“عمو ماجد”.. كيف ننسى صورتك الجميلة (*)؟

عبّرت أدبيات ماجد أبو شرار عن علاقة خاصة مع الطفولة، امتدت حتى اللحظة الأخيرة من حياته، فهو القائل بأن "مَن يريد منكم أن يتحمل أثقل الأشياء وأصعبها... ويستمر فلينظر في عيون الأطفال" وفي قصصه وذاكرة الذين عرفوه عن قرب ما يوحي باحتفاظه بفطرته وشقاوته من خلال حضوره بين هذه المخلوقات الصغيرة التي يتجلى فيها عالم البراءة.

علاقة ماجد بالأطفال استثنائية، تقول جانيت (هند) جوهرية[i]، فهو دائم الصلة بهم إلى حد تحويله “شارع وفا” إلى حديقة للأطفال تتيح له رؤيتهم أطول فترة ممكنة، حين تم اغلاق الشارع تجنباً للسيارات المفخخة.

يتصادى قول هند مع مخزون ذكريات طفولتنا، فيها ما يوحي بأنه كان يتعامل مع الأطفال كند حين يحاورهم ويمازحهم ويلعب معهم، كان صديقي الذي فقدته باكراً جداً. المستمع الجيد حين احتاج لمن يسمعني والداعم عند الحاجة للدعم وتعزيز الثقة بالنفس، والنصوح عند الحاجة للنصيحة. لم يتعد يوماً على خصوصياتي، لكنه كان دوماً هناك إذا احتجت لاقحامه في هذه الخصوصيات.

***

كنا برفقة جيراننا وأصدقاء الطفولة أبناء مصطفى عيسى[ii]. خلال رحلة إلى دمشق سبقت استشهاده بفترة وجيزة، كنت وأخي سلام ورلى وفراس عيسى، أصدقاءنا المقربين، نمشي قرب مسبح الفندق عندما اقترب منا رجل أجنبي، ربما يكبر والدي، وطلب أن يتحدث معي على انفراد. ارتبكت ولم أعرف ماذا أفعل، استنجدت بنظراتي وتمتمات غير مفهومة بسلام ورلى وفراس الذين شجّعوني على التحدث معه.

ابتعدنا أنا والرجل الذي ما زلت أحمل بعض ملامحه في ذاكرتي، تحديداً شعره الكثيف الأشيب وجسمه الممتلىء. صدمني ما قاله. لم أتخيل وأنا في هذا العمر الصغير أن يعترف رجل بعمر والدي إن لم يكن يكبره باعجابه بي. ارتبكت مجدداً؛ اعتذرت من الرجل سريعاً وهرولت باتجاه أخي وأصدقائي وكلي نقمة على ما حصل.

صعدت سريعاً إلى الغرفة على أمل الحديث مع انعام، زوجة أبي، التي كانت أماً ثانية لي بعد وفاة أمي فاطمة، لكنها كانت مشغولة في تحميم أختي الطفلة دالية. التقط ماجد انزعاجي، طلب مني مصاحبته في جولة حول مسبح الفندق. أصر على معرفة سبب انزعاجي فأخبرته بما حدث. ما زلت أذكر هدوءه وانصاته لكل كلمة حتى انتهيت من الكلام، قال بكلمات مختصرة: “بابا ما فعله الرجل خاطىء، ليس سلوكاً صحيحاً لرجل في عمره مع فتاة في عمرك. للأسف هناك أناس غير أسوياء، لا يميزون الصح من الخطأ، من الجيد أنك جئت وحدثتينا عن الموضوع حتى لا تعتقدي أن هذا السلوك مقبول”. حدّثني عن تطلعاته لأن أذهب لدراسة الأدب الإنكليزي في ألمانيا الشرقية عندما أنهي دراستي المدرسية. لم أذهب إلى ألمانيا الشرقية للدراسة ولم أدرس الأدب الانكليزي كما رغب ماجد، لكني أكاد أجزم أن خياراتي في الحياة كانت سترضيه لو ما زال بيننا اليوم.

***

قبل عدة سنوات، في ذكرى اغتياله التي تصادف التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، قامت “مؤسسة ماجد أبو شرار الاعلامية” بتجميع شهادات بعض معارفه عن ذكرياتهم معه. غالبية الشهادات لأطفال كانت تربطه قرابة او صداقة مع عائلاتهم.

يقول منير خلف[iii] إنه التقى بماجد مرتين خلال الثمانينيات في يوغسلافيا، ولم يكن يتجاوز حينها العشر سنوات. حدّثه ماجد بكل دفء عن رحلاته المتكررة إلى روما. طلب منير من ماجد عملة ايطالية لأنه كان يهوى جمع العملات، فوعده بتلبية طلبه ووفّر له العملة في وقت لاحق.

يستذكر منير جلوسه مع ماجد في أحد المقاهي يُحدّثه كرجل ناضج عن أمور شتى تمزج بين الجدية والمزاح. طلب ماجد من منير أن يعطيه اسماً مختلفاً وخلاقاً للخطوط الجوية الفلسطينية من دون استخدام كلمة “خطوط جوية”. تردد منير لغرابة السؤال بالنسبة لطفل في العاشرة من عمره فأنقذه ماجد بالقول: “ما رأيك بالأجنحة الفلسطينية؟”. يؤكد منير أن الاسم يرن في أذنيه حتى اليوم لمغزاه، فهو يجسد الحلم الفلسطيني في الحرية.

“جسد ماجد أبو شرار الكرامة والإنسانية في مزيج فريد وخاص. لقد كان قائداً مثالياً سنذكره دائما للطفه، وروحه المرحة وصفاته الأخرى التي تعجز الكلمات عن وصفها،” يختم منير.

***

لارا عيسى أبو شرار ابنة “مليحة” شقيقة ماجد، لم تتم السابعة من عمرها عندما فقدت خالها “المفضل والأحب إلى قلبها” والذي تنطبق عليه مقولة الخال الوالد، كما تقول.

“اعتدنا في كل إجازة، سواء منتصف العام أو خلال الصيف الاقامة في منزل خالو ماجد في بيروت بالرغم من وجود أقارب آخرين في المدينة”. تعيد لارا سبب الاختيار للاستقبال الدافىء “الذي كنا نحظى به”.. والإحساس بأن بيته هو البيت الذي يجمع العائلة، وتشير إلى أنها كانت تحظى بنصيب كبير من الدلال باعتبارها الأصغر بين إخوتها الثلاثة، تقول إنه أطلق عليها لقب “لارا الفارة”، كان يعلم بأنها تخاف القطط في بيت للقطط حصة كبيرة فيه، فيحملها على كتفيه لطمأنتها.

“أذكر أن سماء وهالة وسلام وطارق ولانا وعزة كانوا في نفس العمر، ولم يكن هنالك أحد في سني ألعب معه.. دالية كانت تصغرني بأربع سنوات. حاول خالو ماجد أن يُعرّفني على من هم في سني في بنايتهم، كي لا أبقى وحيدة”، تقول لارا في إشارتها إلى حرصه على استمتاعها بالاجازة.

من أجمل ذكريات لارا عن ماجد وجودها ودالية في البيت خلال زيارة الشاعر محمود درويش. جلس ماجد يراقبهما “بمتعة وصبر ومحبة” وهما تستمتعان بوضع حبات “السمارتيز” الملونة في الماء، لتستعيد لونها الأبيض. وتستذكر اغتيال ماجد قائلة بأنها غير قادرة على استيعاب “كيف يتم إغتيال إنسان بهذا القدر من الجمال والإنسانية والحب والرقي! إنسان لا يختلف على حبه إثنان، هل أخافهم قلمه إلى هذا الحد؟ ام أخافتهم شخصيته الإستثنائية و مقدرته للوصول إلى قلب وعقل كل من عرفه؟”

***

تبدي سهيرعلي طه[iv] تحفظاً في الحديث عن طفولتها، تجنباً لذكريات موجعة، تقول إن “أفضل ما في طفولتي أنها انتهت”، مشددة على أن “كل من لديه خلفية مماثلة لخلفيتي يعرف ما أعنيه”، وترى أن “أحاديث الطفولة تأخذنا في رحلة لا يمكن التنبؤ بها، تحط في مكان لم نخطط له، وعادة ما يكون الحمل ثقيلاً للغاية، يصعب تحمله. في شريط ذكرياتي العديد من المسارات تصل إلى نهاية مفاجئة وبنفس الطريقة: الموت”. لكن ذكرياتها عن ماجد “جميلة وحميمة”، كما تصفها. “شعوري مختلف عند الحديث عن عمو ماجد لأنني لا أجد ما لا يُمكن أن نحبه في هذا الانسان الرائع”، تشير سهير.

تستحضر ماجد بوضوح “مظهره الخارجي: بنيته المتوسطة، دائماً يرتدي البدلات الأنيقة وأحياناً بدلات السفاري الكاكي، صوته رقيق ودافىء وابتسامته رائعة بامكانها تعرية الشخص من سلاحه، وباستطاعتها اذابة القطب الجنوبي. كان يوحي أنه مثقف حقيقي-وكان بالفعل كذلك، وغالباً ما كان يحمل سيجارة بين أصابعه”، تقول سهير “كان معنا عمو ماجد لفترة وجيزة جداً لكنه استطاع أن يلامس كل شخص منا في العمق، فقد كان يمثل شخصية الأب بالنسبة لي ولشقيقاتي. أشعرني دائماً بأن لديه الوقت لتكريسه لي برغم مشاغله”.

تستذكر سهير زيارات ماجد المتكررة إلى بيتهم في رأس بيروت وجلوسه على “الأريكة المتواضعة” في غرفة الجلوس، وحديثه معها، “كاسراً الخوف الذي عادة ما يراودني” عند التحدث مع الكبار، وبخاصة قادة منظمة التحرير الفلسطينية “كان أول من ناداني بالخليلية نسبة إلى مسقط رأسي الخليل، أمر كان يضحكه للغاية. ما زلت أسمع صوته الدافىء يناديني ويمازحني بلهجته الخليلية: “سهيييييييييير تعالي هون وين رايحة؟”

كان يمازحها بسؤالها: “بدكيش تتزوجي سلام؟” ابنه الوحيد. ليحمر لون وجهها خجلاً ويصير مثل حبة الطماطم، وبات الموقف طرفة لدى العائلتين، تتخلله نكات وأغان تتحدث عن زواج سهير وسلام الافتراضي.

تقول سهير أنها كانت دائما تلجأ لماجد عندما ترفض والدتها طلباتها بالسفر أو المخيمات في سوق الغرب، كان “العصا السحرية” بالنسبة لها، تستطيع من خلال كلماته اقناع والدتها. كان يقول لها بأسلوبه الرقيق: “أم نضال، يجب أن يشاركوا. هم المستقبل”.

تتذكر سهير يوم اغتيال ماجد بتفاصيلة الدقيقة قائلة إن أول ما فعلته لدى سماعها الخبر خروجها إلى شرفة البيت لتتحدث مع الله. “كنت غاضبة جداً. حدقت في السماء وفي جعبتي سؤال واحد: لماذا تأخذه منا؟”. ما حدث بالنسبة لفتاة صغيرة خسارة شخصية “كنت بحاجة إلى تفسير من الله لماذا لم ينقذ حياته” وهو القادر على ذلك. تنهي حديثها “تقدمت في العمر ولا أدري إن كنت أكثر حكمة. تؤلمني ذكراه كثيراً، تملأ قلبي بالدفء، وأزداد قناعة بروعة الرجل، الذي أعطانا الكثير من وقته واهتمامه لأنه كان فعلاً مهتماً بحياتنا ومشاكلنا. أقدره أكثر وأكثر كل يوم”.

إقرأ على موقع 180  روسيا و«الهجمة الايديولوجية»… بين الـ«رينبو» والـ«رادوغا»

***

تصف صديقتي المقربة رلى عيسى[v] التي سكنت المبنى الذي كنا نسكنه شعورها تجاه ماجد قائلة إنه كان يعاملها معاملته لابنته، وتشير إلى أنه أول من عرفها على أشرطة الفيديو. “جمعنا في غرفة الجلوس وأجبرنا على مشاهدة فيلم الرسالة”، كنا متحمسين لوجود فيلم في البيت و”الأهم بالنسبة لعمو ماجد هو أن نشاهد الفيلم”.

تستذكر رلى كيف علّمها شرب الحساء بالطريقة الصحيحة، “كنت أجهل أهمية قلب الصحن إلى الجهة المعاكسة عند الرشفتين الأخيرتين لأتمكن من شرب ما بقى منه”. تشير إلى أهمية الاكتشاف بالنسبة لبنت صغيرة “ما زلت أذكره حتى يومنا هذا، وعلّمت هذه الحيلة لابني عمر”. تضيف: “أمرٌ أخرٌ لا يمكن أن أنساه وهو عندما أحضر كاميرا فيديو لتصويري وأنا أرقص رقصة (Grease) الشهيرة في حفلة أقمناها بالبيت”. ومن بين دلالات اهتمامه بالتفاصيل الصغيرة احضاره الهدايا لها ولإخوتها لدى سفره “كنا ننتظر هداياه كأبنائه” تنهي رلى حديث ذكرياتها.

***

بالرغم من صغر سنها في ذلك الوقت لا يغيب عن ذاكرة ميس علي طه[vi] تفاصيل تربطها بماجد كـ”نظاراته. ابتسامته الكبيرة ولهجته الخليلية” تقول إنها لن تنسى أبداً لطف ماجد وروح النكتة التي كان يتمتع بها، وكيف كان ينادي على ابنته سماء باسم الدلع “سيمو”.

تستعيد “افطارات رمضان لدى أنتي أم فراس[vii]” حين يتناول ماجد الطعام معها ومع حنين ابنة أم فراس. “أعتقد أننا كنا الأشخاص الأربعة الوحيدين من العائلات الثلاث الذين كانوا يصومون وكان فخوراً بنا”، وتذكر كيف كان يمازح أختها سهير بأنه يريد تزويجها من ابنه سلام. “في احدى المرات عندما رفضت سهير عرضه التفت إليّ وقال لي: “شو رأيك ميس نزوجك سلام؟ على أي حال أنا أحبك أكثر من سهير، إحمّر وجهي خجلاً لكني كنت أسعد إنسانة في العالم”، حين سمِعَته يقول إنه يحبني أكثر من سهير.

***

أكثر ما يذكره فراس عيسى[viii] عن ماجد هو احترامه الكبير لوالدته “وهو شيء لم أره من قبل”. ولا ينسى كيف كان يحضر لهم الهدايا كأبنائه عند عودته من سفراته إلى خارج لبنان. ويستعيد فراس “كم كان يحب أختي ضحى”.

ولضحى عيسى، شقيقة فراس ومدلّلة ماجد، مشاعرها الحاضرة برغم مرور الزمن. “كنت أحب عمو ماجد، كمحبتي لوالدي”، فهي تذكره “بشعره الأسود ونظاراته السوداء، وجلوسها في حضنه”.

اعتقدت ضحى في يوم من الأيام بأنه سيكون أول إنسان تراه عندما تترك هذا العالم. “قد لا يكون معنا بجسده اليوم ولكني أقسم أنه دائماً في قلبي، أكثر من كثير من الناس الذين أراهم الآن”.

***

تحتفظ حنين مصطفى عيسى[ix] التي تكبر ضحى بسنوات قليلة بالكثير من الذكريات عن ماجد، مثل سعادتها العارمة لدى صعوده معهم في المصعد “كنت أنتهز وجودي معه في المصعد لأنظر إليه، إلى الأعلى، وأرى فيه شخصاً غير عادي”، وتضيف بأنها ما زلت حتى اللحظة تراه شخصية مميزة للغاية. الأمر الآخر الذي جعل حنين تشعر بأنها مميزة لديه هو حصولها على علامات جيدة في المدرسة، وذلك بالمقارنة مع إخوتها وأبناء ماجد، فقد سمعته يقول لوالدتها لدى احضار الشهادات المدرسية في إحدى المرات: “منيح يلي في حنين لتعوّض عن الباقيين”، مما كان يبعث فيها شعوراً لا يُوصف بالافتخار. وتنهي بالقول إنها في كل مرة تشاهد فيها فيلم “الرسالة” على التلفزيون تتذكر كيف جمع ماجد الأطفال في بيته لمشاهدة الفيلم عبر شريط VHS وكم كانوا متحمسين للمشاهدة.

***

أكثر ما تذكره شيرين علي طه[x] عن “عمو ماجد” هو “الوقت الذي كان يقضيه معنا لدى زيارتنا لمنزله”، فقد كان قادراً على الإيحاء لـ”كل فرد منا” بأنه يوليه اهتماماً خاصاً، مما كان يشعرها بأنها بمثابة ابنته.

“كان رقيقاً للغاية، وعند زيارة بيته لا أرغب بالمغادرة” وتفسر ذلك بأنه كان يعرف تماما “ما الذي كان ينقصنا او ما نحتاجه في عمرنا وظروفنا” في ذلك الحين، ولذلك من الطبيعي أن يشكل استشهاده “صدمة كبرى”. توضح شيرين بأنه كان “بمثابة الوالد لنا، ولذلك شعرنا بأننا خسرنا والدنا من جديد”.

***

تعود هالة عيسى أبو شرار[xi] بالذاكرة إلى حضور حفل زفاف ماجد وانعام عبد الهادي في بيروت. “انتقى لي (ماجد) فستاناً للمناسبة” برغم مشاغله في ذلك الحين، الأمر الذي عنى لها الكثير، وكان سبباً لاحتفاظها به وقتاً طويلاً، وسبباً لحزنها حين أضاعته.

“خالو كان حنوناً جداً. يجد الوقت لنا برغم مشاغله وظروفه، ولا يتعامل معنا كحمولة زائدة عن الحاجة. من الصعب أن نجد لدى غالبية الرجال الصبر وطول البال مع الأطفال”. تضيف هالة وتشير إلى أنه في احدى زياراتهم لبيروت، دخلت إلى الحمام وعلقت داخله لفترة طويلة قبل أن يجدوا مفتاحاً لاخراجها منه: “ماما كانت غاضبة مني لأنني غلّبت الجميع لكن ماجد كان الوحيد المتفهم وكان متعاطفاً معي وقال للجميع لا تخانقوها، يكفي أنها كانت محبوسة في الحمام”. تؤكد هالة أن لماجد أسلوبه الجميل والمميز مع الأطفال، مشيرة إلى الطريقة التي كان يًدلّل فيها دالية وأسماء الدلع التي كان يمنحها للجميع.

ظهرت محبة ماجد اللامتناهية للأطفال بلفتات صغيرة، كارساله صورة شخصية لهالة ما زالت تحتفظ بها، مكتوب على ظهرها “الحبيبة الغالية هالة، أهديك صورتي حتى تتذكري خالو ماجد الذي يحبك كثيراً”.

ويؤكد عيسى أبو شرار[xii] اهتمام ماجد بالأطفال الأقرباء وغير الأقرباء قائلاً: “كان ماجد يهتم بشقيقاته الصغيرات، يتعامل معهن وكأنه أبٌ لهن، يشجعهن على حب الكتاب ويحرص على توفيره لهن، وكان حضارياً في تعامله معهن، يكن لهن المحبة والعطف ولا يمارس عليهن سطوة الأخ الأكبر”.

ويشير عيسى إلى أن ماجد “كان منذ بدايات حياته وحتى نهايتها محباً للأطفال، إخوته، أبناء جيرانه، ومعارفه وأصدقائه، وكثيراً ما كنا نراه ممسكاً بيد طفل من أولاد الجيران ليشتري له الحلوى”، وفي ذلك ما يميزه عن غيره من الناس.

***

لا تفقد الذكريات قيمتها مع مرور الوقت، بل على العكس تصبح أكثر دفئاً وحميمية، نسترجع من خلالها أشخاصا تركوا بصمة في حياتنا، هكذا هو حال ماجد مع أطفاله الذين يحملون له الكثير من الدفء والحميمية. ذكريات راسخة في أطفال كُثر عرفوا هذا الرجل ولامسوا محبته لتبقيه معنا بالرغم من مرور سنوات طويلة على غيابه.

[i] جانيت (هند) جوهرية زوجة الشهيد المصور والسينمائي الفلسطيني هاني جوهرية وهي ناشطة نسوية في صفوف الثورة الفلسطينية.

[ii] مصطفى عيسى (أبو فراس) قيادي في منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤول في القطاع الغربي، وجيران ماجد في نفس البناية.

[iii] منير خلف، نجل الشهيد القائد صلاح خلف (أبو أياد).

[iv] سهير طه ابنة علي طه قائد عملية عملية خطف طائرة “سابينا” في مطار اللد عام 1972 والتي استشهد خلالها برفقة عبد الرؤوف الأطرش. وشارك في العملية كل من تيريز هلسة وريما عيسى اللتين تم اعتقالهما.

[v] ابنة مصطفى عيسى (أبو فراس) (أنظر هامش 2)

[vi] ميس طه هي أصغر بنات علي طه (أنظر هامش 4)

[vii] زوجة مصطفى عيسى (أبو فراس) (أنظر هامش 2)

[viii] فراس عيسى نجل مصطفى عيسى (أبو فراس) (أنظر هامش 2)

[ix] حنين عيسى ابنة مصطفى عيسى (أبو فراس) (أنظر هامش 2)

[x] شيرين طه ابنة علي طه (أنظر هامش 4)

[xi] هالة أبو شرار ابنة “مليحة” شقيقة ماجد

[xii] عيسى أبو شرار زوج “مليحة” شقيقة ماجد ورئيس مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني الأسبق.

(*) يُصادف اليوم الأربعاء مرور الذكرى السنوية الرابعة والأربعين لاغتيال المناضل الفلسطيني ماجد أبو شرار

Print Friendly, PDF & Email
سماء أبو شرار

صحافية وباحثة فلسطينية مقيمة في بيروت

Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
free online course
إقرأ على موقع 180  أوكرانيا وبيلاروسيا.. صراع الإنضمام الأطلسي والضم الروسي