جميل مطر Archives - Page 2 of 6 - 180Post

gay-1-front-RT.jpg

استقبلني عند سلم الطائرة في مطار شامبينو، نبيل العربي الصديق والملحق السياسي بالسفارة المصرية ليصطحبني مع عائلتي الصغيرة إلى فندق متواضع في أحد أزقة وسط العاصمة الإيطالية لنقضي فيه بضعة أيام في انتظار إيجاد شقة مناسبة في حي غير سياحي. ودّعني بعد إنهاء إجراءات التسجيل على وعد أن يعود في صباح اليوم التالي ليقلني إلى حيث يوجد مقر سفارتنا. حضر مبكراً واستأذن أن نتوقف معاً في مقهى بعينه تعوّد أن يتناول فيه إفطاره كل صباح.

EGYPT0.jpg

«لا يليق بمصر أن تتسم سياساتها الخارجية والمواقف التى تتخذها بالارتجالية، أو بمخالفات جسيمة لقواعد أساسية فى القانون الدولى كالموقف الذى تتبناه تجاه الحصار المفروض على قطاع غزة». كان ذلك نقدا جذريا للحصار الخانق على غزة لم يتردد "نبيل العربي" فى تسجيله قبيل إطاحة نظام «حسنى مبارك»، والتزم الموقف ذاته طوال رحلته فى الدبلوماسية والحياة.

ri7an.jpg

كانت للخميس مع تجارب حياتنا طقوس اختلفت باختلاف النوع فليس كل ما كان يحق للصبيان يحق بالضرورة للبنات. اختلفت أيضا باختلاف العمر فما استحق لى فى مطلع شبابى لم يكن مسموحا لى على امتداد سنوات المراهقة، وما مارست واحترمت من طقوس ومتع مؤسسة على مصروف مقرر سلفا من أهلى حلت محلها طقوس ومتع أخرى معتمدة على دخل أو دخول مقابل أعمال أو خدمات قمت بها، بمقتضاها توقف مصروف الأهل وبالتالى تحررت الطقوس والمتع ولأول مرة من سلطة الأهل.

slider-2.jpg

انطلقت الطائرة الفرنسية من مطار القاهرة كعادتها صباح كل يوم. وصلنا باريس عند الظهر أو بعده بقليل لنقضى ليلة فى فندق معروف. انتقلنا منه بسيارة ليموزين فاخرة إلى المطار فى اليوم التالى لنستقل طائرة فرنسية أخذتنا إلى مطار مدينة مورونى، عاصمة دولة جزر القمر الواقعة فى مياه مضيق يفصل بين القارة الإفريقية وجزيرة مدغشقر.

هيكل.jpg

بعد مرور نحو ثلاثة أعوام على رحلتنا الآسيوية، اتصل بي الأستاذ محمد حسنين هيكل من مزرعته في "برقاش" يسألني إن كان لدي من المشاغل ما يمنعني من استئذان الإدارة في "الأهرام" للحصول على إجازة بدون مرتب لمدة ثلاثة أشهر أصحبه فيها في رحلة نزور خلالها نحو عشرين دولة عربية.

94be432795b0d6b608409a87877cb0d6.jpg

نلتقى فى الشتاء أحيانا ولكنها فى الصيف لا تفارقنى. أتحدث اليوم عن أغنية الجاز الشهيرة «Summertime»، بصوت كل من إيلا فيتزجيرالد ولويس أرمسترونج. أسمعها فتسحبنى برقة كلماتها وعذوبة لحنها لنعيش معا ذكريات أيام وأمسيات كانت قاسية فى حرارتها شديدة فى رطوبتها ممتعة فى خلاصاتها وفيما أضافته إلى سجلات عواطفى وتجاربى.

c87443318708b7294bf79d9ca3a359b8.jpg

تقابلنا للمرة الأولى قبل عقود. أظن أنها، أقصد زميلتى، قرأت لى منذ ذلك الحين ربما أكثر ما كتبت. سمعتنى أتدخل فى نقاشات كثيرة علمية وفى أكثر منها بعيداً عن العلم. جمعتنا ظروف عمل مع أجانب، اختلفنا واتفقنا وفى النهاية تأكدنا أن لكل منا أسلوبه فى التعامل مع الغرباء كما مع غير الغرباء، ولكل منا عقيدته وبصمته وأولوياته. كانت، مثل غيرها من المتابعات والمتابعين، تعتقد جازمة أن فى شخصيتى وتصرفاتى غموضا يجدر بى أن أروّضه ولو قليلاً.

egypt-bread.jpg

أعترف أن حال أمتي لا يعجبني. أمتي التي أتحدث عنها هي مجموعة الشعوب العربية وتسكن أرضاً تمتد بين الخليج في الشرق والأطلسي في الغرب. تقاربت مع شعوب في الجوار عبر القرون ومن خلال عقائد دينية ومصاهرات ومصالح، تقاربت حتى تشابهت جميعها أو كادت. ثم تدهور حالها، أقصد حال أمتي، حتى أنهم كتبوا في وصف قدرها ومكانتها ما يملأ جزءاً معتبراً من تقرير صدر عن جامعة جونز هوبكنز عنوانه "مؤشر البؤس العالمي".