التراث Archives - 180Post

naser.jpg

للتراث علاقة قديمة وعضويّة بحضارة الطعام. حضارةٌ نجدها في الكثير من العادات التي تتمحور حول أطباق معيّنة وفي مناسبات معيّنة. نجدها أيضاً في بعض الأمثال والأقوال الشعبيّة التي نُردّدها. لذلك عندما نتجاهلها (وأنا أقصد الجوانب الإيجابية في علاقة الطعام بالتراث) نفقد جزءاً مهمّاً من هويّتنا ولغتنا وسيكولوجيّتنا (نستبدلها بأخرى لا نفقه فيها أو عنها شيئاً).

1906UP2.jpg

الهوية نقيضة الإرادة. الأولى؛ تعتمد على العلاقة مع الآخر وليس على الذات وحدها بل على كل الظروف الموضوعية. الثانية؛ تنبع من الذات وتفيض إلى الخارج، على أن الإرادة التي لا تأخذ هذه الظروف الموضوعية بالاعتبار تبالغ في اعتبار نفسها ولا تسلم من الخلل. لكن المهم في الأمر أن الإرادة ذات اتجاه ثابت بينما الهوية باتجاهين من وإلى الذات.

3409504357043975047.jpg

نعم، العلاقة عضوية لا بدية منها بين الدين والشارع وليس مقصودنا بالشارع - إن صح التعبير- سوى العامة التي يخرج منها المثقف ليعود إليها بلا فصل واستعلاء، بل يخاطبها بلغتها لينتشلها إلى ما ينبغي أن يحفظ كرامتها وحقوقها، ولكن للأسف ترى الفجوة كبيرة وتتسع بين من يدعي ثقافة دينية أو ثقافة عامة وبين بيئته وناسه فضلاً عن الفضاء العام الجمعي.

think_about_it__trayko_popov.jpg

تخثر الوعي نتيجة تمكّن الاستبداد وانتشار الدين السياسي. صار لدى الناس حالة إنكار، وهي عدم تصديق ما يجري، وعدم اقتناع بأن أمة بهذا التاريخ العظيم يمكن أن تنحدر الى هذا الحضيض، وأن قادة ينزلون أفدح أنواع الظلم والاستبداد بشعوبهم، ويتبجحون بذلك، وأن المجتمع بعد ثورة 2011 قُمِع بما لم يسبق كي يحصل شلل للإرادة الشعبية، بحيث أن الواحد منا ما عاد يُصدّق ما يُقال، ويعتمد على ما هو أهون على المرء، أي الهروب من الواقع دون المشاركة فيه، بل أن ينكره ويمضي في عمله كأن شيئاً لم يكن.

open_mind__brady_izquierdo_rodrguez.jpg

يتسرب الاستبداد من باب كان غير متوقع. باب إلغاء السياسة ورفض المجتمع المفتوح لدى المنظومة الحاكمة ومعاقبة المجتمع اللبناني، بإفقاره ونهب أمواله المودعة أو ما تبقى منها، إضافة الى التعذيب والاعتقال المعتادين أيضاً في كل قطر عربي.

100868645_1516651085155995_2556706980911644672_o-1280x914.jpg

يكفي أن يشتم أحدهم من طائفة أخرى، أو مذهب مغاير، مقدساتنا حتى نظهر اهتياجنا. ربما وصلت بنا الإثارة حد استخدام العنف. نعتقد أن الآخر المغاير لنا عليه أن يحترم مقدساتنا، أو على الأقل أن لا يبدي عدم احترامه. في الأمر موقف منطقي خاطىء وآخر أخلاقي خاطئ. لو كان الآخر يحترم مقدساتنا احتراماً حقيقيا، لكان عليه أن ينضم الى مذهبنا أو الى ديننا. لكنه مختلف في معتقده، مغاير في ايمانه، طبيعي أن يتعلق بمقدسات أخرى وأن يمارس الطقوس التي تؤكد ذلك.