نظرة إسرائيلية للأزمة اللبنانية.. “تقويض مكانة حزب الله”!

Avatar18010/02/2022
نشر معهد السياسات والإستراتيجيا في "مركز هرتسليا المتعدد المجالات" دراسة أعدها الباحث الإسرائيلي (موشيه ألبو) تتناول الأزمة السياسية اللبنانية بأبعادها المتعددة.. وهذا نصها الحرفي:

“تبادُل الضربات الكلامية بين حزب الله والسعودية، والتي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة، هو تعبير عن المنافسة الإقليمية بين إيران ووكلائها وبين المعسكر المؤيد لأميركا في الشرق الأوسط بقيادة السعودية، كما يعبّر بشكل ملموس عن احتدام المنافسة على لبنان. فالأزمة الاقتصادية والسياسية التي يعانيها لبنان تُعتبر فرصة لإنشاء نفوذ، في نظر دول الخليج ومصر والأردن، من خلال مساعدة اقتصادية وفي مجال الطاقة، لتقليص النفوذ الإيراني وإضعاف حزب الله في المنظومة الإقليمية والداخلية اللبنانية. هذه الخطوة تتوافق مع المصلحة الإسرائيلية، على الرغم من ضآلة التوقعات حيالها، في مواجهة مركزية حزب الله في الساحة الداخلية اللبنانية والنفوذ الإيراني في هذا البلد.

مع ذلك، فإن الأزمة المتفاقمة والضغط الخليجي لن يؤديا، على ما يبدو، إلى إضعاف النفوذ الإيراني وإلحاق الأذى بمكانة حزب الله في لبنان. إذ لا تقتصر سيطرة حزب الله على المستوى العسكري، فالحزب منخرط بعمق في داخل المجتمع والاقتصاد اللبناني، وهو لاعب أساسي في السياسة الوطنية. إيران من جهتها، ستبذل كل ما في وسعها للمحافظة على نفوذها في الدولة اللبنانية، وستعمل على تعزيز مكانة حزب الله الذي تعتبره رصيداً استراتيجياً لإظهار قوتها في المنطقة، وفي مواجهة إسرائيل.

البعد الجيو – سياسي للأزمة اللبنانية

يعاني لبنان جرّاء أزمة اقتصادية ذات أبعاد تاريخية منذ آب/أغسطس 2019، دفعت نحو 70% من السكان إلى حد الفقر، وأدت إلى انهيار قيمة الليرة اللبنانية بنحو 90%. الحكومة على حافة الإفلاس، ولم تنجح في الدفع قدماً بالإصلاحات المطلوبة من أجل إنعاش الاقتصاد اللبناني. في أيلول/سبتمبر 2021 شُكلت حكومة جديدة في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي تحت عنوان إعادة البناء والوحدة.

الخصومة الإقليمية بين السعودية والإمارات وبين إيران ووكلائها انزلقت في الأشهر الأخيرة إلى لبنان، وألقت بظلالها على مواجهة هذه الدولة للأزمة الاقتصادية والسياسية. اندلعت الأزمة في العلاقات بين لبنان ودول الخليج، علناً، بعد الانتقادات التي وجّهها وزير الإعلام اللبناني (جورج قرداحي) ضد الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، وهو ما أدى إلى طرد السفير اللبناني من الرياض واستدعاء السلك الدبلوماسي الإماراتي والبحريني والكويتي من بيروت، بالإضافة إلى وقف الاستيراد من لبنان (30 تشرين الأول/أكتوبر). عملت الحكومة اللبنانية على تخفيف التوترات واستئناف المساعدة الخليجية الحيوية للاقتصاد اللبناني، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة.

وعندما تبين أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه، ألقى الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصر الله خطاباً بمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال قاسم سليماني، ركّز فيه على الولايات المتحدة وحليفتها السعودية، واعتبر أنهما العاملان الأساسيان في زعزعة الاستقرار الإقليمي.

من المحتمل أن يُنقل الغاز الإسرائيلي للبنان لكن ليس هذا هو السؤال. إسرائيل ليست مسؤولة عن الغاز الذي تصدّره إلى مصر والأردن. مع ذلك، لإسرائيل مصلحة استراتيجية في توسيع نطاق التعاون في مجال الطاقة مع مصر والأردن، وترسيخ الأرصدة الإسرائيلية في الأمن القومي للدول العربية، واستخدام ذلك لتحقيق أهدافها الأمنية

في الأسبوع الماضي، أرسلت دول الخليج 12 شرطاً لتقديم المساعدة إلى لبنان، بواسطة وزير الخارجية الكويتي الذي زار لبنان. وبحسب صحيفة لبنانية، المبادرة الخليجية جرى تنسيقها مع الولايات المتحدة وأوروبا والدول السّنية، والشرط الأساسي في هذه المبادرة تطبيق قرارات مجلس الأمن (القراران 1559 و1701)، مع التشديد على نزع سلاح الميليشيات المسلحة، ووقف تدخُّل حزب الله في القضايا العربية في الخليج (الحرب في اليمن). وتشكل هذه الخطوة رداً يحظى بتأييد إقليمي ودولي على تهديدات نصر الله للسعودية والإمارات في اليمن. وهدف الخطوة إضعاف مكانة حزب الله في لبنان، ووقف تدخُّل الحزب في الحرب الأهلية في اليمن، وزيادة الضغط على الحكومة اللبنانية والقوى السياسية الأُخرى، في ضوء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

الأزمة فرصة إقليمية طاقوية

أدت الأزمة الاقتصادية الحادة إلى توقف العمل في محطتي توليد الطاقة الأساسيتين في لبنان (دير عمار والزهراني) بسبب النقص الحاد في تزوّد شركة الكهرباء الوطنية بالوقود. يحصل المواطنون على ثلاث ساعات من الكهرباء في اليوم، ويضطرون إلى دفع مبالغ كبيرة لأصحاب المولدات الخاصة للتزود بالكهرباء، بعد خفض الدعم على المشتقات النفطية والارتفاع الكبير في الأسعار. بالإضافة إلى تصاعُد التضخم (137% سنوياً) واقتراب معدل البطالة من 40%..

ضمن هذا السياق، وقّع لبنان والأردن وسوريا اتفاقاً لنقل الغاز من الأردن إلى لبنان، عبر سوريا، تبلغ طاقته 250 ميغاوات. وسيموّل البنك الدولي المشروع الذي تبلغ تكلفته 200 مليون دولار.

بالإضافة إلى ذلك، حققت الاتصالات بين لبنان ومصر تقدماً بشأن استخدام خط الغاز العربي في الأشهر المقبلة لتزويد لبنان بالغاز، عبر الأردن وسوريا. أقيم هذا الخط من أجل تصدير الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن وسوريا ولبنان، مع وصلتين في إسرائيل، واحدة بحرية وأُخرى برية. يبلغ طول الخط 1200 كيلومتر، وبلغت تكلفته 12 مليار دولار.

إقرأ على موقع 180  بن سلمان (إيكاروس) يُدرك الحقائق الصعبة أميركياً.. ولكن!

وكان البيت الأبيض وافق على استثناء نقل الغاز إلى لبنان، عبر سوريا، من العقوبات المفروضة على النظام السوري. هدف الولايات المتحدة منع انهيار الدولة اللبنانية، وخلق رافعة اقتصادية – إقليمية للمعسكر السّني الموالي لأميركا بالتعاون مع إسرائيل، وتقليص النفوذ الإيراني المتزايد في الدولة.

الزاوية الإسرائيلية

يوجد بين إسرائيل ومصر تعاون كبير في مجال الطاقة، وهو يتجلى في المشاركة في عضوية منتدى الغاز في شرقي البحر المتوسط. في كانون الثاني/يناير 2020 أصبحت إسرائيل المزود المركزي بالغاز الطبيعي لمصر، بعد أن بدأت باستخراج الغاز من حقليْ “لفيتان” و”تمار”. في المقابل، وقّعت إسرائيل اتفافية لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي، الأمر الذي يربطها، فعلياً ومباشرة، بخط الغاز العربي (أنظر الخريطة المرفقة التي نشرها المركز الإسرائيلي).

هل سيُنقل الغاز الإسرائيلي إلى لبنان، عبر الخط العربي؟

من المحتمل أن يجري ذلك. لكن ليس هذا هو السؤال. إسرائيل ليست مسؤولة عن الغاز الذي تصدّره إلى مصر والأردن. مع ذلك، لإسرائيل مصلحة استراتيجية في توسيع نطاق التعاون في مجال الطاقة مع مصر والأردن، وترسيخ الأرصدة الإسرائيلية في الأمن القومي للدول العربية، واستخدام ذلك لتحقيق أهدافها الأمنية. إلى جانب ذلك، لإسرائيل مصلحة واضحة في أن توسع مصر والأردن ودول الخليج نفوذها في لبنان، وتقليص النفوذ الإيراني المتزايد في الدولة والشرعية التي يحظى بها حزب الله إلى أقصى حد ممكن، على الرغم من أن فرص تحقيق ذلك ضئيلة.

نجاح الخطوة السعودية ضئيل. فالنفوذ الإيراني الموجود منذ أعوام طويلة في لبنان، والقوة العسكرية والسياسية والاجتماعية لحزب الله، سيكبحان على ما يبدو الخطوة الخليجية. بالإضافة إلى ذلك، سيناريو توقيع اتفاق نووي من جديد، يشمل تدفّق موارد كثيرة إلى الاقتصاد الإيراني، سيمكّن طهران من زيادة توظيفها لتحصين مكانة حزب الله في لبنان كقوة رائدة، عسكرياً وسياسياً.

إلى جانب ذلك، الطابع الطائفي الشيعي الواضح لحزب الله في النسيج الطائفي المعقد في لبنان، وصِلته الواضحة بالراعي الإيراني، وحقيقة أن خطوات الحزب لا تنبع بالضرورة من المصلحة الوطنية السياسية، كلها أمور تزيد في الانتقادات والضغط الذي يمارَس على الحزب ويضر بشرعيته في الساحة الداخلية، وفي المنطقة. وقد يكون لهذا تأثير طويل الأمد في تقويض مكانة الحزب، يجب علينا تعزيزه وتمكينه بهدف إضعاف قوة حزب الله في الساحة اللبنانية”.

(*) المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  روبرت مالي: نوشك على الإتفاق مع إيران "منذ فترة طويلة"!