يبدو مستغرباً أن يُلقّب عميل موجود على الاراضي الأميركية بـ”آية الله”، ولكن حساسية موقعه في الوكالة، ولكونه مسؤول العمليات الخاصة للشؤون الإيرانية جعل اللقب يفرض نفسه.
أما لقب “مايكل الله”، فهو يعود إلى كونه متزوجاً من مسلمة من جزر موريشس، وهي من أصول هندية، من منطقة الغوجورات، وإسمها فريدة كوريمجي، وهذا أيضا من الأمور النادرة الحصول في مسقط رأسها، وهي منطقة معروفة بتطرفها ضد المسلمين وتعصبها الهندوسي، مع العلم بأن اللقب قد يكون قد حصل عليه لمجرّد زواجه، وليس بسبب إعتناقه الإسلام، الذي يحصل عادة عند الأميركيين المتزوجين من مسلمات، حيث يسعى الشخص لأرضاء العائلة أكثر منه التدين!
التحق مايك داندريا بوكالة الاستخبارات الاميركية في العام 1979، وفق ما تشير مجلة “نيوزويك” وصحيفة “نيويورك تايمز”. حينها تدرب مثل كافة العملاء لستة أشهر في “المزرعة”، كما يسمونها، في منطقة لانغلي في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن. بعدها عُين في دار السلام في تنزانيا في شرقي أفريقيا. تنقل في عدة مراكز استخباراتية، وتدرج في المناصب، الى أن عمل داخل الوكالة في فترة تعذيب الشيخ خالد محمد.
آنذاك، أثبتت تلك العمليات فشلها الكلي، وبسببها، تدخل مجلس الشيوخ بقيادة رئيسة لجنة الاستخبارات دايان فاينستاين (الديموقراطية)، والتي أصدرت تقريرها الشهير الذي فضح أساليب الـ”سي أي آيه” في التعذيب، وبخاصة عمليات “الإيهام بالغرق”.
هذا ما أدى الى إيقاف كافة عمليات التعذيب، وبخاصة بعدما وصل الأمر الى الرئيس جورج بوش الابن، الذي لم يكن على علم بما يحصل، فيما كان نائبه ديك تشيني المنسق الأول لكافة هذه العمليات حيث ظهر موقعه المخيف كما صوره فيلم “النائب”.
في تموز/يوليو عام 2015، نشرت “نيويورك تايمز” مقالا كشفت فيه هوية مايك داندريا، ما وضعَه في موقع صعب جداً داخل الوكالة، حيث أشارت الصحيفة الى تعيينه في مركز قيادة العمليات الخاصة ضد إيران. ربما هذا ما اكسبه لقب “آية ألله”.
بسبب هذا المقال، وبّخ الرئيس دونالد ترامب صحيفة “نيويورك تايمز”، مع العلم أن الصحيفة راجعت الجهات المختصة في أجهزة الاستخبارات قبل أن تقرر النشر نظراً إلى حساسية الموضوع.
هذا ما دفع داندريا الى العلن بعدما ظلّ “شبحاً” يعمل في الخفاء، ويصطاد بطائرات “الدرون” أعضاء بارزين في تنظيم “القاعدة”، ومنهم ربما أنور العولقي في اليمن. في العام 2009 كان داندريا مسؤولاً في عن تلك العمليات التي كان يديرها من فرجينيا، وقبلها كان في غرفة العمليات التي طاردت وقتلت اسامة بن لادن في أبوت أباد- باكستان، وهي العملية التي حصل بسببها على لقب “الذئب” كما صوره فيلم “ثلاثون بعد الصفر”، أي ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل.
بقي مايكل داندريا شبحا حوالي خمسة وعشرين عاماً الى أن كشفت غطاءه “نيويورك تايمز” كما ذكرنا أعلاه. بدأ عمله في الـ”سي أي آيه” كعميل غير مميز، ولكن حكي عنه أنه أخلاقي، ولا يكل عن العمل.
يُقال أنه يدخن بشراهة بعدما ترك التدخين لفترة عشر سنوات، لكنه عاد الى عادته عندما كان يلاحق بن لادن وهو في أوائل الستينيات.
حصل مايكل داندريا على كل هذه الألقاب بسبب عمله الدؤوب حيث كان ينام في أحد مكاتب الوكالة لعدة أيام متتالية، وهذا ما أكسبه إحترام زملائه وبالتأكيد أعدائه.
هل لمايكل داندريا إصبع ما في عملية ملاحقة قاسم سليماني وصولاً إلى لحظة إستهدافه؟ على الأرجح نعم.