
يُحبّ اللبنانيون أن يقدّموا أنفسهم كأبناء حضارة عريقة، وأن يكرّروا مقولات تجعل لبنان دائماً في مصاف حضاري عالٍ كأنه تعويذة سحرية يُراد لها أن تحفظ للمؤمنين بها مكانًا مرموقًا في التاريخ.
يُحبّ اللبنانيون أن يقدّموا أنفسهم كأبناء حضارة عريقة، وأن يكرّروا مقولات تجعل لبنان دائماً في مصاف حضاري عالٍ كأنه تعويذة سحرية يُراد لها أن تحفظ للمؤمنين بها مكانًا مرموقًا في التاريخ.
عقود مضت على توقيع اتفاق الطائف، الاتفاق الذي وُصف حينها بأنه نقطة الانطلاق نحو لبنان جديد؛ دولة مدنية حديثة تُعيد تنظيم السلطة بعد حرب أهلية استمرت خمسة عشر عامًا. آنذاك بدا الطائف كحل وسط بين القوى اللبنانية، بُني على توازنات إقليمية ودولية، وسعى لإعادة ترتيب الدولة على أسس دستورية جديدة، مع منح الطوائف اللبنانية حصصًا محددة في السلطة لضمان الاستقرار الدستوري.
مأزِقُ السلطةِ في لبنانَ بِنيويٌ عميقٌ. عمرُ المأزِقِ مئةٌ وخمسُ سنواتٍ، منذ إعلانِ ما سُمِّيَ "دولةَ لبنانَ الكبير" في العام 1920. سلطة ٌ بلا دولة فعلية. ودولةٌ بلا هويّة. والمعادلةُ واضحةٌ في هذه الحالةِ: سلطةٌ بلا هُويةٍ. تُعاني من انفصام ٍبين خطابِها اللفظويّ وقدرتِها الفعليّة، ويصبحُ كلُّ كلامٍ عن السيادةِ فقَّاعاتٍ للاستخدامِ العابر.
تعرّض وما يزال رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى حملة شيطنة وتخوين غير مسبوقة، وذلك منذ اتخاذ الحكومة قرارها في ٥ آب/أغسطس عند مناقشة الورقة الأميركية المعدّلة بإسقاط شرعية المقاومة للمرة الأولى في تاريخ لبنان منذ توقيع اتفاق الطائف في العام ١٩٨٩.
ينسج خطاب الرئيس نبيه بري في الذكرى الـ47 تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه حبكته من ثلاثة خيوط متداخلة: ذاكرة الجريمة المُؤسِسّة (1978)، سياسة اللحظة اللبنانية تحت ضغط الحرب والفراغ، ونقدٌ تاريخيّ لِـ"رهان البعض على الإسرائيلي" كآليةٍ انقلابية متكرّرة لإنتاج موازين قوى داخلية جديدة. وهنا لا ينطبق هذا النقد إلا على القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع.
تصاعد الجدال حول تصويت المغتربين اللبنانيين بين من يُصر على ابقائه على حاله كما في الدورتين الماضيتين (2018 و2022)، أي تصويت المغترب في الدائرة المسجل فيها مثل أي مواطن مقيم، وبين من يصر على تطبيق قانون الانتخابات المقرّ في العام 2017 والذي خصّص 6 مقاعد للمغتربين.
تُسلّط هذه الدراسة الضوء على عنوان استقلالية القضاء. ثمة تحولات في أنظمة الحكم والتوازنات، دولياً وإقليمياً ومحلياً. في الجزء الأول تم التركيز على عدد من المفاهيم والأبعاد وفي الجزء الثاني تناولنا التحولات بكل أبعادها وتأثيراتها. في هذا الجزء، وهو الثالث، ثمة عودة إلى الأصول التي بني القضاء على أساسها، دستوراً وقانوناً ومفاهيم اقتصادية واجتماعية.
"تنذكر ما تنعاد"، "حروب الآخرين على أرضنا"، "كلنا أخوة"، "إسلام ومسيحية عايشين مع بعضنا من زمان لولا تدخل الغريب".. هذه عينة من عبارات وشعارات يستخدمها بعض أهل السياسة في لبنان للتبرؤ من لبنانية الحرب الأهلية التي انفجرت على نطاق واسع في الثالث عشر من أبريل/نيسان عام 1975 وخمدت نيرانها في مطلع العام 1991 لتكمن من بعدها تحت الرماد.
مع ولادة كل عهد رئاسي جديد وانطلاقة كل حكومة جديدة في لبنان، تدمغ النبرة الإصلاحية الخطاب السياسي لأهل السلطة الجديدة، ليلتقي مع مناداة الخارج ـ طبعاً المنخرط في الشأن اللبناني - بخطوات إصلاحية تُشكّل، بالنسبة إليه، ممراً إلزامياً لمساعدة لبنان!
قبلَ قرْنٍ ونيِّفٍ كان لبنان. إنشاؤُهُ تمَّ بتسويةٍ فرنسيةٍ-بريطانية ضمن سايكس – بيكو. وُلِدَ الكيانُ أشْوهَ. وَنَمَا مشوَّهاً.. وعندما أعلنهُ الجنرال الفرنسي غورو من بيروت أثارَ الانقسامَ فوراً.