“تخريجة بكركي” تحرّر الحكومة.. كيف يتصرف بيطار؟

صار من البديهيات اللبنانية أنه كلما تحرك السياسيون باتجاه المقرات الدينية او تحرك الروحيون باتجاه المقرات السياسية، في عملية تكافل وتضامن متبادلة، فهذا يعني ان تركيبة ما بعنوان "انقاذي" قد انجزت وتمت تهيئة المسرح لاخراجها على انها تصحيح لمسار كاد ان يودي بالبلاد الى المجهول!

هذا ما حصل يوم اتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس الحكومة انذاك حسان دياب على اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. يومها تحرك البطريرك الماروني بشارة الراعي باكراً من الديمان الى بعبدا، وتم امداد رئيس مجلس النواب نبيه بري بطوافة عسكرية نقلته من المصيلح الى بيروت على عجل ليحط ايضاً في القصر الجمهوري، واستنفرت كل ادوات الطبقة السياسية والدينية والمصرفية وقيل يومها ان ازاحة سلامة سيجعل سعر صرف الدولار يصل الى 15 ألف ليرة.. وكان وعد التثبيت على سعر 3200 ليرة لبنانية، ولكن بقي سلامة وطار كل شيء من سعر الصرف الى اموال المودعين وبينهما عذابات مواطنين لبنانيين لا تعد ولا تحصى.

تكرر المشهد مجدداً، وعلى الرغم من الملاحظات على اداء المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت طارق بيطار، الا ان الطبقة السياسية التي صدر حكم الادانة بحقها من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو رئيس دولة عظمى لا يرمي الكلام على عواهنه، والذي اختصر القضية بثنائية “الفساد والاهمال” في مرفأ بيروت، هذه الطبقة السياسية التي استنفذت كل محاولات الارتياب المشروع، والدفع باتجاه تلبيس التهمة كيفما اتفق لموظفين، وجدت ضالتها في الفتنة الموصوفة المتمثلة بحادثة الطيونة بضحاياها السبعة وجرحاها الذين فاقوا العشرين، ليبدأ “البازار”، وكأن دماء ضحايا 4 آب/أغسطس لا تكفي لانجاز التحقيق العادل والشفاف، فجاءت دماء ضحايا 14 تشرين الاول/أكتوبر لتنزنّر التحقيق والحقيقة الى حد الاستحالة.

مجدداً تم اعداد المسرح بالتكافل والتضامن بين الطبقتين السياسية والدينية، واشتعلت حرب البيانات التي سبقها تعطيل مجلس الوزراء بحيث تم ادخال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في حالة تصريف اعمال مبكرة، فكانت المبادرة التي قادها البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي جال على الرئاسات الثلاث، مستهلا الجولة من عين التينة حيث “كلمة سر تخريجة الحل”، لينتقل الى السراي الكبير مستحصلا على مباركة نجيب ميقاتي الذي سبق ان زار بكركي مشجعاً على دور بطريركي ما لحل الازمة، وصولا الى بعبدا حيث قدم الراعي توليفة الحل وفق صيغة دستورية لم يكن ميشال عون قادراً على رفضها!

فما هي توليفة الحل المركبة التي صيغت خلف الجدران قبل ان يدور بها الراعي لزوم الحماسة والاثارة ليصار الى تنفيذها؟

تقوم التوليفة على ثلاث ركائز:

1-منطلقها سيكون مجلس النواب، من خلال تفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ليأخذ دوره في محاكمة من طلبهم المحقق العدلي وادعى عليهم من رؤساء ووزراء في جريمة تفجير مرفأ بيروت، ويصبح ملف هؤلاء كاملا بعهدة مجلس النواب.

2-لا علاقة للمحقق العدلي في ما يقوم به المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، والمؤسسات الدستورية، ويستمر بتحقيقاته بكل الامور الاخرى وصولا الى اصدار القرار الظني.

3-عدم اقحام الجيش والمؤسسات الامنية في الصراع السياسي المحتدم والمتصاعد، لا سيما بعد حادثة عين الرمانة – الطيونة، بمعنى ان اي اجراء قضائي يجب ان يبقى في حدود المتورطين المباشرين في ساحة المواجهة من دون ان يطال القيادات التي يتبع لها هؤلاء، مع ترك المؤسسة العسكرية بالتعاون مع الاجهزة الامنية الاخرى تقوم بما تراه مناسبا لمنع تكرار ما حصل مهما كلف الامر.

هل ضَمَنَ البطريرك الماروني موقف المحقق العدلي قبل أن يطلق مبادرته وكيف سيتصرف غداً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وكيف سيكون المشهد على الطرقات من بيروت إلى معراب ومن معراب إلى اليرزة؟

إن غداً لناظره قريب. نحن أمام مقايضة بالجرم المشهود بين جريمتين (المرفأ والطيونة)، من دون اي اعتبار لمشاعر المكلومين من اهالي الضحايا والجرحى والمعوقين والمشردين بلا مسكن ولا مأوى ولا معيل.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  باريس للسياسيين اللبنانيين: الشعب سيثور ولن ينجدكم أحد
داود رمال

صحافي لبناني

Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  بولتون اللبناني: إسرائيلي أكثر منه أميركي