في المجال الأمني، يُشكّل ChatGPT مصدر قلق رئيسي لا يمكن تجاهله. فبفضل قدرته على إنتاج نصوص لا يمكن تمييزها عن كتابة الإنسان، يمكن استخدام النموذج لإنتاج مقالات ورسائل بريدية إلكترونية أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تبدو مشروعة ولكنها تستخدم للتلاعب بالأفراد والرأي العام. على سبيل المثال، يمكن لمن يضمر الشر، استخدام ChatGPT لإنشاء مقالات تتناول أخباراً مزيفة لنشر دعاية ما أو لإثارة الحساسيات التي تضر بالأمن العام للمجتمعات، كما يمكن للنموذج المساعدة في إنتاج الفيديوهات المزيفة (deepfakes) وهي مقاطع فيديو أو أصوات مزيفة تبدو حقيقية ولكنها ملفقة بشكل كامل، حيث يمكن إستخدامها للإضرار بسمعة الأشخاص أو التأثير في الرأي العام.
في المجال السياسي، يمكن استخدام ChatGPT لإنتاج خطب سياسية مقنعة أو حتى صياغة مواقف سياسية بالكامل. وبينما يساعد ذلك في تبسيط العملية السياسية، فإنه يثير أيضاً مخاوف بشأن المصداقية والمساءلة. كيف يمكننا التأكد من أن قادتنا يتحدثون بكلماتهم الخاصة، وأن مواقفهم تعكس قيمهم ومعتقداتهم؟ هذه الخطب قد تستخدم في السياسة أيضاً لتضليل الناخبين عن طريق إنشاء مقالات وأخبار مزيفة لنشر الدعاية، أو حتى لاستخدامها في الأخبار الكاذبة لإسقاط المعارضين أو المؤسسات الرسمية المنتخبة.
الفوائد المحتملة لـ ChatGPT أكبر من أن يتم تجاهلها. لذا، من الأهمية بمكان أن نطوّر المبادئ التوجيهية والضمانات الأخلاقية لضمان استخدام ChatGPT بطريقة مسؤولة وشفافة
في المجال الطبي، تعد تقنية ChatGPT مثيرة للاهتمام، حيث يمكن استخدامها لتوليد تقارير طبية متخصصة وإجراء استشارات طبية افتراضية، وحتى المساعدة في التشخيص. على سبيل المثال، يمكن استخدام ChatGPT في الاستشارات الطبية عن بعد، حيث يمكن للأطباء والمرضى التفاعل مع التقنية وإجراء الاستشارات اللازمة بشأن العلاجات والأدوية والتشخيصات وغيرها. وقد بدأ بالفعل بعض الأطباء في استخدام التقنية في بعض المجالات مثل الطب النفسي، حيث تم توظيف ChatGPT في علاج بعض حالات الصحة النفسية. ولكن هناك أيضا مخاوف أخلاقية كبيرة تحيط باستخدام تقنية ChatGPT في المجال الطبي، مثل حفظ سرية المعلومات الشخصية للمرضى وضمان عدم تحيز التقنية في اتخاذ القرارات الطبية، بالإضافة إلى مشكلة في القدرة على توليد تقارير ونصائح طبية غير دقيقة أو مضللة. وبالتالي، يجب مراعاة هذه المخاوف الأخلاقية وتطوير الإرشادات والقوانين التي تضمن استخدام التقنية بطريقة مسؤولة وآمنة في مجال الرعاية الصحية.
في المجال التعليمي، أثبت ChatGPT بالفعل أنه أداة قيّمة لتعلم اللغات والاستعداد للاختبارات. أمكن للنموذج إنشاء اختبارات وتمارين تساعد الطلاب في تطوير معرفتهم وتتبع تقدمهم في المقررات التعليمية. كما يمكن أيضًا استخدام ChatGPT لإنشاء تجارب تعليمية تفاعلية. على سبيل المثال، يمكنه إنشاء عمليات محاكاة أو تجارب افتراضية لمساعدة الطلاب على تعلم مفاهيم العلوم أو الرياضيات. كما يمكن للنموذج إنشاء تجارب تفاعلية في سرد القصص، والتي يمكن أن تجعل التعلم أكثر جاذبية ومتعة للطلاب. ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن استخدام ChatGPT في التعليم. أحد مصادر القلق هو أنه يمكن استخدامه ليحل مكان المعلمين البشر، مما قد يكون له تأثير سلبي على جودة التعليم. في الوقت الذي يوفر فيه ChatGPT دعماً وتعليقات قيّمة للطلاب، إلا أنه لا يمكن أن يحل محل التوجيه والإرشاد اللذين يمكن للمدرسين توفيرهما. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن احتمال التحيز في خوارزميات النموذج، مما قد يؤدي إلى تقييمات غير عادلة أو غير دقيقة لعمل الطلاب.
في المجال الاقتصادي، تتيح قدرة ChatGPT على إنتاج النصوص الواقعية والمتنوعة، وإنجاز وصف دقيق وجذّاب للمنتجات، مما يجعل المستهلكين يشعرون بالرغبة في شرائها، كما يمكن استخدامه لإنشاء ردود تلقائية وبالتالي تحسين خدمة العملاء. وباستخدام التعلم العميق Deep Learning والبيانات الضخمة، يمكن استخدام ChatGPT لتوليد حملات تسويق مؤثرة تعتمد على معرفة تفاصيل دقيقة عن المستهلك وسلوكياته وتفضيلاته. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن هذا الاستخدام قد يؤدي إلى استبدال العمالة البشرية في مجالات الخدمات والتسويق والتجارة الإلكترونية، مما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الفروق الاقتصادية وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعمال الذين يتم استبدالهم. لذلك يجب وضع تدابير لضمان عدم سوء استخدام هذه التكنولوجيا في القطاعات الاقتصادية، مثل استخدامها لإنتاج معلومات زائفة لتضليل المستهلكين أو التأثير في آرائهم، أو لإخفاء الحقيقة حول المنتجات أو الخدمات المعروضة.
على الرغم من هذه المخاوف، فإن الفوائد المحتملة لـ ChatGPT أكبر من أن يتم تجاهلها. لذا، من الأهمية بمكان أن نطوّر المبادئ التوجيهية والضمانات الأخلاقية لضمان استخدام ChatGPT بطريقة مسؤولة وشفافة.
عزيزي القارئ؛
أغلب ما جاء في هذه المقالة، هو بلسان ChatGP. لقد كان صادقاً في التعبير عن حسناته وسيئاته، لا أعلم بتجرد أو لا، لكنه يبقى عبارة عن مجموعة تعليمات برمجية كتبها إنسان، فلنحافظ على عقولنا عند استخدامه فهي من صنعه وإليها يعود.