قبيل الانتخابات التركية الوشيكة تتزاحم غيوم السياسة فوق أنقرة وتتراكم تساؤلات المستقبل فى الإقليم بأسره.
قبيل الانتخابات التركية الوشيكة تتزاحم غيوم السياسة فوق أنقرة وتتراكم تساؤلات المستقبل فى الإقليم بأسره.
لم يسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أبدى أيّ رغبة أو حماسة للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، منذ بداية الانفجار الكبير في سوريا. على العكس من ذلك تماماً، وقف في مقدّمة "محاربي" الدولة السورية، وكان الساعد السياسي والتسليحي السبّاق في بناء ما سُمِّيَ بالمعارضة الداخلية في سوريا، متعاوناً إلى أقصى الحدود مع الإدارة الأميركية في أجندتها القاضية بإسقاط نظام الحكم في دمشق.
بعد الإتصالات الهاتفية من ملوك ورؤساء عرب ولا سيما الإتصال الهاتفي الأول بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس السوري بشار الأسد غداة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، ساد لوهلة الإعتقاد بأن المنطقة قد تكون على عتبة زلزال سياسي أملته الكارثة الطبيعية من شأنه أن يخرج دمشق من عزلتها العربية والدولية، لكن برغم هول النكبة، فإن "ديبلوماسية الزلازل" بقيت محدودة الأثر.
أدّت الحرب الأوكرانية إلى حالة استقطاب دولي، لم نشهد مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية، ما زاد من المسافة بين الشرق والغرب، ودفع إلى مزيد من التحولات المتسارعة، بما يمكن أن تمثله نتائج الحرب في أوكرانيا، والتي يمكن أن تدفع بها نحو تجاوز الحدود، خارج ساحة الصراع الحالية.
برغم الموقف السوري شبه الرسمي، والقاضي بتأجيل لقاء الرئيس بشار الأسد والرئيس رجب طيب إردوغان إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية، في شهر أيار/مايو من العام المقبل، فإن السعي التركي مستمر لحدوث هذا اللقاء.
لافتٌ للانتباه وللتساؤل أن تتم إثارة إعادة أعداد كبيرة من اللاجئات واللاجئين السوريين إلى بلادهم بالتزامن بين تركيا ولبنان، وأن يُفتَح موضوع التفاوض مع السلطات السورية بهذا الشأن. بالتأكيد تتواجد فى البلدين المجاورين أعدادٌ كبيرة من اللاجئين السوريين منذ ما يقارب العشر سنوات، أى ما يعادل جيلا كاملا. وما يعنى أن استمرار الأوضاع على حالها لعشر سنوات أخرى يفصل من ولِدوا فى المهجر اجتماعيا عن بلده الأم.
أثارت إشارات المسؤولين الأتراك المتتابعة عن بدء الانفتاح على سوريا لغطاً كبيراً لدى السوريين، سواء في الجانب المعارض أو المؤيد. وقد امتد الأمر إلى السوريين كافة، على الرغم من التباينات الكبيرة بينهم، لإدراك الجميع أن عودة الحياة الطبيعية إلى بلدهم المنكوب تتوقّف على نوعية العلاقة بين دمشق وأنقرة، فهل الطريق معبّدة للانتقال إلى مرحلة مختلفة بين العاصمتين؟