“حرب الظلال” بين حزب الله وإسرائيل.. مستمرة

سياسة مهرجان حزب الله في عيتا الشعب خلف الصورة موقع الراهب ( عباس سلمان )

“تحولت جائحة الفيروس التاجي (كوفيد ـ 19) إلى تحدٍ خطير لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، مما يضع أكثر الجماعات المسلحة غير الحكومية تجهيزًا في العالم تحت الضغط. ومع ذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى أن هذه الظروف لم توقف النشاط العسكري والإرهابي المستمر لحزب الله في المنطقة.

تم تخريب ثلاثة مواقع على طول الحاجز الأمني ​​الإسرائيلي على الحدود اللبنانية يوم الجمعة، 17 نيسان/أبريل، على الأرجح من قبل عناصر حزب الله، في ما يبدو أنه محاولة للتسلل إلى إسرائيل. يبدو أن هذا الحدث كان رداً مباشراً على حادث مأساوي وقع يوم الأربعاء في 15 نيسان/ابريل في سوريا. أفادت تقارير إعلامية دولية أن غارة جوية إسرائيلية أصابت سيارة جيب تقل عناصر من حزب الله ربما يكونون متورطين في تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان. وذكر تقرير عربي لاحق أن أحد ركاب السيارة هو مصطفى مغنية، نجل قائد عمليات حزب الله الراحل عماد مغنية.  قتل عماد مغنية في هجوم بالقنابل في دمشق عام 2008 نسب إلى الموساد ووكالة المخابرات المركزية. وبحسب ما ورد في التقارير، نجا مصطفى مغنية وآخرون في السيارة ولم يصب أحد بأذى (…).

إن ترسانة حزب الله العملاقة، التي يقدرها جيش الدفاع الإسرائيلي بحوالي 130.000 قذيفة أرض – أرض، تقدمها له إيران وتحديداً فيلق القدس التابع لها. تتكون ترسانة حزب الله في المقام الأول من صواريخ كاتيوشا قصيرة المدى يصل مداها إلى 45 كيلومترًا (28 ميلًا)، ولكنها تتضمن أيضًا أكثر من 3500 قذيفة تضع نطاقًا أكبر في تل أبيب وتحمل 150 كيلوغرامًا من الرؤوس الحربية. تتضمن الترسانة أيضًا أكثر من 200 صاروخ باليستي بعيد المدى تحمل رؤوسًا حرارية تزن نصف طن. ويمكن لهذه الصواريخ أن تضرب أي نقطة في إسرائيل.

يمكن للدفاعات الجوية الإسرائيلية، المكونة من أنظمة القبة الحديدية وحبال دايفيد وأرو، أن توقف العديد من الهجمات الصاروخية، لكن حجم ترسانة حزب الله ستغمرها في حالة أي صراع واسع النطاق. ستشل الهجمات الجبهة الداخلية والاقتصاد الإسرائيلي، وإذا تم استهداف مواقع رمزية أو استراتيجية، فقد تتسبب في ضرر كبير للبنية التحتية الوطنية الحيوية.  لدى حزب الله أيضا عددا من صواريخ كروز المضادة للسفن وبطاريات صواريخ جو – أرض.

خططت إيران وحزب الله لتأسيس صناعة صواريخ موجهة بدقة في لبنان وقد تمكنوا من إنتاج عدد كبير من الصواريخ.  يبدو أنهم قاموا بتجميد هذا المشروع بعد سلسلة من التحذيرات الإسرائيلية بالكف عن العمل العسكري أو مواجهته. كلما عانت إيران أكثر من أجل دفع ثمن مثل هذه الأنشطة، زادت القيود التي سيواجهها حزب الله.

بالإضافة إلى ذلك، فإن قائد قوة القدس الإيرانية المعين حديثًا، إسماعيل قاني، الذي حل محل قاسم سليماني بعد قتله بطائرة أمريكية بدون طيار في كانون الثاني/يناير، يعني أن قيادة حزب الله تعمل الآن مع قائد إيراني أقل جاذبية..

في لبنان، أرض حزب الله، واجهت المنظمة اتهامات باستيراد الفيروس عبر رحلات جوية من إيران.  ورأى الجنرال (المتقاعد) يوسي كوبرفاسر، الرئيس السابق لقسم الأبحاث في مديرية المخابرات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، (IPT) أن الرحلات الجوية الدولية خارج إيران ساعدت في نشر المرض في العالم العربي، وقال “حزب الله يتعرض للضغوط بسبب الفيروس وبسبب صلاته بإيران. يواصل الإيرانيون نشاطهم في لبنان.  يعمل حزب الله على مقربة من الإيرانيين في سوريا وفي أماكن أخرى. تنعكس الحلقة كلها بشكل سيء على حزب الله.  لقد أدت إلى اتهامات [في لبنان] ضده”.

على الرغم من أن حزب الله يستخدم بنيته التحتية المدنية والعسكرية الواسعة النطاق لمحاربة انتشار الفيروس التاجي، إلا أن البرنامج له طبيعة طائفية نهائية، حيث يتم بذل الجهود بشكل رئيسي في المناطق الشيعية في لبنان. في الوقت نفسه، فإن المشاكل الاقتصادية الهائلة في لبنان، التي سبقت الفيروس، أصبحت أكثر حدة مع الوباء.  البعض في لبنان، مثل رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة، يلوم حزب الله ومقاومته لرفضهم المساعدة من المؤسسات المالية الدولية. وبحسب تقرير صدر في آذار/مارس في مجلة “ويكلي”، قال السنيورة إن لبنان “مريض ويتطلب دواء أقوى من مجرد المراهم”، وأضاف أن اللبنانيين يدفعون ثمن “هيمنة حزب الله على الدولة والامتناع عن تنفيذ الإصلاحات التي تعهدت بها الدولة”.

بحسب صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، فإن حزب الله يصعد الآن “لوضع حلفائه في قلب النظام المصرفي اللبناني في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعطيل الشبكات المالية للجماعة المسلحة”

كما استشهد التقرير بالنائب اللبناني السابق فارس سعيد، الذي قال: “حزب الله هو صانع القرار السياسي في البلاد، وبينما يقاتل في سوريا والعراق واليمن، فإنه يحاول إقامة نظام اقتصادي سياسي يتناسب مع منظومته الإقليمية. العمل على إسقاط النظام المالي اللبناني وإخراج البلد من المجتمع الدولي لمصلحة اقتصاد المقاومة، أي استيراد السلع من خلال القنوات غير القانونية والعلاقات مع إيران والصين، بالإضافة إلى قطع جميع العلاقات مع واشنطن والشرعية الدولية”.

كان الاقتصاد اللبناني على شفا الانهيار قبل تفشي الوباء وهو الآن في وضع أسوأ. وقال كوبرفاسر: “بسبب قرب حزب الله من إيران، يعاني لبنان”. في نهاية آذار/مارس، أعرب لبنان عن اهتمامه بقرض طارئ من صندوق النقد الدولي.  وبدا أن حزب الله يغيّر لحنه إلى حد ما في ما يتعلق بقبول المساعدة، لكن رئيس المنظمة، (السيد) حسن نصرالله، اشترط أي اتفاق على أي شروط “من شأنها أن تجعل البلد ينفجر”.  مصلحة لبنان تعكس طلب إيران غير المعتاد للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار لمحاربة الفيروس التاجي.

“البنوك لا تحب العلاقات مع العناصر الإرهابية”، يقول كوبرفاسر، و”هذا أحد أسباب عدم مساعدة صندوق النقد لإيران. إن الأنظمة المصرفية في إيران ولبنان ملوثة بالأنشطة الإرهابية. ومن ثم، فإن إرهاب حزب الله، الذي يعترف به بعض النظام الدولي، يجعل من الصعب على لبنان الإلتزام بنظام مصرفي محترم ومقبول من المجتمع الدولي”.

وبحسب صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، فإن حزب الله يصعد الآن “لوضع حلفائه في قلب النظام المصرفي اللبناني في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعطيل الشبكات المالية للجماعة المسلحة”. وقال التقرير إن حزب الله يحاول تثبيت حلفاء داخل السلطات النقدية اللبنانية “لمساعدة الحركة على التحايل على العقوبات الأمريكية المشددة”.

وحذر التقرير، نقلا عن ممولين عرب لم تسمهم، من أن نتائج هذه الجهود في لبنان “يمكن أن تمتد إلى حد جعل حزب الله في المركز العصبي للقطاع المصرفي في لبنان – بمجرد أن يكون الأكثر أهمية في المنطقة – ويمكن أن يعيق أي فرصة للبلد للخروج من أسوأ أزمة مالية في تاريخه الحديث”.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الدور الذي تلعبه القوات المسلحة اللبنانية تجاه حزب الله مصدر خلاف. ويشير بعض المراقبين إلى زيادة التعاون بين الجانبين، مثل الدوريات المشتركة على طول الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية.  يرى آخرون الجيش اللبناني بمثابة توازن محتمل مع حزب الله.  في عام 2018، أفادت IPT  أن حزب الله والجيش اللبناني يتعاونان بشكل متزايد، حيث يرتدي أفراد حزب الله في بعض الأحيان زي الجيش اللبناني خلال الدوريات المشتركة.

منذ عام 2010، استثمرت الولايات المتحدة أكثر من 1.82 مليار دولار في المساعدة الأمنية للجيش اللبناني. لكن عدم رغبة الجيش اللبناني أو عدم قدرته على مواجهة حزب الله بنشاط بأي شكل من الأشكال أثار تساؤلات عميقة حول دوره وأثار الجدل حول المساعدة الأمريكية المستمرة له.

على الرغم من كل الضغوط، لا يبدو أن حزب الله قد تخلى عن أنشطته المسلحة الإقليمية. ولا يزال لديه حوالي 2300 عنصر في سوريا.

وقال كوبرفاسر إن التقارير عن الضربات الإسرائيلية الروتينية ضد أنشطة تهديد في سوريا خلال تفشي الفيروس التاجي يبدو أنها تشير إلى أنه “لم يكن هناك تغيير كبير في نطاق أنشطة حزب الله في المنطقة. يواصل الإيرانيون جهودهم لجلب الأسلحة.  يصل البعض إلى حزب الله، والبعض يذهب إلى سوريا.  يستمر هذا النشاط”. وقال كوبرفاسر إن المنظمة استثمرت موارد في شمال سوريا وتقوم ببناء بنية تحتية مسلحة في مرتفعات الجولان السورية بالقرب من الحدود الإسرائيلية.  كما أنها تحتفظ بطرق تهريب الأسلحة التي تربط سوريا بلبنان.

ظهرت أدلة على هذا النشاط في الأيام الأخيرة، عندما نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو للمراقبة يظهر أن الجيش السوري يتعاون بنشاط مع حزب الله في جنوب سوريا.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه “حتى خلال فترة الإصابة بالفيروس التاجي، يواصل القائد الجديد للفرقة الأولى للجيش السوري، اللواء علي أحمد أسعد، مساعدة جماعة حزب الله الإرهابية والسماح لها [بإنشاء] جبهة في مرتفعات الجولان”.

وأظهرت لقطات الفيديو لقاء أسعد مع قائد حزب الله في منطقة جنوب سوريا الحاج هاشم.

في العام الماضي، وصف الجيش الإسرائيلي الحاج هاشم بأنه الرجل المسؤول عن “ملف الجولان” التابع لحزب الله، وهو برنامج لبناء قاعدة هجومية لضرب المدنيين الإسرائيليين والجنود من سوريا.

تشير التقارير الأخيرة إلى أن حرب الظل بين إسرائيل والمحور الشيعي في سوريا لا تزال نشطة على الرغم من الفيروس. وقال كوبرفاسر “لا يبدو أن أنشطة حزب الله على هذا المستوى قد تآكلت”.