وبحسب ما علم موقع “180” من مصادر دبلوماسية في موسكو وبيروت، فإن السفير ألكسندر زاسيبكين يستعد بحلول تشرين الأول/اكتوبر المقبل لتسليم مهماته إلى خلفه، الذي لم يعلن عن تعيينه بشكل رسمي بعد، وإن كانت الوجهة شبه النهائية تميل إلى الدبلوماسي ألكسندر روداكوف، الذي شغل قبل سنوات منصب رئيس البعثة الدبلوماسية الروسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية.
وبرغم عدم صدور إعلان رسمي من موسكو، حتى اللحظة، حول تعيين السفير الجديد في بيروت، إلا أن المصادر أكدت أن روداكوف هو المرشح الأوفر حظاً لتولي المنصب.
وعلى غرار السفير الكسندر زاسيبكين، الذي شغل منصب سفير روسيا في الجمهورية العربية السورية قبل تعيينه في لبنان، يتمتع روداكوف (مواليد العام 1962) بخبرة واسعة في قضايا الشرق الأوسط، ولا سيما في الجزء المشرقي من العالم العربي.
وعلاوة على توليه منصبه الدبلوماسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث كان دائم التنقل بين رام الله (مقر البعثة) وغزة (التي افتتح فيها أول قنصلية لبلاده)، تولى روداكوف مناصب عدة في المنطقة العربية، من بينها منصب مستشار للسفارة الروسية في دمشق، وقد تداولت بعض وسائل الاعلام الروسية اسمه خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز/يوليو العام 2006، لا سيما في الجانب المتصل بعمليات إجلاء الرعايا الروس من لبنان عبر سوريا.
وبحكم توليه مهامه الدبلوماسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واكب روداكوف الحراك المتجدد للكنيسة الارثوذكسية الروسية في المشرق العربي، والذي أثمر اعادة احياء دور للجمعية الامبراطورية الارثوذكسية الفلسطينية، علاوة على توليه جزءاً من ترتيبات زيارة البطريرك كيريل الى الأراضي المقدسة في العام 2012، وكذلك زيارة الرئيس فلاديمير بوتين في العام نفسه.
حالياً، يشغل روداكوف منصب نائب مدير ادارة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الروسية.
يذكر في هذا الإطار أن اختيار مسؤول في هذه الإدارة الدبلوماسية لتولي منصب سفير، يعكس في الغالب اهتماماً بالغاً من جانب الدبلوماسية الروسية بمدى دقة الأوضاع في البلد الذي يجري فيه التعيين، وهو ما حصل مع السفير زاسيبكين الذي شغل منصب مساعد مدير إدارة الشرق الاوسط في العام بين العامين 2006 و2010، قبل أن يتم تعيينه سفيراً في لبنان.
ويمكن في هذا الإطار استحضار تجربة السفير السوفياتي السابق فاسيلي كولوتوشا الذي خدم في إدارة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منصب مساعدة المدير، قبل تعيينه في لبنان خلال أكثر الفترات خطورة في الحرب الأهلية، وتحديداً في أواسط الثمانينيات حين شهدت الدبلوماسية السوفياتية أكثر التحديات خطورة في اعقاب خطف اربعة من كوادرها ومقتل أحدهم على يد الخاطفين.
ينطبق ذلك أيضاً على الدبلوماسي المخضرم الراحل فيكتور بوسوفاليوك الذي تولى منصب نائب مدير إدارة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية السوفياتية قبل تعيينه سفيراً للاتحاد السوفياتي (وبعد ذلك روسيا الاتحادية) في العراق عام 1990، حيث اشتهر بدوره النشط في محاولة درء الحرب الأميركية على العراق، وكان صلة الوصل خلال فترة الحرب بين القيادة العراقية والدبلوماسيين الروس والغربيين بوصفه السفير الأجنبي الوحيد الذي بقي في بغداد.
وكان حديث تردد قبل عامين عن امكانية تعيين سفير جديد لروسيا في لبنان، بعد بلوغ زاسيبكين (مواليد العام 1951) سن التقاعد، ولكنّ دقة الأوضاع في المنطقة، جعلت وزارة الخارجية تمضي في خيار تمديد مهامه بشكل استثنائي.
وخلال الصيف الماضي، ترددت معلومات عن اختيار سفير جديد لم يكشف عن اسمه.
ويأتي التعيين المرتقب في وقت تواكب فيه روسيا عن كثب التطورات الخطيرة الجارية على الساحة اللبنانية، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية الحالية، التي كان السفير زاسيبكين قد استشرف ملامحها قبل فترة وجيزة من ثورة 17 تشرين الأول/اكتوبر.
ولا شك في أن التطورات الاخيرة، بالإضافة إلى مقاربة تداعيات “قانون قيصر”، ستحتل الصدارة على جدول أعمال السفير الروسي الجديد، في ظل الدور المحوري الذي تؤديه روسيا في الشرق الأوسط منذ التدخل العسكري في سوريا، وفي ظل متغيرات بالغة التعقيد بدأت تفرض نفسها على المشهد العام في المنطقة.