ادلب Archives - Page 3 of 5 - 180Post

Syria-1280x854.jpg

حطّ وفدٌ أميركي رفيع المستوى في معبر باب الهوى الحدوديّ بين سوريا وتركيا في خطوة لم تتكرر منذ عام 2011. توقيت الزيارة لم يخلُ من دلالات ورسائل موجهة بمعظمها إلى اللاعبين الرئيسيين - موسكو وطهران ودمشق وأنقرة، غير أن بعض هذه الدلالات والرسائل قد يتسرّب إلى أقنية "جبهة النصرة" المصنّفة على قائمة الارهاب العالميّة والتي يُعتبر معبر باب الهوى بمثابة العمق الاقتصادي وشريان الحياة لإمارتها الاسلامية.

Erdogan-le-sultan-aux-deux-visages-1280x852.jpg

جاء في حكايات "ألف ليلة وليلة" أنّ صدفةً جعلت هارون الرشيد يحلّ ضيفاً على شاب بغدادي يُدعى "أبو الحسن"، كانت امنيته الوحيدة أن يكون "الخليفة" ليوم واحدٍ حتى يعاقب "خمسة أشرار"، فما كان من الرشيد إلا أن غافله، ودس له منوّماً في الخمر، ليجد نفسه صباحاً على سرير المُلك، ويعيش كذبة "الخلافة" ليومٍ واحدٍ، إلى أن دُس له المنوّم مجدداً في الليلة التالية، ليصحو، هذه المرة، وهو على سرير منزله، فراحَ يصرخ بعلو صوته "أنا الخليفة!"... إلى أن ظنّ الناس أنه جُنَّ.

2018-04-18T133922Z_1733673302_RC1E8074CB00_RTRMADP_3_TURKEY-POLITICS-scaled-1.jpg

في أول رد فعل من جانبها على مقتل العشرات من جنودها في قصف جوي في إدلب، أعلنت تركيا فتح حدودها أمام اللاجئين السوريين للعبور إلى أوروبا، الأمر الذي قد يعطي صورة كاملة للفكر السياسي التركي في ظل حكم "حزب العدالة والتنمية" المرتبط بجماعة "الإخوان المسلمين"، والقائم على الابتزاز واستغلال كل ما يمكن استغلاله من أحداث، حتى وإن كان هذا الحدث دماء تركية سالت، ومازالت تسيل، لتحقيق مكاسب اقتصادية أو سياسية، تدعم بمجملها المشروع "العثماني" الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

s2.reutersmedia.net_-1.jpg

تتسارع وتيرة الأحداث في الميدان السوري، وترتفع معها إحتمالات الصدام العسكري، وذلك على مسافة ساعات قليلة من انتهاء مهلة التاسع والعشرين من شباط/فبراير، التي حددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لانسحاب الجيش السوري من مواقع على مقربة من نقاط المراقبة التركية في شمال سوريا، وهي مهلة لم يعرها الروس إنتباهاً، بدليل التطوّرات العسكرية الدراماتيكية، والتي بلغت ذروتها مع مقتل 33 جندياً تركياً في إدلب، وذلك بعد ساعات قليلة على اتهام روسي مباشر لتركيا بتقديم الدعم العسكري للإرهابيين في إدلب.

RTS32DKW-1280x720.jpg

تصعيد عسكري متواصل تشهده محافظة إدلب، مع استمرار تركيا في استقدام تعزيزات عسكرية وتوزيعها ضمن نقاط عسكرية خارج خريطة الاتفاق الروسي – التركي في سوتشي العام 2018، في وقت يتابع فيه الجيش السوري عملياته بدعم روسي لتضييق الخناق على الفصائل المسلحة المنتشرة في المحافظة، والتمهيد لفتح طريق حلب – اللاذقية، والذي كان من المفترض أن تقوم تركيا بفتحه وتأمينه قبل نحو عامين بموجب الاتفاقية، وسط تصادم سياسي وعسكري وجدت تركيا نفسها فيه "الحلقة الأضعف"، الأمر الذي أجبرها على تناسي الخطابات السياسية مرتفعة النبرة، وتهديداتها السابقة للجيش السوري بشن عملية عسكرية في حال لم ينسحب من المناطق التي سيطر عليها إلى حدود اتفاقية سوتشي قبل نهاية شهر شباط/فبراير الحالي، والذي أوشك على الانتهاء.

syria-jabhat-al-nusra-nusra-front.jpg

يبدو أن الرسائل المتبادلة بين واشنطن من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة ثانية وصلت إلى نقطة متقدمة على صعيد حسم طبيعة العلاقة بين الطرفين. ثمّة مرونة أميركية واضحة في توصيف "الهيئة" في حين يكثّف الجولاني جهوده لتلبية الشروط المطلوبة من أجل إعادة تلميعه ونزع صفة الارهاب عنه. فهل ينجح الأخير في استنساخ نموذج "طالبان" أم أن التطورات الميدانية ستفوّت عليه هذه الفرصة؟

000_1OX7F1-1280x720.jpg

وصل مأزق السياسة التركيّة في إدلب إلى نقطة الذروة واضعاً حكّام أنقرة أمام خيارات صعبة لا يحسدون عليها. وما كان حتى الأمس القريب مناورات مكشوفة لشراء الوقت بانتظار متغيرات إقليمية ودولية، تحوّل بفعل التطورات الميدانية إلى انهيارات متسارعة اضطرت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى وضع ملف إدلب على رأس قائمة اهتماماته.

al-nusra-front-fighters-1.jpg

نجت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) من تهديد هيئة الأركان الروسيّة بأن يكون عام 2018 هو عام القضاء على هذا الفصيل الإرهابي. سنتان تعزز خلالهما وضع هذا التنظيم،  خلافاً لتنظيم داعش، وتعززت معه سيطرة مكانيّة لافتة الإنتباه، لا تحجب حقيقة أن أبا محمد الجولاني زعيم "هيئة تحرير الشام" سيواجه في العام 2020 سلسلة تحدّيات داخلية وعسكرية وأمنية وسياسية.

RTS30606-1280x720.jpg

في وقت يواصل الجيش السوريّ معركة التحرير الواسعة التي يقودها في إدلب، ثمة معركة "عضّ أصابع" غير معلنة تجري أحداثها بين الصديقين اللدودين - تركيا و"جبهة النصرة".  يدرك كلا الطرفين أن خرائط السيطرة ستستقر عند خطوط معلومة مسبقاً رسمتها اتفاقات أستانا وسوتشي، ولذلك يدور الصراع بينهما على "ما بعد هذه المرحلة" وكيفية إدارة ما سيتبقى من منطقة خفض التصعيد. هل ستنجح أنقرة في فرض منطقة آمنة خالية من الارهاب أم أن براغماتية الجولاني ستجرّ السياسة التركية إلى صفّه؟

syrian-arab-army-soldier-turkey-aleppo-war-1280x853.jpg

في الوقت الذي يتابع فيه الجيش السوري عملياته العسكرية في ريفي إدلب وحلب لاستعادة طريقي حلب – حماة وحلب-اللاذقية (M4 – M5) بعدما عرقلت تركيا فتحهما على مدار عامين كاملين، تبرز إلى السطح أزمة روسية – تركية متشعبة على امتداد المنطقة، الأمر الذي وضع إدلب في سراديب التشعبات الدولية، وحولها إلى جزء من صورة كبيرة من تضارب المصالح الروسية والتركية والأميركية.