهو محام ناجح، لكنه غير معروف في مجال الأمن القومي. إطلالته على الإدارة الحالية كانت من خلال عمله في منصب المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن في وزارة الخارجية الأميركية. منصب يشغله منذ 15 شهراً، عزز من خلاله علاقته بالرئيس الأميركي الذي قال في تغريدة الترشيح “عملت مع أوبراين لفترة طويلة. وهو سيقوم بعمل رائع”.
أوبراين المولود في لوس أنجلوس (كاليفورنيا)، يُوصف نتيجة عمله في ملف الرهائن، بأنه محافظ ويتمتع بذكاء عاطفي. نشأ كاثوليكياً ثم إعتنق المورمونية
وتشير صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن أوبراين ساعد ترامب في تحقيق سجل من النجاحات في ملف الرهائن، يستند الرئيس اليه كدليل على ذكائه الدولي. فمنذ بداية عهده، تم الإفراج عن نحو 20 أميركياً من السجن أو من الأسر في الخارج، ومن بين هؤلاء، أندرو برونسون القس الذي كان محتجزاً في تركيا، وداني بورش وهو مهندس كان موقوفاً في اليمن، وجيمي سبونوجل العضو السابق في القوات الجوية الذي واجه إتهامات بالتصرف كمرتزقة في ليبيا. أما القضية الأبرز إعلامياً فهي دوره في إطلاق سراح مغني الراب الأميركي آيساب روكي(ASAP Rocky) الذي إعتقل في السويد بتهمة الإعتداء على رجل في أحد شوارع العاصمة ستوكهولم، وأدين بالسجن، قبل أن يطلق سراحه، بناء على تسوية تدخل فيها أوبراين مبعوثاً من ترامب.
من هذه العلاقة، ينطلق الرجلان إلى مستقبل حافل بملفات أكثر تعقيداً. وترى صحيفة “واشنطن بوست” أن على أوبراين الاستفادة من هذه العلاقة وهو يعالج مجموعة من القضايا الأوسع نطاقًا والمحفوفة بالمخاطر سياسيًا، بما في ذلك التوترات مع إيران والعلاقة المتوترة مع الحلفاء الأوروبيين..
في كتابه حول السياسة الخارجية الأميركية الصادر عام 2016، يؤكد أوبراين تطابق نظرته مع ترامب من خلال انتقاد سياسات سلفه باراك اوباما إذ يصف تآكل النفوذ الأميركي في عهد الأخير بسخرية قائلاً “إنه نهج السياسة الخارجية القائم على الأمنيات”، محملا هذا النهج المسؤولية عن ضمور الدور العسكري الأميركي في العالم لمصلحة الصين وروسيا.
أوبراين المولود في لوس أنجلوس (كاليفورنيا)، يُوصَف، نتيجة عمله في ملف الرهائن، بأنه “محافظ ويتمتع بذكاء عاطفي”. نشأ كاثوليكياً، ثم إعتنق المورمونية في العشرينيات من عمره بعد أن قابل زوجته المولودة في جنوب إفريقيا.
خبرته العسكرية والقانونية أهّلته لتقلد عدة مناصب رفيعة في الحكومة الأميركية خلال عهود جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب. هو جنرال سابق في قوات الاحتياط التابعة للبحرية الأميركية، ومحام تخرج من جامعة بركلي في كاليفورنيا.
وضمن برنامج تابع لوزارة الخارجية الأميركية، درب أوبراين قضاة ومحامين ومدعين عامين أفغان في إطار ما سمي جهود الحكومة الأفغانية لإصلاح النظام القضائي. وساعد طلاب القانون الأفغان على الالتحاق بالجامعات الأميركية، تحت قيادة وزيرتي الخارجية السابقتين كوندوليسا رايس وهيلاري كلينتون.
اختاره الرئيس الأسبق بوش الإبن ممثلا للولايات المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 وتم التصديق على تعيينه في مجلس الشيوخ، ليعمل إلى جانب بولتون الذي كان سفيرا لوشنطن في الأمم المتحدة.
عمل مستشارًا للجمهوريين ميت رومني وسكوت ووكر وتيد كروز. كما كان في بداية مسيرته المهنية مسؤولا قانونياً في لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي وجهت اتهامات إلى العراق بعد حرب الخليج، وفق ما يذكر موقع وزارة الخارجية الأميركية.
في المحصلة، أوبراين، سيكون مجرد موظف في البيت الأبيض، أما متى تنتهي وظيفته، فالقرار بيد ترامب الذي بات يتعامل مع فريقه على أساس ماذا يقدم أو يؤخر بالنسبة لفوزه في ولاية رئاسية ثانية.