
أيامٌ قليلةٌ تفصلنا عن مرور عام على حرب غزة أو تحديدًا حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على القطاع. وقد وضعت سقفًا عاليًا لأهدافها المتوخاة من تلك الحرب التى تستمر ولكن بوتيرة منخفضة نسبيًا عما كانت عليه من قبل.
أيامٌ قليلةٌ تفصلنا عن مرور عام على حرب غزة أو تحديدًا حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على القطاع. وقد وضعت سقفًا عاليًا لأهدافها المتوخاة من تلك الحرب التى تستمر ولكن بوتيرة منخفضة نسبيًا عما كانت عليه من قبل.
كيف يبدو المشهد الراهن بخاصة أنه بعد أقل من شهر من الزمن ستبلغ الحرب على غزة عامها الأول: لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها التى رفعتها منذ اليوم الأول للحرب.
أحد أوجه الانقسام القائم والمتزايد فى لبنان مع «حرب غزة» ومن ثم استراتيجية وحدة الساحات، والذى يسهم فى تكريس الشلل المؤسساتى، المتمثل بالفراغ فى الموقع الأول فى السلطة: رئاسة الجمهورية، وبالتالى وجود حكومة تصريف أعمال، وليس حكومة مكتملة الصلاحيات، يتعلق بالذهاب إلى الحوار بين الأطراف السياسية الفاعلة.
الأسئلة والتساؤلات ذاتها ما زالت مطروحة، عند جميع المعنيين من أطراف وقوى دولية وإقليمية فيما يتعلق بمسار التطورات والسيناريوهات المحتملة بعد أشهر عشرة ونيف من حرب غزة التى تبدو أنها مفتوحة فى الزمان، ولو أنها حتى الآن محاصرة نسبيا فى المكان.
نشهد لحظة تصعيد متبادل ومتسارع بعد إسقاط إسرائيل قواعد الاشتباك (توازن الردع بشكل خاص) التى كانت قائمة وناظمة للحروب المختلفة الأشكال خاصة على الجبهة اللبنانية ـ الإسرائيلية (اغتيال القيادى في حزب الله فؤاد شكر فى الضاحية الجنوبية واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى طهران).
شهدنا فى الأيام الأخيرة ثلاثة تطورات هامة تتعلق بالحرب الدائرة التى دخلت شهرها العاشر. الحرب التى بدأت بالغزو الإسرائيلى لغزة ثم توسعت بالجغرافيا والقوة القتالية والأطراف والأهداف، بخاصة على الجبهة اللبنانية، مع استراتيجية «وحدة الساحات» كرد على الحرب الإسرائيلية على غزة.
كثيرون حذّروا، وحذّرنا، من أن منطق الحرب الباردة الذى طبع النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية، وسقط مع سقوط الاتحاد السوفياتى، ومع التداعيات التغيرية الكبرى لذلك السقوط، آخذ بالاستقرار كسمة أساسية تطبع النظام الدولى الجديد. نظام ما زال فى طور التشكل ولم تستقر قواعده بعد، والعالم ما زال فى حالة انتقالية توصف بنظام «ما بعد بعد الحرب الباردة». أحداث ثلاثة مؤخرًا تؤكد ذلك.
يقف لبنان اليوم بعد أكثر من سبعة أشهر على الحرب، أو تحديدًا حرب الإبادة على غزة، أمام تحديات أو مخاطر جسام ثلاثة:
تعقد الدورة الـ٣٣ للقمة العربية فى البحرين يوم السادس عشر من هذا الشهر. أمام القمة، كما درجت العادة فى تاريخ القمم العربية، العديد من القضايا والمسائل القديمة على الأقل بعناوينها ولو ليس دائمًا بمضامينها وتلك الجديدة أو المتغيرة أو الطارئة
من تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة على الصعيد الإقليمى، الرسائل الردعية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، كما شاهدنا فى الهجوم الإيرانى بالمسيرات والصواريخ التى لم تكن موجهة ضد أهداف إسرائيلية عسكرية أو مدنية محددة وذات أهمية استراتيجية والرد الإسرائيلى ضد القاعدة الجوية فى أصفهان القريبة من إحدى المنشآت النووية الإيرانية. إنه نوع من حوار الرسائل الردعية والتى خرجت عن قواعد المواجهة التى كانت قائمة بين الطرفين، دون أن يعنى أن تلك القواعد أسقطت.