الإله Archives - 180Post

EditorialCartoon_KamikaziTrump_5_2_25_.jpg

لستُ مع الرّأي القائل بعدم وجود "حضارة أميركيّة" مُحترَمة اليوم، وذات شأن في جوانب انسانيّة وثقافيّة واجتماعيّة وعلميّة - بل وفلسفيّة وروحيّة - متعدّدة. للعامل الأميركيّ في عالمنا اسهاماتٌ حضاريّة، عالميّة الطّابع، سابقة وحاليّة، وفي أكثر المجالات الانسانيّة واقعاً: من التّكنولوجيا البشريّة ومن الذّكاء الاصطناعيّ، مروراً بالعلوم الاجتماعيّة والاقتصاديّة.. وصولاً حتّى إلى فهم وتأويل بعض الظّواهر الرّوحانيّة واثبات وجود "الإله" من خلال أدوات العلوم الحديثة كما رأينا في مقالات سابقة. ليس نفيُ وجود الاسهام الحضاريّ الأميركيّ بالذّات، هو الحلّ المناسب لشعوبنا المقهورة من قبل السّياسات الخارجيّة للإدارات الأميركيّة المتعاقبة.

89a529f43cc8d2810dc53e4c54068f8f.jpg

مع التّأكّد من قوّة البراهين والأدلّة والقرائن العلميّة-التّجريبيّة-الاستقرائيّة من جهة، والفلسفيّة المبنيّة على القياس المنطقيّ (Déduction logique) بشكل خاصّ أو على غيره من جهة ثانية: تنامت ظاهرة العلماء وغيرهم، من المؤمنين بوجود "الإله" فعلاً.. لكن مع الادّعاء، بأنّه إمّا "إلهٌ" لا يتدخّل بشؤون خَلقِه ومصائرِهم (كما يظهر من بعض كلام ألبيرت آينشتاين مثلاً)؛ أو بأنّه "إلهٌ مُحايد" في القضايا الإنسانيّة وما إلى ذلك.

1c63aa54a40dd29d80ee9f586ae03aa9.jpg

نحن في عام ٢٠٢٤ للميلاد: هل لدينا اليوم، كبشر، أدلّة علميّة – بالمعنى الحديث المتعارف عليه عموماً في هذا الزّمان – على وجود "الإله" (أو على وجود "الله")؟ عندما نقول أدلّة "علميّة"، فذلك لا يتوقّف بطبيعة الحال على البراهين والأدلّة والحجج والقرائن العقلانيّة-المنطقيّة-الفلسفيّة المُعتادة، بل نتحدّث هنا فعلاً وبالذّات عن أدلّة من النّوع الاستقرائيّ-التّجريبيّ أو الأمبيريقيّ (Empirique) كما يُعبَّر عادةً في هذا الزّمان.

tumblr_loar4sHOXa1qbcporo1_640.jpg

رأينا في المقال السّابق حول الألم أنّ كلّ هذه التّساؤلات الأساسيّة لا بدّ وأن توصل إلى سؤال "وجود (أو تواجد) الشّرّ"، وبالتّالي إلى الاصطدام الفلسفي القديم-العظيم: إنّه الاصطدام أو الارتطام الموجع جدّاً – بالنّسبة إلى الكثيرين – بسؤال الثيوديسا La Théodicée. إذ: مهما كانت نظرتنا الوجوديّة (Ontologique) فيما يخصّ وجود أو تواجد الألم والشّرّ، لا بدّ وأن نرتطم بعاملٍ مهمٍّ متأتٍّ من معتقدات الأديان السّماويّة الإبراهيميّة بشكل خاص: الخير والعدل المُطلَقَين "للإله".