انضمام سوريا إلى محاربة “داعش”
يرى تسفي برئيل، محلل شؤون الشرق الأوسط في “معاريف”، “أن المظلة الداعمة التي أحسنَ الشرع بناءها خلال أقل من عام، ستجد صعوبة في إزالة العقبات الثقيلة التي تعيق وفاءه بالتزاماته إزاء ترامب، وإزاء الشعب السوري والدول الداعمة له، ويتطلب انضمام سوريا إلى التحالف ضد “داعش” من الشرع نشر قوات سورية مدربة ومجهزة، بينما لا يزال “الجيش السوري الجديد” في طور التأسيس؛ فتركيا بدأت بتدريب الجيش؛ بينما تموّل السعودية وقطر عملية التنظيم العسكري؛ الولايات المتحدة ستُشرك سوريا في المعلومات الاستخباراتية والأسلحة”. ويضيف الكاتب، أن ما تقدم “يتطلب اتفاقاً مع القوات الكردية – الحليفة لواشنطن – التي تخشى من تسليم الملف للنظام السوري، وهو ما يعني التخلي عنها لاحقاً”.
وترى الباحثتان، كرميت فالنسي وأمل حايك، في مقالة مشتركة لهما في “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي”، أن خطوة انخراط سوريا في محاربة “داعش” ليست بديهية، “نظراً إلى أن الشرع كان منذ أقل من عام مضى على رأس التنظيم الجهادي المتطرف “هيئة تحرير الشام”، وسارع وزير العدل ورجل الدين السوري مظهر العويس إلى “تسويغ” انضمام سوريا إلى التحالف، موضحاً أن الأمر يقتصر على التعاون الاستخباراتي والأمني، وليس تحالفاً عسكرياً، وأن الخطوة ستعزز السيادة السورية أكثر مما ستزيد في تبعيتها لقوى خارجية”.
وتضيف الباحثتان، “الخطاب السوري الداخلي لا يخلو من الانتقادات بشأن الفجوة بين إنجازات الشرع على الساحة الدولية والواقع المعقد في الداخل: من الانقسامات الداخلية وأحداث العنف ضد الأقليات، إلى صعوبة دمج القوات الكردية في أجهزة الجيش، والحاجة إلى إصلاحات سياسية جوهرية، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية الخانقة. إن الدعم الأميركي يشكل بداية واعدة لمواجهة بعض هذه التحديات، غير أن عبء الإثبات والعمل الصعب ما زال ملقىً على عاتق الشرع نفسه”.
الشرع.. استراتيجي بارع
من جهته، يشكك عميت يغور، ضابط سابق، في مقالته في “معاريف”، بمدى التزام الرئيس السوري في محاربة “داعش”، ويقول: “أحمد الشرع (المعروف أيضاً بالجولاني)، القيادي السابق في القاعدة في العراق والسجين السابق لدى الأميركيين، تبين أنه استراتيجي بارع، لكن أهدافه غير واضحة، ولا يعلم أحد ما إذا تخلى حقاً عن نهج الإرهاب. حتى بعد انضمامه إلى التحالف ضد “داعش”، لم يوضح نيته، إذ لا يزال رجاله “يذبحون” الأقليات في سوريا تحت رايات جهادية متطرفة”.
وتناول الضابط نفسه في مقالته الاتفاق الأمني المزمع إبرامه بين سوريا وإسرائيل، لا سيما بعدما تسربت معلومات من واشنطن، تفيد؛ بأن الرئيس الشرع التقى جهات امنية إسرائيلية في البيت الأبيض، ويقول “أن توقيع اتفاق أمني بحت [مع سوريا] يعني فرض قيود رسمية على إسرائيل (بدعم أميركي)”، ويضيف الضابط، “في الوضع الراهن، تتمتع إسرائيل بحُرية عمل عسكرية كاملة في سوريا، بينما يضطر نظام الشرع إلى “المشي على البيض”، سعياً وراء الشرعية الدولية؛ أمّا الاتفاق الأمني وحده، فسيقيّد إسرائيل من دون أن يمنحها شيئاً في المقابل”.
كل هذا، قبل الحديث عن شكل ومضمون الاتفاق، في الوقت الذي أعلن فيه الشرع في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست”، معارضته القاطعة لإنشاء منطقة منزوعة السلاح بين دمشق والحدود الجنوبية والغربية لسورية، حسبما تطلب إسرائيل، مؤكداً أنه من أجل التوصل إلى اتفاق، “يجب على إسرائيل الانسحاب إلى خطوط الثامن من كانون الأول/ديسمبر (2024)”.
لا استثمارات في ظل “قيصر”
ويعلّق تسفي برئيل على كلام الرئيس السوري، في مقال آخر له في “هآرتس”، قائلاً إن معارضة الشرع لإقامة منطقة منزوعة السلاح تستند إلى ركيزتين: الأولى، عملية، فهو يرى أن مثل هذه المنطقة سيتيح لجماعات معادية لإسرائيل العمل ضدها، ولا يتضح مَن سيقف ضدها؛ الركيزة الثانية وطنية، إذ شدد الشرع على أن “هذه الأرض سورية في نهاية المطاف، ويجب أن يبقى لسوريا الحق في إدارة أراضيها بحُرية”.
وفي موضوع تعليق عقوبات “قانون قيصر”، يقول تسفي برئيل أنه من الصحيح أن زيارة الشرع “صُوّرت أنها إنجاز سياسي لكلٍّ من الرئيس السوري وترامب، لكنها، عملياً، تركت أسئلة كثيرة مفتوحة، وهو ما يثير الشكوك في طبيعة هذا “الإنجاز”، إذ يمكن للشرع أن يكون راضياً عن قرار الولايات المتحدة بشأن تمديد الإعفاء من العقوبات المفروضة على سوريا، بموجب “قانون قيصر”، لكن من المشكوك فيه أن يفتح هذا التمديد الباب أمام تدفّق الاستثمارات والمساعدات التي يحتاج إليها بلده، فالمستثمرون والمانحون لن يسارعوا إلى فتح خزائنهم، في ظل غموض مصير أموالهم خلال الأشهر المقبلة، وخصوصاً في ظل اعتراضات بعض أعضاء الكونغرس، بمن فيهم جمهوريون بارزون يصغون جيداً للموقف الإسرائيلي. لكن في الواقع، لا يختلف هذا الإعفاء عن الإعفاء الذي مُنح للشرع في شهر أيار/مايو”.
