أي دور للمكلف تشكيل الحكومة ومن يصرّف الأعمال؟

متى يصبح رئيس الحكومة المكلف رئيساً لمجلس الوزراء ومتى ينتهي تصريف الأعمال من قبل الحكومة المستقيلة؟

إستقرّ العرف الدستوري في لبنان، على أنه فور انتهار الاستشارات النيابية الملزمة والتشاور مع رئيس مجلس النواب، يبادر رئيس الجمهورية إلى تسمية رئيس الحكومة المكلف، وهذه التسمية تأخذ صيغة بيان مكتوب أو شفهي.

وتكون لرئيس الحكومة المكلّف مهمة وحيدة هي تشكيل الحكومة، بحيث لا يصدر مرسوم تسميته رئيساً للحكومة إلا في حال نجاحه في مهمته. فإذا اعتذر عن التكليف، فوراً أو بعد حين، يصار إلى إجراء استشارات نيابية ملزمة جديدة، وأما إذا نجح في المهمة، تصدر في هذه الحالة، ثلاثة مراسيم متتالية وفي التوقيت ذاته: المرسوم الأول بقبول استقالة الحكومة(حكومة سعد الحريري في حالتنا الراهنة)، والمرسوم الثاني بتسمية رئيس الحكومة (حسان دياب في حالتنا الراهنة)، والمرسوم الثالث بتأليف الحكومة.

والجدير ذكره أن المرسومين الأول والثاني يصدران حاملين توقيع رئيس الجمهورية منفرداً بينما يصدر المرسوم الثالث حاملاً توقيع رئيس الجمهورية وتوقيع رئيس مجلس الوزراء (الجديد)، مع الإشارة إلى أن المادة 64 من الدستور اللبناني تتحدث عن صلاحيات رئيس مجلس الوزراء بتشكيل الحكومة، بحيث يوحي هذا النص وكأن انتهاء الاستشارات تجعل منه رئيساً لمجلس الوزراء. وتنص هذه المادة حرفياً على ما يأتي: رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة…  وهو يمارس الصلاحيات الآتية:

“يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.”

وبحسب هذا النص الدستوري، فإن من يجري الاستشارات غير الملزمة مع النواب، هو من نال دستورياً صفة رئيس مجلس الوزراء، إلا أنه في التطبيق لا يصار إلى إصدار مرسوم بتعيينه فور انتهاء الاستشارات، ذلك أن المادة 53 من الدستور قد أوجدت تمييزاً بين الرئيس المكلف ورئيس مجلس الوزراء، حيث نصّت الفقرة الثانية من هذه المادة على أن يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف… أما الفقرة الثالثة، فقد تضمنت الآتي:

“يصدر (رئيس الجمهورية) مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء منفرداً”

هذا يعني أن المشترع ميّز بين الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة وبين رئيس مجلس الوزراء.

وبحسب هذا التمايز بين المفهومين، كانت الحكومة تمرّ دستورياً بمرحلتين متتابعتين؛ الأولى، تبدأ من عند صدور بيان التكليف وإلى حين صدور مراسيم التعيين، وفي هذه المرحلة، تكون الحكومة السابقة التي لم يصدر مرسوم قبول استقالتها بعد، هي المنوط بها تصريف الأعمال وفق الفقرة الأخيرة من البند الثاني من المادة 64 من الدستور التي تنّص على أن لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.

فالحكومة المعتبرة مستقيلة تبقى تمارس صلاحياتها بتصريف الأعمال حتى صدور مرسوم قبول استقالتها، وبموجبه تنقطع صلتها الوظيفية والدستورية بالإدارة العامة، ويصبح محظوراً عليها القيام بأي تصرّف، إذ وفق الفقرة الخامسة من المادة  53 من الدستور فإن رئيس الجمهورية يصدر منفرداً المراسيم بقبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة. وبصدور هذا المرسوم تفقد الحكومة كيانها الدستوري.

وفي ذات التوقيت تصدر مراسيم تعيين الحكومة الجديدة، حيث تنصّ الفقرة الرابعة من المادة 53 على أن يصدر رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، وبصدور هذا المرسوم يصبح لهذه الحكومة كياناً قانونياً، وهنا تبدأ المرحلة الثانية، حيث يتيح هذا الكيان للحكومة أن تمارس الصلاحيات (الناقصة) أي تصريف الأعمال إلى حين نيلها الثقة أو حتى تشكيل حكومة جديدة وفق ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 64 من الدستور المذكورة سابقاً. وتستمر الحكومة بتصريف الأعمال حتى تنال ثقة المجلس النيابي، فإذا لم تنل ثقة المجلس، استمرت حكومة ناقصة الصلاحية (أي حكومة تصريف أعمال إلى حين تعيين حكومة جديدة)، وأما إذا نالت ثقة المجلس، فتباشر اعتباراً من نيلها هذه الثقة على أساس البيان الوزراي، ممارسة كامل صلاحياتها الدستورية.

(*) أستاذ مادة القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  نهاية عهد أم نهاية بلد؟
عصام نعمة إسماعيل

أستاذ مادة القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية

Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  "صفقة القرن" بعيون الصحافة العبرية.. هواجس أردنية وفلسطينية