من يربح مقعدي جورجيا.. يقرر سياسة أميركا

تعتبر إنتخابات ولاية جورجيا الأميركية في الخامس من كانون الثاني/يناير المقبل، مفصلية لما ستكون عليه السياسة الأميركية في السنتين المقبلتين.

حتى الآن، لم تحسم مسألة الأكثرية في مجلس الشيوخ الأميركي في إنتظار نتائج إنتخابات آخر مقعدين (سيناتورين) عن ولاية جورجيا في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، وسط تقديرات تشي بمعركة ستقرر أمر أول سنتين من ولاية الرئيس المنتخب جو بايدن، فإما أن تكون سهلة ويتمكن خلالها من تمرير معظم مشاريعه، ولا رجوع عنها بعد خروجه من سدة الرئاسة، لأنها قوانين يقرها مجلسا النواب والشيوخ ويوقعها الرئيس، وبالتالي تصبح نافذة، أو أن الكثير من مشاريع القوانين الرئاسية سيعرقلها الجمهوريون برئاسة ميتش ماكونيل زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ، كما فعل من قبل إبان ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما.

إذا ربح الجمهوريون مقعدي جورجيا، ستكون لهم أكثرية من 52 شيخاً من أصل 100 في مجلس الشيوخ وبالتالي سيتربع ميتش ماكونيل مجدداً على عرش المعارضة الجمهورية، ويقف سداً منيعاً أمام الديمقراطيين برغم وصول مرشحهم إلى منصب رئيس الولايات المتحدة.. والعكس صحيح.

لماذا الإنتخابات التكميلية في ولاية جورجيا؟

تمثل هذه الولاية حالة شاذة عن بقية الولايات الأميركية. إذا لم يحصل أي مرشح لمركز الحاكم أو مجلس الشيوخ في جورجيا على خمسين في المئة من الأصوات، في الإنتخابات العامة (التي جرت في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي)، يُصار إلى إجراء إنتخابات تكميلية لضمان حصول الفائز على حد أدنى لا يقل عن خمسين بالمئة من أصوات المقترعين، وهذا ما لم يتوفر في الإنتخابات الأخيرة، حيث فاز السناتور الجمهوري ديفيد بيردو بنسبة 49.7% مقابل 47.9% نالها خصمه الديموقراطي جون أوسوف، الأمر الذي فرض إنتخابات الإعادة. أما المقعد الثاني، فقد شغر بسبب تقاعد (إستقالة) السناتور جوني إيزاكسون من منصبه، في السادس من كانون الثاني/يناير 2020، وهذا ما جعل الولاية تنتخب مرة واحدة عضوين الى مجلس الشيوخ الأميركي في أقل من سنة واحدة.

وتنحصر المنافسة على المقعد الشاغر بتقاعد إيزاكسون بين السناتورة الجمهورية كيلي لوفلر والمرشح الديموقراطي القس الأميركي الأفريقي رافائيل وارنوك، علما أن حاكم ولاية جورجيا الجمهوري براين كامب عيّن لوفلر محل إيزاكسون حتى تاريخ الإنتخابات التكميلية.

حالياً، الجمهوريون لديهم 50 عضواً منتخبين، فإذا ربح الجمهوريان ديفيد بيردو وكيلي لوفلر، تؤول إليهم الأكثرية في مجلس الشيوخ، وبالتالي على الرئيس أن يتعامل مع هذا الواقع الناشىء، أي تقديم تنازلات إلى “صديقه اللدود” ميتش ماكونيل الذي لم يعترف بفوز بايدن رئيسا للولايات المتحدة

إن أهمية الإنتخابات في ولاية جورجيا والأموال التى تصرف فيها يشكلان سابقة في تاريخ الإنتخابات الفرعية أو التكميلية أو حتى في أية إنتخابات لمجلسي النواب أو الشيوخ، فقد صُرف فيها أكثر من 750 مليون دولار حتى قبل شهر من تاريخ حصولها. وللمرة الأولى، زاد عدد الذين طلبوا التصويت عبر البريد عن نصف مليون شخص، وهذا يدل على مدى إهتمام الحزبين الديموقراطي والجمهوري في إنتخابات ستتحول إلى معركة كسر عظم بين الطرفين.

حالياً، الجمهوريون لديهم 50 عضواً منتخبين، فإذا ربح الجمهوريان ديفيد بيردو وكيلي لوفلر، تؤول إليهم الأكثرية في مجلس الشيوخ، وبالتالي على الرئيس أن يتعامل مع هذا الواقع الناشىء، أي تقديم تنازلات إلى “صديقه اللدود” ميتش ماكونيل الذي لم يعترف بفوز بايدن رئيسا للولايات المتحدة حتى بعد مرور أكثر من شهر على إجراء الإنتخابات، وذلك في محاولة منه لإرضاء ترامب من جهة وشد عزم الجمهوريين من أجل ربح الإنتخابات التكميلية في جورجيا من جهة أُخرى.

بالمقابل، يسعى الديموقراطيان رافائيل وارنوك وجون أوسوف لربح الإنتخابات سوياً، وإذا حصل ذلك، وهو أمر صعب لأن جورجيا ولاية جمهورية تاريخياً، سينقسم مجلس الشيوخ مناصفة بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري (خمسين بخمسين)، وهذا ما سيؤدي الى تصويت نائبة الرئيس كامالا هاريس (بصفتها نائب رئيس مجلس الشيوخ) من أجل حسم القرار وبالتالي تكون الغلبة للديمقراطيين في مجلس الشيوخ.

حتى أن الفوز ولو بمقعد واحد في ولاية جورجيا للديمقراطيين يعتبر خسارة للجمهوريين كون جورجيا لم تعط مرشحاً ديموقراطياً أصواتها منذ عشرات السنين، وإذا ربح وارنوك المقعد فسيكون أول أسود ورجل دين من جورجيا يفوز بمقعد في مجلس الشيوخ للولايات المتحدة. أما إذا فاز جون أوسوف فهو أيضا أول يهودي من أهل مهاجرين وديموقراطي يفوز في الولاية، وهذه سابقة أُخرى بحد ذاتها فكيف إذا فاز الإثنان معاً، وهو إحتمال لم تستبعده صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” مؤخراً، علما أن جو بايدن تمكن من الفوز في هذه الدائرة ولو بأصوات بسيطة.

ثمة تكافل ديموقراطي في المعركة، حيث يسعى وارنوك إلى منح أصوات السود إلى أوسوف خاصة وأن جورجيا كما أكثر الجنوب الشرقي للولايات المتحدة تضم حوالي أربعين في المئة من السود. هذه الإستراتيجية ستؤثر سلباً على كيلي لوفلر الأضعف بين الطرفين وهي أقل خبرة ومن أجدد أعضاء مجلس الشيوخ (50 سنة)، وخلال المناظرة بينها وبين وارنوك لم تُجب عند سؤالها عن الرئيس ترامب وموقفه الرافض الإعتراف بهزيمته عدة مرات. وإكتفت بمهاجمة خصمها (وارنوك) ووصفه بالماركسي والراديكالي. أما السناتور الجمهوري ديفيد بيردو فقد رفض حتى المجيء الى المناظرة مع جون أوسوف.

إقرأ على موقع 180  ياسر عودة.. يصدّح بصوت وحناجر المظلومين

إذاً إنتخابات جورجيا محورية في الخامس من كانون الثاني/يناير المقبل ومن يربح في جورجيا يقرر سياسة أميركا للسنتين المقبلتين (الإنتخابات النصفية تجري في خريف العام 2022).

والجدير ذكره أن الحصول على الأكثرية في مجلس الشيوخ ينعكس مباشرة على اللجان، فقد جرت العادة أن الحزب الفائز بالأكثرية يستطيع أن يترأس اللجان الهامة في المجلس. فإذا ظلت الأكثرية بيد الجمهوريين تؤول إليهم لجنة العلاقات الخارجية (بمقدورها الإشراف أكثر على تفاصيل عمل وزارة الخارجية). ويسري ذلك على لجنة القوات المسلحة التي تملك صلاحيات واسعة أيضاً وعلى لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ.

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  عند أعتاب "الريل وحمد".. ومظفر النواب ـ القمة