تكون هنا.. أو لا تكون أبداً!

 الوقت. تحتاج إلى الوقت لكي تستعيد وعيك وتعود إلى متابعة حياتك واستذكار مواعيدك واسماء اصحابها ومناصبهم. لقد سقطت الارقام والساعات والهويات، لم يبق في الذاكرة شيء من الماضي. من اين سيأتيك المستقبل، اذن؟

محمد بن زايد في تل أبيب، وبنيامين نتنياهو في دبي، ومنها سيتنقّل بين عمان والقاهرة والرباط وصولاً إلى الأندلس، وفي طريق العودة، سيطير فوق بيروت ودمشق قبل أن ينحرف إلى القدس ليؤدي صلاة الشكر!

لا ملجأ لك في هذا العالم. أنت مفرد. هناك كثيرون مثلك. مفرد هنا، مفرد هناك، مفرد هنالك.. ولا جمع للمفرد.

***

 الهجرة تمحو الهوية والبقاء يحتاج إرادة من صخر. الصمود خرافة والصلح خيانة والمقاومة تحتاج سلاحاً، والسلاح يتطلب إسقاط الحدود، وإسقاط الحدود ينذر بالوحدة أو بالفتنة. وأهل الفتنة جاهزون أما اهل الوحدة فيناقشون التفاصيل، والتفاصيل تذهب بالقضية. وليس لك وجود بلا القضية، كما أنك تحتاج القضية لتكون، ولكن أين تكون؟ وكيف تكون؟ والأخطر: من تكون ولماذا تكون إذا ما سقطت القضية. فأنت بلا القضية بلا إسم ولا هوية.

***

إسرائيل في كل مكان، وأنت بلا بيت. فتح العرب بيوتهم للعدو وعادوا إلى صحرائهم يقولون الشعر ويلومون الدهر، ثم يغفون ليحلموا بالوحدة والحرية والتقدم وبناء الغد الأفضل للأمة التي صنعت التاريخ قبل أن يقتلها الغرور!

 أفقْ من غفوتك، وانس أحلامك والتفت إلى واقعك: أنت لا أحد! تفترض أنك العالم، لكن العالم لا يعرفك ولا يعترف بك! مثلك مثل المبادئ، الكل يتحدث عن إحترامه لها ولكن الكل يخترقها كل يوم ألف مرة!

قلْ معي: الحمدلله… وتابع طريقك حتى نلتقي. هيا امشِ، عجّل، إركب طائرة، إركب زورقاً، إركب حماراً.. المهم أن تصل. إطمئن، لن يسألك أحد كيف وصلت. إن سألك الجميع متى تغادر. قل لهم ما أنت عليه وما أنت فيه. لا تغادر. مكانك هنا. إسمك هنا. هنا تكون أو لا تكون أبداً

ها أنت في مواجهة الطوفان وحدك! رموا لك القروش وانصرفوا. بعضهم تكرّم بقراءة الفاتحة، وبعض آخر أقام قداساً عن أرواح موتاك ثم عاد إلى ما كان يشغله، وأنت في حزنك تمضغ وحدتك بصمت، ثم تتنهد وتحمد الله، ولا أعرف ولا أنت تعرف على ماذا تحمده! لكنه ملجأ الايمان.. تظن أنه يحميك في حين أنه لا يكون الا بك.

***

إنتبه قد يأخذك التفكير إلى الكفر.

هل لاحظت التشابه بين الكلمتين، لكأنهما متكاملتان.

إستغفر ربك واحمده على نعمه.

الشكر طريقك إلى الجنة وإلا تهتَ والتيه عمر ثانٍ، ولن ينقذك إلا الايزيديون، والايزيديون الذين يحاورون “الإلهين” إله الخير وإله الشر، فيتهمهم الآخرون بعبادة الشيطان، بينما هم مؤمنون.

إهتم بنفسك وبأهلك وإنسَ العالم.

للعالم من يهتم بشؤونه: ترامب هناك ونتنياهو هنا، وأنت أعجز من أن تقاوم ولكنك ترفض الصلح معهما.. ولذا ستظل مُعلقاً في فضاء بلا نجوم، حتى يأتي موعد الشروق فتستفيق مع الشمس، وتحمد الله على نعمه.

***

قلْ معي: الحمدلله… وتابع طريقك حتى نلتقي. هيا امشِ، عجّل، إركب طائرة، إركب زورقاً، إركب حماراً.. المهم أن تصل. إطمئن، لن يسألك أحد كيف وصلت. إن سألك الجميع متى تغادر. قل لهم ما أنت عليه وما أنت فيه. لا تغادر. مكانك هنا. إسمك هنا. هنا تكون أو لا تكون أبداً.

ليس الوطن سفينة، تركبها في رحلاتك خلف مصالحك ثم تتركها وتبتعد عنها مسرعاً لان صفقة جديدة داعبت خيالك وأربكت حساباتك ودفعتك إلى الجحيم.

الوطن ليس سفينةً. ليس طائرةً. ليس سيارةً. ليس دراجةً. ليس معطفاً لإتقاء البرد.

وطنك حيث تكون. أنت الوطن، فاثبت حيث أنت يكون الوطن بك وتكون أنت الوطن!

(*) ينشر بالتزامن مع موقع طلال سلمان: talalsalman.com

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  عن الامبريالية، الدولة العظمى، العظيمات، والمعظومين!
طلال سلمان

رئيس تحرير جريدة السفير

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  دوّامة الانتخابات الاسرائيلية... هل يكون المخرَج عسكرياً؟